خاص” الملفات” – محمد علوش
كما كان متوقعاً لم يأت المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان بجديد الى لبنان، فبعد مرور عام تقريباً على زيارته الأخيرة الى بيروت، عاد الرجل للاستماع فقط دون وجود أي مبادرة جدية وفعلية لإنجاح انتخاب رئيس للجمهورية، ورغم ذلك يمكن الإضاءة على نقطتين أساسيتين حملهما لودريان معه الى بيروت.
النقطة الأولى بحسب مصادر سياسية بارزة كانت تحديد سقف زمني لانتخاب الرئيس هو آخر تموز، بعده لن يتمكن لبنان من تسيير هذا الاستحقاق الى ما بعد الانخابات الأميركية الرئاسية التي قد تنجح إدارة جديدة تحتاج ثلاثة أشهر على الأقل لكي تبدأ العمل، أي نكون قد دخلنا في العام 2025 بظل الفراغ الرئاسي، وترى المصادر عبر “الملفات” أن تحديد هذه المهلة من قبل لودريان لم يكن فرنسياً بل أميركياً لأنه بات معلوماً ان الولايات المتحدة الاميركية تدخل في زمن الانتخابات منتصف شهر آب.
أما النقطة الثانية البارزة كانت توجه لودريان نحو فكرة الخيار الثالث، وهنا للتوضيح فإن الخيارين الأولين هما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والمرشح جهاد ازعور، وبالتالي فإن الدفع باتجاه المرشح الثالث قد يعني بحسب الفرنسيين قائد الجيش جوزاف عون أو أي إسم آخر قد يأتي بتوافق لبناني، إنما بحسب المصادر فإن ما لم يتحدث بشأنه لودريان هو كيفية الوصول الى فكرة الخيار الثالث، وكيف يمكن تحقيق توافق بين اللبنانيين دون وجود تسوية كبرى.
تُشير المصادر عبر “الملفات” الى ان الثنائي الشيعي الداعم لترشيح رئيس تيار المردة لم يستسغ فكرة الخيار الثالث، كونها لم تأت ضمن “ديل” يمكن مناقشته، بل كان كل ما يقوله لودريان يؤدي الى أن الثنائي عليه التنازل عن مرشحه دون تصور واضح وجدي للمرحلة المقبلة، وهذا ما لن يحصل بطبيعة الحال.
تؤكد المصادر أن انتخابات الرئاسة لم تكن معلقة طيلة المرحلة الماضية بسبب خلاف حول الإسم فقط، بل هناك ملفات أساسية حول طبيعة النظام والحكم والسلطة والحكومة والوضع الاقتصادي تشكل أساساً في أي تسوية رئاسية، وبالتالي طالما لم تُطرح هذه المسائل على الطاولة فلن يكون هناك رئاسة.
وبالنسبة الى المهل، فالرئاسة لا تُحل بهذه الطريقة السطحية، فالكل مستعد لإجراء الانتخابات وفق تسوية واضحة المعالم وبالتالي ترى المصادر أن الثنائي الشيعي لا يقبل التعاطي وفق منطق الفرض على الإطلاق، وبحال كان مؤيداً للعمل الفرنسي بداية بسبب مبادرته الشهيرة القائمة على فرنجية مقابل نواف سلام، فإنه اليوم لا يجد بالتوجه الجديد سبيلا للنجاة.
يرى الثنائي أن مرشحه هو الأقوى حالياً، ولا يقبل بشرط التخلي عن مرشح لأجل الدخول في حوار أو تشاور، لذلك كان الموقف موحداً في حارة حريك وعين التينة وبنشعي، وتكشف المصادر أن مجرد فكرة التوجه نحو خيار ثالث لا يعني التوافق بين الجميع حول مرشح، بل سيكون لفرنجية وحلفائه أفضلية التوصل الى اتفاق على مرشح ثالث يتم إيصاله الى بعبدا، وعندها ستكون المعارضة خارج اتفاق من هذا النوع.
حتى الساعة تمسك فرنجية بترشيحه وتمسك داعموه بإيصاله الى بعبدا، ومن حيث المبدأ لن يكون هناك رئاسة قبل انتهاء الحرب في المنطقة، إلا بحال تمكن المعنيون من التوصل الى صيغة تسوية رئاسية في لبنان بمعزل عما يجري على الحدود، وهذا ما سيكون صعباً.