أخبار محلية

هوكشتاين “خدع اللبنانيين”.. جنبلاط: بعد اغتيال نصر الله إيران هي المُحاور

في زمن الأزمات والتحديات الكبرى، يسطع نجم النائب السابق وليد جنبلاط الذي درج على تغليب لغة التهدئة وسياسة التلاقي في الداخل، مع خشيته من مخطط إسرائيل التي تنفذ “تدميراً ممنهجاً” في الجنوب.

يرى أن آموس هوكشتاين “خدع اللبنانيين”. ويتوقف عند خطورة اغتيال السيد حسن نصرالله، “فبعد مقتله من سنحاور؟ أصبحت إيران هي المُحاور”. ومن دون أن يقلل من موقع الرئيس نبيه بري الذي “له زعامته ومكانته”، يؤيد التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، ولا يتبنى اسمه أو سواه لرئاسة الجمهورية.

“النهار” التقته في منزله في بيروت، جالسا على كرسيه تحت صورتي والديه، وكان معه الحوار الآتي:

* نبدأ من سؤالك الشهير إلى أين؟

– يبدو أن ما يحصل هو تغيير ما تبقى من معالم سايكس- بيكو. أرى تغييرا كبيرا في المنطقة. لقد تغيرت هذه المعالم أساساً عام 2003 عندما جرى غزو العراق من جورج بوش والفريق المتصهين الأميركي آنذاك، ووقف عند حدود سوريا وكان يريد تدميرها، ثم استمر. أعود إلى الماضي وقد يحدث هذا الموضوع تغييراً إذا استمرت إزالة غزة، وآخر معلم هو الأردن وفلسطين. ووفق الأدبيات الإسرائيلية، ليس هناك شيء يسمى فلسطين بين البحر والنهر. قالها إيغال ألون وكان وزيرا للخارجية عام 1967، إن شرق الأردن هو فلسطين.

* هل ما زال الإسرائيلي يقيم على التفكير نفسه؟

– هناك بعض الإسرائيليين أو بعض اليهود وبنيامين نتنياهو يؤمنون بنظرة توراتية حيال لبنان حول الصراع مع الكنعانيين. وهناك خليط جديد قديم دخلنا فيه بقوة السلاح بمباركة أميركا. وجو بايدن نفسه قال “لو لم توجد إسرائيل لوجدناها”، وهو كاثوليكي.

* هل تخشى اقتطاع إسرائيل مساحة من الجنوب؟

– ليس اقتطاعا. في الوقت الحاضر هناك تدمير ممنهج للجنوب. كلما تقدم الإسرائيلي ودخل أي قرية سيدمرها ويمحوها من الوجود، لأن هناك مشروعا قديما جديدا من أيام الانتداب الفرنسي قبل أن تولد إسرائيل لترحيل شيعة لبنان من جبل عامل إلى العراق. ولا تزال هذه الأفكار قائمة.

* عندما تقول إن هوكشتاين خدعنا، هل هذا يعني أن كل المبادرات والمفاوضات ليس لها قيمة؟

– ربما خدعنا. هو وسيط حاول مع الرئيس بري مساعدة لبنان في ما يتعلق بالحدود. بقيت 13 نقطة لكنه لا يمون على إدارة نتنياهو، وهو صديق لأولاد بايدن ويطمح إلى أن يصبح وزيرا للخارجية في حال انتخاب كامالا هاريس، لكن كل الإدارة الاميركية أمام نتنياهو لا تساوي شيئاً، ولا نأمل تغييراً في السياسة الأميركية. ما حصل في غزة قام على ردة فعل، ولكن لا شيء يبرر إبادتها.
* كيف ترى تعامل “حزب الله” من سنة الى اليوم؟

– قبل اغتيال السيد حسن نصرالله كان هناك مجال من خلال الرئيس بري لضبط الإيقاع إلى حد ما بواسطة قواعد الاشتباك، وكانت الأمور مقبولة إلى حد ما. وفي خطابه الأول بعد 7 تشرين الأول 2023 (أكتوبر) حاول نصرالله التمايز، وأوحى لنا أن هناك حركات عدة للمقاومة ولم يضعها في التصور نفسه. أما خطابه الثاني فكان مختلفا، ويبدو أن وحياً أو تعليمات ما قد وصلته.

* هل وقع الحزب في حسابات خاطئة؟

– لا أستطيع الحكم. ستصدر كتب عدة في هذا الخصوص، لكن من اغتال نصرالله عرف ماذا فعل، فقد ألغى المُحاوِر الداخلي. هذا رأيي. أصبحت إيران هي المُحاوِر في لبنان، ولم يعد السيد نصرالله ولا البعض من فريق عمله. ويجب التمييز هنا بين “حزب الله” وسياساته، والطائفة الشيعية، وهي ليست بالضرورة منحازة إلى إيران، وأكبر دليل أن الرئيس بري له زعامته وكيانه التاريخي. القسم الأكبر من شيعة لبنان مع المرجعية العربية التي يمثلها السيد علي السيستاني، ولا أعتقد أن كل الشيعة مع وحدة المسارات.

* هل يمكننا القول إن حرب إسرائيل على لبنان هي حرب أميركا مع إيران على أرضنا؟

– إنها حرب نتنياهو مع المحيط الذي يشكل خطراً عليه، وهو يريد إزالته. ليس هناك فلسطين بالمنظور الصهيوني، من بن غوريون إلى غولدا مائير إلى رابين، ولم يكن الأخير صاحب مشروع سلام. كان يميل إلى تسوية مع النظام السوري لا الفلسطيني.

* هل الـ 1701 قابل للتطبيق عند إسرائيل؟

– سرّب الإسرائيلي صيغة جديدة مرافقة لـ 1701، من بنودها أنه من المنظور الإسرائيلي – الأميركي يحق القيام بدوريات وطيران وضرب كل ما يريدون. وهذا ما يذكرنا إلى حد ما باتفاق 17 أيار، أي نوع من الوصاية الأميركية على لبنان من إسرائيل، وهو ما رفضناه آنذاك، وكانت موازين القوى مختلفة، وإن شاء الله “تنذكر وما تنعاد”.

*ما هو المطلوب من “حزب الله” اليوم؟

– المطلوب من إسرائيل وليس من الحزب تطبيق الـ 1701 فحسب، ونحن معه ومع النقاش في القرار1559 الذي أتى في ظرف مختلف لسنة 2004. في شهادتي للمحكمة الدولية آنذاك في لاهاي قلت إن رفيق الحريري لم يكن على علم بهذا القرار، بل أعده جاك شيراك وكوندوليزا رايس وجورج بوش جونيور، ربما بمشاركة بعض العرب. وتناول ثلاثة بنود: انسحاب الجيش السوري وتجريد الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية من السلاح. تحقق منها بعد مقتل الحريري انسحاب الجيش السوري، ولن يتحقق الباقي إلا بتفاهم داخلي مع “حزب الله”، لكن من سنحاور في الحزب؟ في هذا القرار كانت هناك ثلاثة أحكام إعدام، وخرج النظام السوري على دم الحريري. لنعد إلى الأساسيات. اتفاق الطائف الذي يتحدث عن اتفاقية الهدنة عام 1949 وبسط سيادة الدولة الكاملة في لبنان، وهي تنص على توازن السلاح والقوى المسلحة من جهة إسرائيل ولبنان. فهل يمكننا أن نصل اليوم إلى اتفاق هدنة معدل؟

* قلت إن الحرب طويلة. هل تعني أنها ممتدة إلى حين تسلم الرئيس الأميركي الجديد مهماته، أو إلى سنوات؟

– لست مقتنعا بأن أي إدارة جديدة ستوقف الحرب. إذا أعيد انتخاب ترامب فلا أعرف مدى إمكان حصول هذا الأمر بواسطة صهره أو والد الأخير. نقدر على الصمود بقليل من الإدارة وانتخاب رئيس للجمهورية. لا نريد رئيساً للتحدي ولا نقبل بعدم امتلاكه حيثية مسيحية. هذا ما يريده الرئيس بري.

