مقالات

توأم بدون همزة

ليس عناق الوسادة علاجاً للأرق. ولكنه حلّ مؤقت لإحياء الأمان ليلاً على الأقلّ. ولكن, ماذا لو كانت كلّ أيامنا ليلاً؟ ماذا لو احتضر الأمان؟ الإجابة ليست ببعيدة. فهي حال النفسيات العربية الشابة المفتقدة لمتطلبات الأمن والأمان في أوطانها. مع العلم أنه ليس مرتبطاً بوضع البلاد وحسب. فنحن ننشأ في أوطان مصغرة أخطر من الملغومة بالحروب والجرائم. فالأسرة هي المسؤولة الأولى عن بث الشعور بالأمان في نفسية الطفل, يليها بعد ذلك المدرسة التي تنمّيه ختاماً مع المجتمع الذي يثبّته. ولكن ماذا يتطلب القيام بهذه العمليات؟

يحتاج الشاب العربي ليشعر بالانتماء. فمشاركة الطفل في اختياره وجبات الطعام وملابس العيد ليس إفساداً للتربية. ولكنه فرصة لترسيخ دور الطفل ورأيه. هذا بالإضافة لطريقة العقاب التي قد تقتلع جذور الأمان للأبد. فالطفل يحتاج للشعور أنه ما زال جزءًا من الأسرة مهما كانت جريمته. ومن هنا, لا بدّ للشاب أن يتربى على أنه ذو صوت يعتدّ به. أما الذي يقتنع أنه صفر على اليسار, فسيقضي العمر لاهثاً ليثبت أنه موجود.

والجدير بالذكر, الواقع العربي الحالي مرتبطٌ بالأمان المتزعزع عند الشباب. فالجماعات المتطرفة والعصابات تعتمد قوة العاطفة لا قوة السلاح. لأنها تستغلّ تردي الأمن لتستقطب الجماعات التي ترغب بالشعور بالانتماء والترابط. وهذا ما يشير إلى حاجة الحكومات العربية لاستبدال أساليب العنف وتشجيع الشاب على الاندماج بالمجتمع وخدمته. وما ازدياد نسبة الهجرة إلا دليل على حاجة الشاب العربي لبيئة تقدّر ما ينجز وتدعمه بالمقومات اللازمة لتقدمه لأنه مواطن مهمّ يستحق التقدير ويمتلك آراءً يحتذى بها.

صفوة القول, لا يحتاج الأمن لخطّة بقدر ما يحتاج لإيمان بأنه الزّاد الأغنى للنفسيّة. فحين نؤمن نقتنع. وحين نقتنع نجسّد. وأمامنا الطرق لا تنتهي… ولو بمجرّد ابتسامة. فسيد الخلق عليه الصلاة والسلام أخبرنا أنها صدقة. ولكن أين نحن من الإسلام؟ أليست الصلاة ملجأً والقرآن دواءً؟ لماذا نصرّ إذاً على قولبة الإسلام بما يتناسب مع أهداف السيطرة بدلاً من إشاعة السّلام؟ فبين سلام وإسلام, الفرق مجرد همزة. ولكنّهما وجهان لعملة واحدة اسمها الأمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى