مقالات

هل يكون الردّ على اغتيال هنيّة بإفشال مسعى نتانياهو: استعداد للحرب وتفكير بالمستقبل

محمد علوش-الديار

منذ أن تم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران، وكلام قادة إيران عن حتمية الرد على هذه العملية التي خرقت الجمهورية الإسلامية وضربت أمنها القومي، تستمر التوقعات بشأن طبيعة الردّ وموعده، خاصة بعد أن سقطت كل التوقعات، خاصة تلك التي أطلقتها أجهزة استخبارات عالمية، ووسائل اعلامية أجنبية، فهل يكون الردّ قريباً، أو لا يكون أصلاً؟

في الجمهورية الإسلامية حديث عن ضرورة الرد وحتميته، وحديث آخر عن ضرورة تأجيل الرد، فبالنسبة الى الرأي الأول، فإن الضربة الإيرانية لاسرائيل في نيسان الماضي لم تؤدّ الى ردع اسرائيل عن ضرب إيران، وهذه المرة في عقر دارها، واغتيال ضيفها الرسمي، وبالتالي فإن السكوت قد يعرّض طهران الى مزيد من الهجمات الإسرائيلية المباشرة والعلنية، بعد أن كانت الجمهورية الاسلامية قد تعرضت سابقاً الى الكثير من الهجمات الاسرائيلية غير العلنية، تضمنت اغتيالات لعلماء يعملون في الملف النووي.

إذا يرى اصحاب الرأي القائل بضرورة الرد القاسي والقوي، أن السكوت يؤذي إيران على المدى الطويل، ويهشّم صورتها كبلد قويّ يُريد المشاركة في قيادة المنطقة، وربما تسيّدها، ويعتبر هؤلاء أن الرد يجب أن يحصل بمعزل عن كل باقي الملفات في المنطقة، خاصة تلك المتعلقة بالحرب على غزة، وحتى لو أدى الردّ الى ردّ اسرائيلي مضاد، وكانت النتيجة الدخول في حرب في المنطقة.

بالمقابل هناك رأي آخر في إيران يقول التالي، بحسب مصادر متابعة، إذا كان رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو طوال المرحلة الماضية يسعى لتوسيع الحرب في المنطقة لتتحول الى حرب إقليمية بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما يشكل مشروعه الأساسي منذ ما قبل توقيع الاتفاق النووي الأول، وإذا كانت إيران تسعى لإفشال هذا المشروع، وإذا كانت الولايات المتحدة الاميركية ترفض بدورها اندلاع حرب إقليمية، لكنها لن تتوانى عن الدفاع عن اسرائيل بحال اندلعت، وها هي اليوم تحشد لقواها وقوى عالمية اخرى في المنطقة، وإذا كان هدف نتانياهو من عملية الاغتيال في طهران استفزاز الجمهورية الاسلامية للتصعيد بغية الوصول الى الحرب التي لا تتوافق مع اهداف ايران الاستراتيجية، فلماذا ترد طهران وتمنح نتانياهو ما يُريده وعمل عليه طوال السنوات السابقة؟

تُشير المصادر عبر “الديار” الى أن أصحاب هذا الرأي يعتبرون أن إيران اليوم، ومعها محور المقاومة التي تحدث عنه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله عن عدم توافر ظروف إزالة اسرائيل من الوجود في المرحلة الراهنة، لن يستفيدوا من الحرب الشاملة، بل على العكس قد يتعرضون الى أضرار كبيرة، سواء لناحية تقدمهم النووي، بحيث أن أي حرب شاملة ستعرض المرافق النووية الى تدمير، أو لناحية مشروعهم الصاروخي، أو لناحية قوة الحلفاء في المنطقة، وبالتالي هل سيكون الرد هو القرار السليم، أم أن الرد الاستراتيجي على اغتيال هنية يكون بعدم الرد، أو تأجيله الى وقت لاحق، وتحصيل مكاسب سياسية للمحور، قد يكون على رأسها وقف الحرب على غزة.

ولكن ماذا لو لم تتوقف الحرب، هذا السؤال سيكون من الصعب الإجابة عليه في المرحلة الراهنة، علماً أن المحور ورغم دراسته لكل الاحتمالات، إلا أنه لم يُسقط احتمال الحرب من قاموسه، إذ تكشف المصادر أن الإيرانيين اتخذوا إجراءات عاجلة لاحتمال الحرب، منها ما يتعلق بالقدرات النووية والصاروخية العلمية، ومنها ما يتعلق بتدعيم أنظمة الدفاع والرادارات من روسيا، ومثلهم يفعل حزب الله في لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى