مقالات

سيناريو ينتظر “حزب الله” والجماعة الإسلامية.. “التصادم” وارد!

محمد الجنون- لبنان 24

“السنوات المقبلة ستكون مختلفة جداً”.. الجملةُ هذه مثّلت عنواناً لفيديو أظهر عناصر مثلمين من “قوات الفجر” – الجناح العسكري للجماعة الإسلامية في لبنان، وذلك خلال “استعراض عسكري” أقيم أول من أمس في ببنين – عكار، خلال تشييع قياديين إثنين من الجماعة إغتالتهما إسرائيل في بلدة ميدون هما مصعب وبلال خلف

الجملةُ هذه تحمل معانٍ كثيرة من الناحية السياسية والعسكرية، علماً أنّ “توسع الجماعة” على الصعيد الداخلي قد لا يلقى تأييداً كبيراً نظراً لعدم قبولها كـ”حالة سُنية” تعوّض إنكفاء “تيار المستقبل”.
ما يجري الآن هو أن الجماعة الإسلامية قررت تعويض خسائرها السياسية التي تلقتها في أكثر من منطقة من خلال العمل العسكري المرتبط بمواجهة إسرائيل. المسألة هذه باتت محسوبة، فيما يساهم هذا الأمر بطرح تساؤلات عما تخطط له الجماعة مُستقبلياً على صعيد سلاحها ونفوذها العسكري في جنوب لبنان.
“تصادم ميداني”؟

تقولُ مصادر معنية بالشؤون العسكرية أنّ حالة “قوات الفجر” كانت وليدة الإحتلال الإسرائيلي عام 1982، لكنها انكفأت بشكل كبير عقب بروز نجم “حزب الله” طوال السنوات التي سبقت جنوب لبنان عام 2000، وتضيف: “في العام 2006، اختارت قوات الفجر أن تتبنى عمليات ضد إسرائيل في جنوب لبنان، فيما كانت المعركة الحالية بوابة عبور لها مجدداً لإثبات وجودها”.
المفارقة، بحسب المصادر، هو أن الجماعة لم تذهب بعد حرب تمّوز لتبني خطابٍ “يثبت وجودها السياسي والعسكري”، علماً أن آفاق المرحلة المقبلة على هذا الصعيد باتت تُدرس جدياً الآن في أروقة التنظيم السني، لاسيما أنه بات له شهداءٌ “على طريق الجنوب” سيمثلون بطاقة عبوره نحو تثبيت وجوده أكثر وترسيخ ما يريده سياسياً بالدرجة الأولى.
وفي حال كانت الجماعة الإسلامية راغبة في تكريس “قوات الفجر” كحركة مقاومة فعلية مستمرة ودائمة ضد إسرائيل، فإن ذلك سيعني بالدرجة الأولى دخول “شريك جديد” مع “حزب الله” على أرض الجنوب، وذلك بمعزلٍ عن نطاق انتشار الأخير توازياً مع أي تسوية مقبلة يتم العمل عليها لإنهاء التوتر الحدوديّ مع إسرائيل.
المصادر تلفت إلى أن هذا الأمر المطروح سيعني أن الحزب لن يبقى وحيداً على الجبهة، في حين أن أطرافاً أخرى قد “تزداد شهيتها” للدخول إلى الميدان الجنوبيّ، ما يساهم بدرجة كبيرة في تحويل الأمور إلى “صراع خفي” في أماكن مختلفة خصوصاً إن وجد كل طرف أن الآخر سيؤثر عليه استخباراتياً وعسكرياً.
السيناريو هذا مطروح، وتقول المصادر عينها إنّ التصادم الميداني قائم وبشدة، ما سيجعل إمكانية اندلاع مواجهة ضمنية بين الأطراف المختلفة واردة إلى حد كبير، والسبب هو أنّ الجماعة الإسلامية لا تتفق عقائدياً مع “حزب الله“، في حين أن الإلتقاء الميداني لا يعني إندماجاً سياسياً في ظل الإفتراق الإستراتيجيّ إن كان على صعيد الحرب السورية وغيرها.
إمتدادٌ حقيقي لـ”حماس
ما سيحصل مع حالة الجماعة الإسلامية هو أنّ وجودها لن يكون مقتصراً على ذاتها فقط، بل ستكون حركة “حماس” الداعم الأبرز لها خلال المرحلة المقبلة وذلك في إطار تعزيز “التحالف” والإمتداد القائم بين الطرفين.
الأمرُ هذا قد يشكل إحراجاً لـ”حزب الله” من ناحية أو بأخرى، ففي حال وافق ضمنياً على هذه الآفاق الخاصة بالجماعة و “حماس“، فإنه بذلك سيكون قد أقرّ فعلياً بنفوذ فلسطيني جديد داخل لبنان من بوابة الجنوب، الأرض التي تعتبر معقلاً أساسياً له.
كل ذلك سيتعارض مع ما يمكن أن تقدمه التسويات المقبلة، لهذا السبب تلفت المصادر إلى أنّ المطلوب هو مقاربة واقعية لنفوذ كل طرفٍ وجد نفسه معنياً بالصراع القائم، وذلك على قاعدة “ترتيب الوجود”.
الشارع.. هل سيقبل بـ”إمتداد الجماعة”؟
ضمنياً، تعتبر الجماعة حزباً فاعلاً من الناحية التنظيمية والسياسية والإجتماعية، لكن المؤيدين لها ينحصرون في جبهة المناصرين والمحازبين. كذلك، فإن “العراضات” التي حصلت مؤخراً أدت إلى إهتزاز صورتها بشكل كبيرٍ، لاسيما أن المشاهد التي جرى رصدها غير مُطمئنة.
مصدرٌ سياسي في حزب لبناني بارز يقول إن “الجماعة مقبولة لدى الأطراف المحسوبة عليها، لكن قد لا تلقى قبولاً موسعاً لدى البيئة السنيّة ككل”، ويتابع: “الجماعة تعتبر امتداداً للإخوان المسلمين في مصر، وبروزها في لبنان سيكون إحياء لنفوذ الإخوان بشكل أو بآخر، وقد يكون ذلك بمثابة انتصار لهذا المعسكر. لذلك، قد لا يحوز هذا الأمر على قبول لبناني، ولهذا السبب قد لا يكون امتداد وتوسع الجماعة أمراً قائماً بشكله الفعلي”.
على أساس ذلك، يرى المصدر أنّ الساحة السنيّة هي التي ستُحدّد كل ما يتعلق بهذا النفوذ، مشيرة إلى أن الإنتخابات البلدية التي تم تأجيلها مدة سنة كاملة، كادت أن تكون إمتحاناً واختباراً لنفوذ الجماعة في المناطق السنيّة المختلفة بعد الحرب، لكن هذا الأمر تم إرجاؤه حالياً وبالتالي لا أداة شعبية بيد التنظيم المذكور لفحص قاعدته الشعبية أولاً والقواعد الأخرى ضمن البيئة التي ينتمي إليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى