في 21 شباط الماضي، ادّعى عدد من المواطنين لدى نقطة القليعة ومخفر برج الملوك، في وحدة الدرك الإقليمي، ضد مجهولين، بجرم سرقة ما يفوق 21 طناً من المحاصيل الزراعية (جوز وأفوكا) من البساتين العائدة لهم في بلدتي القليعة وبرج الملوك، وذلك في أثناء غيابهم عن بلداتهم بسبب العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان. وبعد التحقيقات التي نشرت القوى الأمنية خلاصتها، تبيّن أن أشخاصاً من التابعية السورية، قاموا ببيع محاصيل مماثلة لثلاثة محلات خضار على طريق عام القليعة – إبل السقي، وتم توقيفهم مطلع شهر آذار. وقد اعترفوا بسرقة المحاصيل بالاشتراك مع آخرين.
منتصف شهر آذار وقعت حادثة مشابهة في “الحوش”- صور، حيث تبيّن مشاركة نازحين سوريين اثنين ووالدتهما بسرقة بستان أفوكا، ما يعني أن سرقة المحاصيل لا تقتصر فقط على ما نسمعه من بعض القرى الحدودية، التي نزح أهلها جرّاء الحرب الإسرائيلية على لبنان، والتي تشهد سرقات تطال المحاصيل وغير ذلك، كما حصل في مجدل زون مؤخراً. عندها، تم توقيف سارق يسرق مضخات المياه من المنازل، بل تصل إلى الساحل اللبناني وعمقه القريب.
500 طنّ حجم السرقات
في البابلية-قضاء صيدا، ومحيطها من القرى، لا تحصل سرقات “الأفوكا” في بستان واحد، كما أنها لا تحصل مرة واحدة للبستان. فحسب محمد حجازي، وهو صاحب أحد البساتين في منطقة البابلية، ومساحته 175 دونماً، فإن بستانه تعرض للسرقة 3 مرات، والمسروقات وصلت إلى حدود 9 أطنان، يصل ثمنها إلى حوالى 20 ألف دولار أميركي، مؤكداً في حديث لـ”المدن” إلى أن بستانه ليس الوحيد الذي سُرق خلال الأسابيع الستة الماضية.
ويضيف: “يمكن القول أنه لا يوجد بستان كبير لم يُسرق بعد، فبستان “القطري” سُرق مرتين، وبستان عماد الأمين 4 مرات، وبستان رضا مروة سُرق، وبستان أبو نادر الحريري وأيضاً أبو أحمد حطيط، وكلها بساتين كبيرة للغاية”، مشيراً إلى أن حجم المسروقات في هذه المنطقة وصل إلى 500 طنّ، وثمنها مليون دولار أميركي.
يشدد حجازي في حديثه أن المسروقات يُباع جزء منها في السوق المحلية، وجزء آخر يتم تصديره إلى الخارج. ويقول: “حجم السرقات وانتشارها من الساحل إلى عمق الجنوب يعني أننا أمام عصابات منظمة لسرقة الأفوكا”.
خمسة مشتبه بهم قيد الملاحقة
حتى اللحظة، لا توافق مصادر أمنية جنوبية متابعة على فرضية وجود عصابات منظمة أو مافيا تعمل في سرقة الأفوكا وتصريفه داخل لبنان وخارجه، مشيرة إلى أن السرقات التي تجري في اكثر من منطقة تم كشفها وضبط مرتكبيها وقد نُشر الأمر في الإعلام.
أما بخصوص السرقات في المنطقة التي نتحدث عنها (صور وجوارها)، فتكشف المصادر أن الأجهزة الأمنية تملك خيوطاً مهمة في هذه القضية ويوجد 4 أو 5 أشخاص مشتبه بهم بهذه السرقات، وهم أشقاء من أب سوري وأم لبنانية، تدور حولها أسئلة وشبهات أيضاً بخصوص المشاركة مع أولادها، ويسكنون في بلدة جنوبية من بلدات قضاء صيدا.
وتضيف عبر “المدن”: “المشتبه بهم كانوا يملكون بسطة لبيع الخضار على مفرق العباسية، وكانوا ربما يصرّفون السرقات من خلالها، كما من خلال التوصيل للحسبة (سوق الجملة)”، مشيرة إلى أننا “منذ أيام كنا قاب قوسين أو أدنى من توقيف أحدهم قبل أن يتمكن من الفرار، ولكنهم قيد المتابعة وسيتم توقيفهم قريباً بعد أن تركوا منزلهم وتواروا عن الأنظار”.
وعمّا اذا كان بإمكان 5 أشخاص تنفيذ سرقات بهذا الحجم للبساتين، تكشف المصادر أن المشتبه بهم يملكون سيارتين من نوع رابيد، وبالتالي بحال دخلوا أحد البساتين خلال الليل فيمكنهم ملء السيارتين والمغادرة، علماً أنهم يسرقون “الثمار” ويسببون الضرر الكبير لأغصان الشجر، ما يدل على سرعة أدائهم، مشددة على أن وجود هؤلاء كمشتبه بهم لا يعني أنه لا يوجد غيرهم قد تورط في سرقة المحاصيل.
حسب المصادر، فإن الحل في هذه القضية هو توقيف السارقين، لأن حماية البساتين من خلال تأمين العناصر البشرية هو أمر مستحيل، بسبب حجم المساحات التي تنتشر عليها البساتين.