اجتماع لنواب السنة في دار الفتوى بدعوة من دريان
عقدَ أَعضاءُ من البرلمانِ اللبنانيِّ من نوابِ المسلمين السُّنَّةِ اجتماعاً استثنائيا في دارِ الفتوى، بدعوة من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وبرئاسته، خُصِّصَ للبَحْثِ في المجازر الجماعِيَّةِ التي يَرتَكِبُها العَدُوُّ الإسرائيليُّ في غَزَّة وسائر المناطق الفلسطينية والاعتداءات المتكررة على الأراضي اللبنانية، والتي وَصَلَتْ إلى حد الإبادةِ الجماعِيَّة في غزة.
وبعدَ قِراءَةِ الفاتِحَةِ على أَروَاحِ الشُّهداء، تَوَقَّفَ المُجتمِعونَ باهتمامٍ وقلقٍ شَدِيدَينِ أمامَ الأمورِ الآتية:
“أولاً: التأكيدُ على الحقِّ الوَطَنِيِّ لِلشَّعبِ الفِلسطِينِيِّ الشَّقِيقِ في أَرضِهِ المُحتلَّة، بِمَا في ذلكَ حَقُّهُ في العَودَةِ إلى هذه الأرض، وإقامةِ دَولتِهِ الوطَنِيَّة، وعَاصِمَتُها القُدسُ الشَّرِيف، والتأكيد على ان القضية الفلسطينية هي قضية عربية إسلامية وإنسانية جامعة، واننا لسنا على الحياد تجاه حقوق الشعب الفلسطيني أو الجرائم التي ترتكب بحقه .
ثانياً: وُجُوبُ التِزَامِ الشَّرعِيَّةِ الدَّولِيَّة، مُمَثَّلةً بِقَرَاراتِ مَجلِسِ الأَمْنِ الدَّولِيّ، وَالجَمعِيَّةِ العَامَّةِ للأُمَمِ المُتَّحِدة، بمَبَادِئِ حَقِّ الشُّعُوبِ في تَقرِيرِ مَصيرِهَا وتحرير ارضها، وَمُمَارَسَةِ سِيَادَتِها وحُرِّيَّاتِها، وَإدَارَةِ شُؤُونِها الوَطَنِيَّةِ المُستَقِلةِ على أَرضِهَا .
ثالثاً: التَّندِيدُ بِسِيَاسَةِ القَتلِ الجَمَاعِيّ، والقَصفِ العَشوَائيِّ لِلأَحيَاءِ السَّكَنِيَّةِ، التي تُمَارِسُها القُوَّاتُ الصُّهيُونِيَّةُ المُحتلةُ على أرضِ فِلسطِين، بِدعمٍ غربي وَاضِحٍ لِلعِيان، وهذا أَمرٌ مُستنكَرٌ وَمَرفوضٌ وَمُدَانٌ مِنْ كُلِّ الشُّعوبِ العَرَبِيَّةِ والإسلامِيَّة، والشُّعُوبِ المُحِبَّةِ لِلسَّلام، هذا الدَّعمُ الَّلامَحدُود، أَدَّى إلى تَدمِيرِ بُيُوتِ الآمِنِينَ وَمَدَارِسِهِمْ، وَمُستَشفَيَاتِهِمْ، وَمَسَاجِدِهِمْ، وَكَنَائسِهِمْ، في عَمَلِيَّةِ عِقابٍ جَمَاعِيّ، وَتَدمِير همجيٍ أَعمَى.
رابعاً: يُؤَكِّدُ المُجتمِعون أنَّ مَا يَقُومُ بِهِ العَدُوُّ الإِسرائيلِيُّ الإرهابِيُّ في غَزَّة، هو جَرَائمُ حَربٍ لا مَثِيلَ لَهَا، وَيُطَالِبُونَ بِرَفعِ الحِصَارِ الَّلاإِنسانِيِّ على غَزَّة، وَالمُبَادَرَةِ إلى دَعمِ صُمُودِ أَهلِهَا الصَّامِدِينَ والصابرين في وَجهِ الأَطمَاعِ الإِسرَائيليَّةِ العُدوَانِيَّة، وَيَدعُونَ إلى فَتحِ مَمَرَّاتٍ إنسانية آمِنَةٍ بإشرافِ الأُمَمِ المُتَّحِدَة، لِتَوصِيلِ المُسَاعَدَاتِ الإِنسانِيَّة، مِنْ مِياهٍ وَمَوَادَّ غِذَائيَّةٍ وَطِبِّيَّةٍ إلى أهالِي غَزَّةَ، الذين يُوَاجِهُونَ أَبْشَعَ أَنوَاعِ الحِصَارِ التَّجوِيعِيّ، المُتَرَافِقِ مَعَ أَبْشَعِ أَنوَاعِ القَصفِ التَّدمِيرِيِّ، في البَرِّ، والبَحر،ِ وَالجَوّ، ويُطَالِبُونَ المُجتَمَعَ العَالَمِيَّ بِمُحَاسَبَةِ الكيان الصهيوني وَبِمُعَاقَبَتِهَ، لِتَمَادِيه في ارْتِكَابِ هذِه الجَرائمِ فِي غَزَّة، ويُحَذِّرُونَ مِنْ أَنَّ عَدَمَ مُحَاسَبَةِ المُجْرِم، يُشجِّعُهُ على الاسْتِهتَارِ بِالقِيَمِ وَالمَوَاثِيقِ الإِنْسَانِيَّة، وَعَلى ارْتِكَابِ المَزِيدِ مِنَ الجَرَائم، بِقَتْلِ النِّسَاءِ، وَالأَطفَالِ، وَالشُّيُوخِ، وَالآمِنِينَ في بُيُوتِهِم. ويرفضون أي تهجير قسري لأهالي غزة من أرضهم وتاريخهم واي اجتياح إسرائيلي لغزة برا سيفجر بركان الغضب ليس في فلسطين فحسب وإنما في كل البلاد العربية والإسلامية.
خامساً: ليس الفِلَسطِينِيُّون وَلا أَهلُ غَزَّةَ بِصُورَةٍ خَاصَّة، هُمُ الذين ارتَكَبُوا الهُولُوكُوسْت ضِدَّ اليَهُود، في أَثنَاءِ الحَربِ العَالَمِيَّةِ الثَّانِيَةِ وَقَبلَها. إِنَّ العَالَمَ الإِسلامِيَّ – العَرَبِيَّ مِنَ المَغرِبِ حتى تُركيا، هُوَ الذي احْتَضَنَ المُضْطَهَدِينَ اليَهود، مُنذُ سُقوطِ الأَندَلُس، حتى قِيَامِ النَّازِيَّةِ بِكُلِّ جَرَائمِها الوَحشِيَّةِ ضِدَّ الإنسانِيَّة، وهي جَرَائمُ كانَ المُسلمونَ عَامَّةً وَالعَرَبُ خَاصَّةً، في مُقَدِّمَةِ الشُّعُوبِ التي دَانَتْهَا وَنَدَّدَتْ بِها ، وَلا تَزَال .
سادساً: إنَّ سِيَاسَةَ الأَرضِ المَحرُوقَة، وَالعِقَابِ الجَمَاعِيّ، التي يمارسها العدو الإسرائيلي بِكُلِّ آلِيَّاتِهَ العَسكَرِيَّةِ التَّدمِيرِيَّة، تَستَحِقُّ إِدَانَةَ المُجتَمَعِ الإِنسَانِيِّ بِكُلِّ مُكَوِّنَاتِه. إلا أنَّهُ مِنَ المُحزِنِ وَمِنَ المُؤلِمِ مَعاً، أنَّ ما يَحدُثُ هُوَ على العَكسِ مِن ذلك، إذ تَنْهَمِرُ المُسَاعَدَاتُ العَسكَرِيَّةُ، وَالمَالِيَّةُ، وَالمَعْنَوِيَّةُ على الكيان الصهيوني، تَشجِيعاً لهَا، وَتغْطِيَةً لِلجَرَائمِ التي تَرتَكِبُها بِحَقِّ الشَّعْبِ الفِلسطِينِيِّ عَامَّة، وَالقُدْسِ وَغَزَّةَ المَنكُوبَةِ خاصَّة، وَالمُقَاوِمَةِ لِلعَدُوِّ الصُّهيونِيّ.
سابعاً: مِنْ أَجلِ ذلك، يُناشِدُ المُجتمِعونَ المُجتَمَعَاتِ الإِنسانِيَّة، وَبِصُورَةٍ خَاصَّة، المُجتَمَعَاتِ الإسلامِيَّةَ، وَالعَرَبِيَّة، الوقوفَ إلى جانبِ الشَّعبِ الفِلسطِينِيّ، وإِخوَانِنَا في قِطاعِ غَزَّةَ المُدَمَّرة، وفي الضِّفَّةِ الغَربِيَّةِ المُحَاصَرَة، لاستِرْدَادِ حَقِّهِ، وَإِقَامَةِ دَولَتِهِ الحُرَّةِ المُستَقِلَّة.
ثامناً: يُعْرِبُ المُجتَمِعُونَ عَنْ تَقدِيرِهِمْ لِصُمُودِ أَهلِ غَزَّة، وَكُلِّ أَبنَاءِ فِلسطِين، وَثَبَاتِهِمْ على الحَقِّ في وَطَنِهِمُ المَنكُوبِ بِالعُدوَانِ الغَاشِم، والاحتلال، وَيَدعُونَ اللهَ تعالى أَنْ يَرُدَّ عَنْهُمْ كَيدَ المُعتَدِين المُحتلِّين، الذين يَنْتَقِمُونَ لِأَنفُسِهِمْ في المَكَانِ الخَطَأ . فلسطين قضيتنا، وفلسطين تجمعنا.
وقدم المجتمعون خالص التعازي لأهالي شهداء فلسطين وغزة ولأسر الإعلاميين، “الذين استشهدوا في فلسطين ولبنان خلال قيامهم بتغطية العدوان الإسرائيلي الغاشم في غزة و جنوب لبنان، متوجهين بالدعاء الى الله بالشفاء العاجل للجرحى”.