* من تفضل من المرشحين؟

– لا تدخلوني في السياسة الداخلية. ما يجري أخطر بكثير من بعض التفاصيل الداخلية المرهقة. يقوم الرئيسان بري وميقاتي بعمل جبار يجب أن يُستكمل برئيس جمهورية ثم سلطة تنفيذية أفضل بكثير. أفضّل انتخاب رئيس جديد قبل أن نصل إلى الانتخابات النيابية المقبلة، وقد لا تكون في مثل هذا الجو. لا اقتناع عندي بأن الإدارة الأميركية الجديدة ستوقف الحرب. وإذا فاز ترامب فسنرى صهره أو والده.

* أين أنت من التمديد لقائد الجيش جوزف عون؟

– قائد الجيش كان كفيّا جداً في إدارة الجيش والمواجهة، ورفضت أيام السفيرة الأميركية السابقة دوروثي شيا وأمام الحالية ليزا جونسون أن يكون قائد الجيش الجديد بالإنابة. قد يكون هناك مشروع بالتمديد لقادة الأجهزة الأمنية كافة. أنا مع انتهاء دورة العرقلة حول تثبيت رئيس الأركان، وكفى. أتحدث هنا باسمي وباسم الطائفة الدرزية. وليكن التمديد في سلة واحدة. إن موضوع التمديد لقادة الأجهزة الأمنية هو في البرلمان. أما مرسوم رئيس الأركان فهو عند الحكومة، ويقول البعض إنه مخالف للدستور والطائف. كم عندنا من المخالفات … ليسمحوا لي.

* هل يملك جوزف عون صفة المرشح التوافقي؟

– لن أدخل في أي تسمية لرئيس الجمهورية. كل الأمور تحل عند انتخاب الرئيس، وإلا ستبقى الأمور بالتمديد والوكالة.

* هل أنت خائف من حرب أهلية أو فوضى بسبب ملف النزوح؟

– لماذا هذا الهاجس من بعض الناس، حتى من بعض الدروز؟ من سنحارب؟ هناك حرب ضد إسرائيل، ألا تكفي؟ كان هناك تصريح غير دقيق لوزير الدفاع الفرنسي وتصريح “أضرب” لوزيرة الخارجية الألمانية (انالينا بيربوك) وهي مستشرقة، مع أن الألمان يملكون أفضل مدارس الاستشراق. أطلب منها أن تعتذر إلى اللبنانيين عن تصريحاتها.

* ما المطلوب في التعامل مع النازحين؟

– علينا أن نوفر لهم المزيد من مراكز الإيواء، لأن إسرائيل تضرب يمينا وشمالا. خريطة الحل هي وقف النار لأن إسرائيل تضرب يمينا وشمالا. وفي اجتماعنا مع الرئيسين بري وميقاتي طالبنا بوقف النار وانتخاب رئيس توافقي، لكن إسرائيل رفضت التهدئة. همّي الأساسي الآن يتركز على النازحين.

* هل تؤيد ربط انتخاب الرئيس بوقف النار؟

– تأخير الانتخاب وربطه بوقف النار ليس له معنى.

* كيف ترى تعامل القوى المسيحية مع الاستحقاق؟

– لا أتابع. بيان عين التينة يدعو إلى الوفاق والحوار وانتخاب رئيس. وأوضحنا عبر وائل أبو فاعور ما حصل في هذا اللقاء وصعد إلى أعالي القمم (معراب) والوديان والصحارى.

* أين إيران وسوريا من دعم لبنان وهما ترعيان محور الممانعة؟

– انتقدت تصريح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.

لا نريد صراحة أن نكون ساحة تصفية لحسابات أو تحسين شروط في المبارزة الكبرى النووية الإيرانية – الأميركية. نرى كيف أن أميركا تستطيع عندما تريد أن تحدد نوع الضربة لإيران. هكذا أرى الأمور من بعيد. فلتتفضل أميركا وتردع نتنياهو وتُملِ عليه وقف النار، ثم نرى بقية التفاصيل والـ 1701 والطائف. لم تعد سوريا موجودة.

* إذا استمرت الاعتداءات الإسرائيلية بهذا الشكل، فهل يبقى لدينا نوع من توازن القوة حتى نرفض الـ 1701 بصيغة جديدة؟

– هناك واقع على الأرض وشعب يقاوم وليس فقط “حزب الله”. هناك أيضا أناس يقاومون. أنا أحذّر مجددا من العودة إلى الأغلاط الإستراتيجية. يقول أحدهم في إسرائيل، حسناً أن تصل إلى الليطاني وما بعده ثم تصل إلى بيروت. هذا منطق جنوني. أعتقد أن توازن القوة على الأرض قائم رغم تفوق الإسرائيلي في الطيران.

* هل ما زلنا نعيش مفهوم وحدة الساحات، أم اصبحت غزة وراءنا؟

– وحدة الساحات مستمرة. نحن مع اتفاق الهدنة، يضاف إليه التزامنا القضية الفلسطينية، وليس من الضرورة أن تكون تحت نظرية وحدة الساحات او ما يريد نتنياهو أن يمليه علينا.

* يسأل البعض لماذا لا يعلن لبنان وقف النار من جانب واحد ويحرج إسرائيل؟

– هذه مزحة. إذا طبقنا الـ 1701 يجب تجهيز لواءين في الجيش، يكلّفان مليار دولار. لقد أعطت أميركا إسرائيل 17 أو 18 مليارا حتى الآن. لا يناقش الـ 1559 إلا بالحوار والإستراتيجية الدفاعية مع تثبيت الهدنة، وكفانا حروبا. المطلوب إعطاء طمأنة المواطن للعيش في الجنوب لأن قراه تستباح وتدمر بالكامل. نحتاج إلى قوة فاعلة مع القوة الدولية، والدول المشاركة فيها لن تغادر ولن يتكرر سيناريو 1982.

* هل ما زالت فرنسا فاعلة على الصعيد السياسي في لبنان؟

– ما زالت فاعلة.

* كيف رأيت حادثة الخطف في البترون؟

– لا معلومات لديّ. المطلوب تعزيز الجيش لمنع تكرار مثل هذا الحوادث.

* هل هناك تواطؤ ألماني في البحر؟

– عندما تقرأ تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية نقول إن كل شيء ممكن. لم أر انحيازا فاضحا إلى إسرائيل مثل الألماني.

* ما الهدف من لقاء بعذران؟

– القطالب في بعذران تمثل خلوة تاريخية منذ 1976، وهذه المرة جمعت الكل من دون استثناء. واتفقت مع الأمير طلال أرسلان على استمرارهذه اللقاءات في أماكن أخرى، وأنا جاهز.

* لماذا تشرك حفيدك فؤاد، نجل تيمور، في اللقاءات الدرزية وتدربه منذ الآن على السياسة؟

– نعم، سيتدرب على السياسة، وبعد تيمور هو من سيرث.

* كثيرون يحكون عن اليوم التالي للحرب وكيف سيكون لبنان في المرحلة المقبلة؟

– ما زلنا في الطائف ويجب ألا نغير فيه. أعرف ان المطالبة بإلغاء الطائفية السياسية قد تشكل رفضا من كل القوى الدينية، ولكن يجب أن نصل إلى طريقة لتنفيذ هذا الطرح من النظام السوري آنذاك الذي لم يكن يريد وجود مجلس إضافي، واتفقنا بالعرف على أن يكون رئيسه درزيا. ننصح في الوقت الحاضر بألا ننفذ إلغاء الطائفية السياسية لأنها منذ أيام العثمانيين و1860. فلنستمر في النظام الملي والمطوّر قليلا وفي مجلس انتخابي لا طائفي. هناك تعديلات جذرية باللامركزية الإدارية، وأنا مع الموسعة شرط ألا نصل إلى المالية وسياسات خارجية منفصلة. أدعو إلى دراسة مشروع زياد بارود، وأستغرب الدعوات إلى لبنان الصغير”.

“النهار”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى