مقالات

بعدما فاتحه عون بموضوع السلاح..بري: الأولوية لانسحاب إسرائيل

محمد علوش-المدن

لم تتبدل النظرة الأميركية للملفات اللبنانية المتعلقة بأمن إسرائيل، رغم تغيير شكل الطروحات، ولم تحمل زيارة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت أي مفاجآت على مستوى الرسائل التي حملتها. ورغم الأجواء الإيجابية التي سادت بعد لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين، فإن الرغبة الإسرائيلية في إنهاء حزب الله لا تزال على حالها.

تصف مصادر قيادية في الثنائي الشيعي المشهد العام للزيارة الأميركية، معتبرة أن ما صدر عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد استقباله للمبعوثة الأميركية، وحديثه عن “لقاء إيجابي”، جاء انطلاقًا من الجو الإعلامي الذي خلقته بعض القوى السياسية اللبنانية قبل الزيارة، وليس بناءً على أي تغير في أولويات السياسة الأميركية، وإن اختلف شكل طرحها.
صحيح أن المبعوثة الأميركية لم تحدد مهلة زمنية لإنهاء ملف سلاح حزب الله، لكنها كانت واضحة في التعبير عن رغبتها في أن يتم ذلك في أسرع وقت ممكن. وبحسب المصادر، فإن الثنائي الشيعي يدرك أن هذا الهدف هو رغبة إسرائيلية بالدرجة الأولى، فنتنياهو يشعر أن هذه هي الفرصة الزمنية المناسبة لإنهاء حزب الله تمامًا، وبالتالي يضغط عبر الأميركيين لكي لا تضيع هذه الفرصة. ويبدو أن هناك تلاقياً بين المصالح الإسرائيلية والمصالح المحلية، مما يجعل الحديث عن سلاح حزب الله على رأس الأولويات السياسية في لبنان.

عون يُفاتح بري بمسألة السلاح
بعد اللقاءات مع أورتاغوس، توجه رئيس المجلس النيابي إلى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية. وكان اللقاء بحسب المصادر ودياً ويؤكد على العلاقة الممتازة التي نشأت بين بري وعون بعد وصول الأخير إلى قصر بعبدا، مما أصبح يُقلق خصوم بري وحلفاء عون على حد سواء.
وخلال اللقاء، فاتح رئيس الجمهورية جوزاف عون رئيس المجلس بمسألة سلاح المقاومة، مستفسرًا عن إمكانية بدء النقاش بهذا الملف مع حزب الله. يُدرك الثنائي أن رئيس الجمهورية، الذي يتعامل بحكمة مع الواقع السياسي في لبنان، يرغب في معالجة مسألة السلاح، لكنه لا يزال حذرًا في كيفية مقاربة هذا الملف.

تكشف المصادر عن أن بري خلال اللقاء مع عون أعاد ترتيب الأولويات بحسب وجهة نظر الثنائي الشيعي، مؤكدًا أن مسألة السلاح ستكون قابلة للنقاش الجدي ضمن صيغ يمكن الاتفاق بشأنها مستقبلاً، إلا أن الأولوية اليوم ستكون إلزام العدو الإسرائيلي بالخروج من لبنان وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل العدوان الإسرائيلي، ووقف اعتداءاته وخروقاته. وبعد ذلك، يمكن مناقشة مسألة السلاح بشكل جاد.

احتمال التصعيد قائم
هذا الموقف الذي يتمسك به بري كان قد أبلغه أيضًا للمبعوثة الأميركية، التي وعدت بنقل الطرح إلى الجانب الإسرائيلي على أن تعود لاحقًا بالإجابات. وتتوقع المصادر أن لا يوافق نتانياهو على هذا الطرح. وبالتالي، في ظل الرغبة الإسرائيلية بنزع السلاح في وقت قريب، واستعجال نتنياهو لتحقيق تقدم في هذه المسألة، فإن احتمالات التصعيد ستبقى قائمة، وذلك وفقًا لما قد يحمله المشهد الإيراني-الأميركي.

انتظار تفاوض أميركا وإيران
لم تذكر أورتاغوس في كل لقاءاتها ضرورة عدم ربط الملف اللبناني بالملف الإيراني-الأميركي، لكن مصادر الثنائي الشيعي ترى أن هذا الأمر غير منطقي، لأن الملف اللبناني جزء من الملف الإقليمي، الذي بات مرتبطًا بمصير المفاوضات بين أميركا وإيران. وتشير المصادر إلى أن نجاح المفاوضات قد يُخفف الضغط على ملف سلاح حزب الله في لبنان، حتى وإن لم يُنهيه تمامًا. لكن ذلك سيمنح فرصة لمقاربة هذا الملف بهدوء ضمن رؤية أوسع تتعلق بالدور الشيعي المستقبلي في لبنان.
من جانب آخر، ترى المصادر أن ما جرى في جنوب الليطاني من انتشار للجيش اللبناني وتسليم سلاح هو أمر كبير جدًا ولا ينبغي أن يُعتبر بسيطًا.

لبنان اليوم تحت ضغط دولي كبير، والنافذة الزمنية المتاحة للمناورات السياسية بدأت تضيق، مما يطرح السؤال: هل سيبدأ لبنان في مقاربة ملف السلاح من بوابة المخيمات الفلسطينية، فيعالج مشكلة مزمنة ويكسب الوقت حتى وضوح صورة المنطقة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى