مقالات

“عبارتان” قد تستغلهما إسرائيل ضدّ لبنان.. هل ستوقف الإغتيالات؟

محمد الجنون- لبنان 24

رغم أجواء التوتر والحديث الإسرائيلي عن إمكانية تدهور وضع جبهة جنوب لبنان إلى حرب ضدّ “حزب الله”، يمكن اعتبارُ زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان قبل يومين دلالة واضحة على أن المسار الديبلوماسي للحل لم ينتهِ والدليل على ذلك هو إستمرار المشاورات التي يمكن أن توصل الأمور إلى نتيجة جيدة.. ولكن، هل يمكن التسليم بأن الأوضاع باتت ذاهبة حقاً نحو الإستقرار السريع؟ وما هي السيناريوهات التي لا يمكن إغفالها أبداً رغم المساعي الديبلوماسية القائمة أميركياً وعربياً على صعيد لبنان وغزة؟

في كلام هوكشاتين، برزت رسالتان: الأولى عبر قوله إن التصعيد بين “حزب الله” وإسرائيل عند الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة لا يخدم لبنان، فيما الرسالة الثانية تقول إنّ أيّ هُدنة في غزة لن تمتد بالضرورة تلقائياً إلى لبنان.
كما هو معلوم، فإن كلام هوكشتاين يتقاطعُ مع جهود عربية ودولية لإحتواء حرب غزة بغية الخروج منها بـ”هدنة جديدة”. إلا أنه في المقابل، لا يمكن لهذا الكلام أن ينفي فرضية تقول إن ما يجري في لبنان قد لا ينتهي بـ”سلاسة”، وأن إسرائيل قد تواصل اعتداءاتها ضدّ لبنان.
يوم أمس، كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واضحاً في قوله إن هوكشتاين لم يقدم طرحاً مكتوباً بشأن جبهة الجنوب، وهذا الأمر يُعتبر مطلباً ضرورياً. بالنسبة للدولة اللبنانية، المطلوب اليوم هو تثبيت شروط مكتوبة توضح مسار المفاوضات والوصول إلى صيغة واضحة للحل، أما إبقاء الأمور قيد الكلام العام والشفهي، فإن ذلك يعني عدم وجود أي ضمانات واضحة للإستقرار المنشود والمطلوب. هنا، وأمام عدم وجود أي “خطوط مكتوبة” لمفاوضات واضحة، لا يمكن أبداً إسقاط فرضية توسع الجبهة رغم أن كل الآمال معقودة على مفاوضات قد يشهدها شهر رمضان عقب إعلان “هدنة غزة”.

إستغلالٌ إسرائيلي
بشكلٍ أو بآخر، يمكن لإسرائيل أن تستغل مضمون رسائل هوكشتاين لتكون حافزاً لها باتجاه مواصلة استهدافاتها في لبنان تحت ذريعة عدم وجود أي مفاوضات واضحة أو شروط مكتوبة يمكن مناقشتها أو الإلتزام بها، وبالتالي تثبيتُ فصل جبهة غزة عن جبهة لبنان. لذلك، قد تلجأ إسرائيل لمنح نفسها هامش حرية أكبر في اتخاذ القرارات العسكرية وبالتالي قد يُترجم ذلك في إمكانية تعقيد الأمور بغية الضغط للوصول إلى تسوية.
حينما يقول هوكشتاين إن التصعيد لا يخدم لبنان، فقد ترى إسرائيل ذلك محفزاً لضرب “حزب الله” أكثر. هنا، يبرزُ عامل “الردع” الممزوج بالتهديد المرتبط بتصعيد الجبهة، في حين أن ما قيلَ قد يجعل تل أبيب واثقة في إستكمال الإغتيالات والضربات ضد “حزب الله” بغية دفع الأخير لتقديم أوراق تنازلاتٍ تقود إلى التسوية والمفاوضات.
في الواقع، يُمكن أن تأخذ عملية الضغط هذا المسار، وما يظهر هو أن ثمن الوصول إلى تلك التسوية المرتقبة قد يكون مسنوداً بخيارات عسكرية صعبة.
بشكل أو بآخر، يمكن أن ترى إسرائيل في “مساندة أميركا” الهدف المطلوب اليوم وسط عملية الضغط الهادفة لـ”تحجيم حزب الله” ودفعه أكثر نحو التسوية على قاعدة تصعيد النار.
لهذا السبب، بات مطلوباً تماماً وجود ورقة مكتوبة لطروحات المفاوضات المرتبطة بجبهة لبنان كي يكون البحث فيها مقدمة لتهدئة الجبهة، علماً أن هذا الأمر لا يمنع إستمرار المناوشات ولكن في إطار محدود. وعليه، فإن المسارات التفاوضية يجب أن تكون ملزمة لإسرائيل، والضمانة الأساس في هذا الأمر يجب أن تكون عبر الأميركيين.

حينما يتحدث الرئيس ميقاتي يوم أمس عن “تغطية دولية” لطرح هوكشتاين، فإنه يعني في ذلك “تدويل الحل” وجعله على شاكلة قرارٍ معلن وذات ضمانات عربية ودولية. الأمر هذا يقوّي أوراق لبنان، لكن العبرة تكمنُ في مدى إلتزام إسرائيل بأي شروط ستُفرض عليها، وأبرزها وقف إنتهاكاتها للبنان والتي قال ميقاتي إن عددها تجاوز الـ35 ألف انتهاكٍ منذ العام 2006 وحتى الـ2024.
في خلاصة القول، قد تكونُ تجربة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بمثابة عاملٍ أساسي يمكن البناء عليه في مفاوضات جبهة الجنوب، لكن الشروط هنا معقدة أكثر وترتبطُ بإلتزامات.. فهل سيقبل “حزب الله” بالتزامات ستخالف وجوده وامتداده؟ وهل سيعني الإستقرار طويل الأمد، إنكفاء لدور الحزب مستقبلاً؟ هذه الأسئلة مطروحة بشكل كبير بشأن المرحلة المقبلة، وحتماً فلننتظر…

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى