خاص Janoub360

صيدا ليست وحيدة !!

عادت مدينة صيدا من جديد لتتصدر المشهد العام ،فوقعت المواجهة المنتظرة بين جمعيات المجتمع المدني والجمعيات النسوية من جهة والمحافظين الاسلاميين من جهة ثانية وكان المسرح شاطئ المدينة الشعبي ، وجرت هذه المواجهات على خلفية اعتداء كان قد حصل الأسبوع الفائت ضحيته سيدة صيداوية ترتاد الشاطئ برفقة زوجها مرتدية المايو على الشاطىء العام .

لم تلفت اكوام النفايات المنتشرة نظر احدا من المتناحرين على هوية الشاطىء ولا حتى مجرور الصرف الصحي بما يشكله من خطر على البيئة والصحة العامة كونه لا يبعد سوى امتار قليلة عن مدخل الشاطىء الذي من المفترض أن يكون رمز الجمال والحضارة للمدينة العريقة

تُركت إبنة صيدا ميساء حانوني وحيدة في معركة الحريات العامة ، فلم يناصرها أحد من ابناء صيدا المعتدلين والجمعيات الأهلية، ليس لموقفهم الرافض للحركات، بل تجنباً لمواجهة صيداوية صيداوية، هذا ما عبّر عنه رئيس بلدية صيدا محمد السعودي في مقابلة تلفزيونية قائلاً :” على الصعيد الشخصي لو وجدت إمرأة ترتدي لباس البحر على الشاطىء لا أطردها ، بل عالعكس أنزل واسبح معها “. مما يعكس الضغوط الجسيمة التي تتعرض لها البلدية في هذا الموقف مما دفعها لحسم الجدل وإنهاء قضية الحريات العامة بوضع لافتة تطلب فيها من رواد البحر :التقيد ب “اللباس المحتشم”.

غياب المرجعيات الدينية والسياسية

وعلى الرغم من ان هذه الاشكالية المستحدثة تطال الشارع الصيداوي بأسره ، فقد لوحظ تسجيل غياب لافت لمرجعياتها الدينية ، فلم نشهد أي تعليق ولو بعبارة او أي ابداءرأي من مفتي صيدا سليم سوسان حول الجدلية القائمة على امتداد الاسبوع ،مما أتاح الفرصة ل هيئة علماء المسلمين لاقتناصها بغية البروز كمدافع وحيد عن “عفة المدينة”وطهارتها ،غير أن حضور الشيخ حسام العيلاني وهو المقرب من حزب الله وظهوره أمام الإعلام أفسد الأمر على الهيئة، وعلى ضوء ذلك قامت الهيئة بإرسال متحدثها الرسمي الشيخ أحمد عمورة على عجل الى ساحة المعركة في محاولة منها لإسترداد الانتصار لجعبتها .. ولكن حضور العيلاني كان أقوى لدرجة انه احتل مقدمات الاخبار المسائية.

اما المرجعيات السياسية اختارت البقاء على الحياد وعدم التدخل، فتغريدة أمين عام التنظيم الشعبي أسامة سعد المسائية على تويتر ليست سوى بمثابة غسل ماء الوجه و رفع العتب حين قال معلقاً : ” الحيّز العام لكل الناس… ‏يلتقون فيه على إختلاف طبقاتهم وثقافاتهم وأزيائهم بقبول ورضا وغضّ بصر… ‏غير ذلك توتر وتعدي وفوضى… ‏”حدن بدو يحرق المدينة وحدن بدو ياها على كيفه و إلا” !!!… ‏خطاب متوتر وإنفعالات متفلّتة مشهد لا يرضي صيدا المهمومة والمنشغلة بأمور أكثر أهمية … ‏شوية تواضع الناس مش ناقصها… “

أما الدولة الغائبة والمغيبة ، فعبرت على لسان وزير سياحتها عن امتعاضها مما حدث في صيدا وقال : ” أستنكر ما يحصل على شاطئ صيدا ويجب احترام الثقافات والحريّات ونطمح للوصول إلى دولة مدنية والشاطئ ملك عام وسأقوم باتصالات مع الوزراء للوصول الى حلّ” .

صوت خرق كل الأصوات

وحدها الناشطة الصيداوية سهاد عفارة غردت خارج السرب، فأطلت في فيديو على صفحتها متحدثة بلغة الوعي والانفتاح واحترام الاخر دون ازعاج أحد . فكان الصوت الصيداوي الذي صرخ في وجه الجميع .. صيدا جميلة وتستحق الحياة ..

صيدا ليست وحدها، قبلها بلدية الخرايب طردت إمرأة تلبس شورت على شاطئها ، ومن منا لا ينسى الحملة التي شنت على الشابة نداء حمزة التي سبحت بالشورت في نهر عربصاليم ونشرت صورها على مواقع التواصل ، رغم عدم وجود أحد على النهر .. هدر دم الشابة يومها . في لبنان دولة القفز عن القانون ، تحاول كل مجموعة فرض اراءها ومعتقداتها بالقوة  متخطية بذلك القانون اللبناني الذي يكفل الحرية العامة .

وحده صوت سهاد ، التي صرخت بأعلى الصوت ، لن نترك صيدا وحيدة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى