“تكنولوجيات مثيرة للإعجاب”… “هآرتس” تتحدث عن رد إيران الإنتقامي!
استبعدت صحيفة “هآرتس” انتقام إيران من إسرائيل لمقتل زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، على أراضيها في الوقت القريب.
وأوضحت أن الوقت الذي مر، إلى جانب تصريحات الحرس الثوري بأن “الوقت في صالحنا” للرد لكن بدون تقوية موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو،، فضلا عن التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه طهران، جميعها عوامل أدت إلى تغذية هذه التكهنات في الغرب والتي تستبعد رد فعل من إيران على مقتل هنية.
وعرضت الصحيفة عددا من تصريحات المسؤولين الإيرانيين الحاليين والسابقين التي تؤكد صحة افتراضها. وقال محسن رضائي، رئيس الحرس الثوري الإيراني السابق، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” “لقد حققنا في العواقب المحتملة. ولن نسمح لنتانياهو، الذي يغرق في المستنقع، بإنقاذ نفسه. ستكون الإجراءات الإيرانية محسوبة للغاية”.
وذكرت الصحيفة أن علي محمد نائيني، المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، تبنى لهجة مماثلة. وقال، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية الإيرانية: “الوقت في صالحنا وقد تطول فترة الانتظار لهذا الرد”.
ووفقا للصحيفة، غذت هذه التصريحات، والوقت الذي مضى منذ اغتيال هنية، المنسوب لإسرائيل، في دار الضيافة الرسمية للحرس الثوري في طهران، تكهنات في الغرب بأن إيران لا تخطط لشن هجوم على إسرائيل في أي وقت قريب.
وأوضحت أنه لا أحد يجادل في أن استعراض القوة الذي قامت به واشنطن، والذي تضمن نقل حاملات الطائرات والقوارب الصاروخية التي تستخدم الآن البحر الأبيض المتوسط مؤقتًا كقاعدة لها، لعب دورًا رئيسيًا في التأثير على تلك “التداعيات المحتملة” التي تحدث عنها رضائي، بالإضافة إلى التحذيرات العلنية التي وجهها الرئيس الأميركي، جو بايدن لإيران، وكذلك الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلتها الإدارة الأميركية، عبر لاعبين إقليميين آخرين مثل قطر والسعودية وعمان وتركيا والإمارات.
وترى الصحيفة أن كلا من هذه الدول لها أهمية كبيرة في عملية صنع القرار في طهران، لأنها حاسمة لاستراتيجيتها في السياسة الخارجية، التي تسعى إلى وضع إيران كدولة “صديقة إقليميًا” لا تشكل تهديدًا لجيرانها. وتم وضع هذه السياسة من قبل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وسعى الرئيس السابق إبراهيم رئيسي إلى تنفيذها حتى مقتله في حادث تحطم مروحية في أيار.
ووفقا للصحيفة، بذلت طهران جهودًا كبيرة لتوضيح أن هذه الاستراتيجية لم تتغير حتى بعد الهجوم الصاروخي والطائرات بدون طيار الذي شنته على إسرائيل في أبريل ردًا على اغتيال محمد رضا زاهدي، قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري في سوريا ولبنان.
وذكرت الصحيفة أن إيران صورت هذا الهجوم على أنه “رد مدروس” لم يكن يهدف إلى إشعال حرب إقليمية. وعلاوة على ذلك، قالت إن إيران لديها “حق مشروع” في الدفاع عن سيادتها، حيث قُتل زاهدي في مبنى تابع للقنصلية الإيرانية في دمشق، والتي، مثل كل سفارة وقنصلية، تعتبر أراضي سيادية لمالكها.
وتحدثت الصحيفة عن عدد من الأسباب الداخلية التي تمنع طهران من الإقدام على أي رد فعل يدخلها في حرب هي في غنى عنها حاليا، موضة أنه في حين أن إيران طورت تكنولوجيات مثيرة للإعجاب، وأرباحاً من تصدير الطائرات بدون طيار إلى روسيا (تكلفة إنتاج طائرة بدون طيار إيرانية من طراز شاهد 136 تتراوح بين 20 ألفاً و50 ألف دولار، وتباع إلى روسيا بنحو 190 ألف دولار)، وتصدر النفط إلى الصين، فإنها لا تزال بعيدة كل البعد عن تغطية احتياجاتها الحالية.
ووفقا للصحيفة، يقدر تقرير لصندوق النقد الدولي في أبريل أن إيران تحتاج إلى أن يكون سعر برميل النفط 121 دولاراً من أجل الحفاظ على موازنة متوازنة، وكان سعر البرميل هذا الأسبوع نحو 79 دولاراً، ومن المتوقع أن ينخفض. وعلاوة على ذلك، ووفقاً لرويترز، تمنح إيران الصين خصماً قدره 13 دولاراً للبرميل، وفرصها في سد هذه الفجوة ضئيلة ما لم تحدث أزمة نفطية عالمية فجأة.
وأفاد البنك المركزي الإيراني أن الديون المستحقة على الحكومة والشركات التابعة لها تبلغ نحو 118 مليار دولار، أي نحو 4 مليارات دولار أكثر من العام الماضي. ويتلخص علاج إيران في الاقتراض من صندوق التنمية الوطني، وهو صندوق طوارئ مُنعت الحكومة من الاقتراض منه في الماضي. وحجم الأموال المتراكمة في هذا الصندوق غير معروف، لكن وفقاً للتقارير الواردة من إيران، حصلت الحكومة بالفعل على قرض بقيمة 100 مليار دولار منه، بحسب الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن إيران تستخدم آلية أخرى بشكل مفرط وهي طباعة النقود، وهي الخطوة التي أغرقت الأسواق بالريالات المنخفضة القيمة بشكل كبير وتسببت في ارتفاع التضخم، الذي يقدر رسمياً الآن بنحو 42%. ومع ذلك، فإن معدل التضخم لا يعكس بشكل كامل ارتفاع الأسعار.
ويتوقع تقرير للبنك الدولي صدر في يونيو أن يبلغ النمو الاقتصادي السنوي هذا العام 3.2% فقط، مقارنة بـ 5% في العام الماضي. ومن المتوقع أن يصل النمو في العام المقبل إلى 2.7% فقط.
وقدم استطلاع أجراه مركز أبحاث الرئاسة بيانات قاتمة حول خطط الطلاب والمهنيين ورجال الأعمال والمستثمرين ورواد الأعمال الإيرانيين للهجرة. والأسباب الرئيسية للرغبة في مغادرة إيران مدرجة في التضخم والبطالة والافتقار إلى الأفق الاقتصادي.
ويمكن إضافة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر إلى هذه القائمة، بحسب الصحيفة التي ذكرت أنه وردت أنباء هذا الأسبوع تفيد بأن محطة الطاقة الإقليمية في محافظة خراسان رضوي أمرت المحطات بخفض استهلاك الطاقة بعشرات النقاط المئوية لمدة أسبوعين. وهذه قنبلة يجب على الرئيس الجديد مسعود بزشكيان أن يبطل مفعولها.
وذكرت تقارير مختلفة أن بيزيشكيان حث خامنئي على عدم شن هجوم ضد إسرائيل حتى لا يغرق الدولة في اضطرابات اقتصادية. وإذا جرت مثل هذه المحادثة، فمن المفترض أن الرئيس أخبر خامنئي بالتداعيات التي قد تخلفها مثل هذه الحرب على إرثه، وربما ذكره حتى بنتائج الحرب الإيرانية العراقية، التي شارك فيها، بحسب الصحيفة.
واعتبرت الصحيفة أن هذه المخاوف بمثابة اعتبارات عقلانية لإيران للامتناع عن الصراع الشامل في بداية حرب غزة، لكن من الصعب تقييم مدى ثِقَل الإهانة والرغبة في الانتقام التي تشعر به إيران.