
في ظلّ التصعيد العسكري المستمر بين إيران وإسرائيل، تعيش المنطقة على وقع تحوّلات متسارعة تُنذر بتداعيات اقتصادية خطيرة، تبدأ من الأسواق المالية ولا تنتهي عند أمن الطاقة العالمي. ومع تزايد الحديث عن احتمال إغلاق مضيق هرمز وارتفاع أسعار النفط، تتّجه الأنظار إلى التأثيرات المحتملة على الاقتصاد العالمي، في مشهد يزداد ضبابيةً وتعقيدًا يومًا بعد يوم.
في هذا الإطار، أكّد الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أنيس أبو دياب، في حديثٍ إلى “ليبانون ديبايت”، أنّ الحرب الإيرانية – الإسرائيلية أدخلت المنطقة في حالة من التوتّر وعدم اليقين، ما يؤدّي إلى تراجع في الاستثمارات، وتضخّم في الأسعار، وأزمات حادة في الطلب على السلع. هذا الواقع ينعكس انخفاضًا في أسعار السلع المرتبطة بالاستخدام الطويل الأمد، وارتفاعًا في أسعار السلع الاستراتيجية، كالنفط وغيره.
ولفت إلى أن “ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية، خصوصًا النفط، يعود إلى كون إيران ومنطقة الخليج العربي من أبرز المنتجين للموارد الطبيعية عالميًا، وبالتالي فإن أي اضطراب هناك سيؤثر حتمًا على الطلب العالمي على النفط والغاز”.
وأشار إلى أنّه “في حال إغلاق مضيق هرمز، أي إذا دخلنا في حرب المضائق، فإن الوضع الاقتصادي سيزداد سوءًا، إذ يمرّ عبر المضيق حوالى 20 مليون برميل من النفط يوميًا، ويُنقل عبره أيضًا نحو ربع إنتاج الغاز العالمي. وفي هذه الحالة، قد تقفز أسعار النفط إلى ما بين 120 و150 دولارًا، وربما أكثر، بحسب تقديرات شركات كبرى، لا سيما إذا استمر الإغلاق لفترة طويلة أو إذا تحوّلت الحرب إلى استنزاف يمتدّ لأشهر”.
وشدّد على أن “إغلاق مضيق هرمز دونه تحدّيات، حتى بالنسبة إلى إيران، لأنّ 80% من صادراتها النفطية تمرّ عبر هذا المضيق، وبالتالي يبقى السؤال: هل تستطيع طهران الإقدام على هذه الخطوة وتحمّل تبعاتها؟”.
وأضاف: “في حال تحقق سيناريو ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 120 دولارًا، فإنّنا مقبلون على تضخّم شديد في الأسواق العالمية، في وقت لم تخرج فيه الدول بعد من التضخّم الناتج عن جائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية. هذا قد يؤدي إلى ارتباك في سياسات المصارف المركزية، وإلى احتمالات ركود، بل وربما كساد كبير، ما يعني تغييرات حادّة في أسعار النفط، وانهيارًا في بعض العملات، وارتفاعًا كبيرًا في البطالة”.
وتابع: “نحن الآن في اليوم الخامس للحرب، ولم نشهد بعد ارتفاعًا حادًا في أسعار النفط، إذ ما زال يتراوح بين 74 و75 دولارًا للبرميل، أي بزيادة بين 8 و10% فقط، وهي نسبة لا تُعتبر عالية. لكن استمرار الحرب حتمًا سيقود إلى قفزات كبيرة في الأسعار، مع تداعيات تطال كل الاقتصادات من الخليج إلى أوروبا”.
وأشار أيضًا إلى أن “الاقتصادين الهندي والصيني سيتأثران بشكل مباشر، لكونهما يعتمدان على النفط الإيراني والروسي، ما سيعقّد المشهد الاقتصادي العالمي أكثر”.
وختم أبو دياب بالقول: “نحن نعيش في مرحلة عدم يقين عميقة، ونتمنّى أن لا تطول، لأنّ اتساع رقعة الحرب ودخول أطراف إضافية، مثل الولايات المتحدة، سيؤدي إلى تداعيات اقتصادية هائلة على مستوى العالم”