اسرائيليون يقتحمون قاعدة عسكرية والجيش الاسرائيلي يوقف مداولاته بشأن التصعيد
أكّد “الجيش” الإسرائيلي أنه أوقف “مداولات هامة بشأن التصعيد في الشمال”، ووصف اقتحام القاعدة العسكرية في بيت ليد بأنه “حادث خطير يشكل جريمة جنائية، ومسّ بأمن الدولة”، وذلك بعدما أقدم عشرات الإسرائيليين المتطرفين على اقتحام قاعدة “بيت ليد” العسكرية، في محاولة لفك احتجاز جنود إسرائيليين.
وأكّدت صحيفة “هآرتس” أنّ ثلاث كتائب تابعة للواء الناحال استدعيت على وجه السرعة إلى المنطقة الواقعة بين نابلس وقلقيليا وطولكرم، بعد أن قاتلت في غزة، مشيرةً إلى أنّ “الجيش كان مشغولاً خلال الساعات الـ 24 الماضية بالاستعداد للساحة الشمالية التي يمكن أن تؤدي إلى حرب، واضطر إلى وقف كل شيء في أعقاب الأحداث في بيت ليد”.
وفي التفاصيل، اقتحم عشرات المتظاهرين من التيارات اليهودية اليمينية المتطرفة، بعضهم ملثمون وبعضهم ناشطون سياسيون، مركز المحكمة العسكرية في قاعدة بيت ليد الإسرائيلية، حيث كان 9 جنود إسرائيليين يتمّ احتجازهم بعد اعتقالهم للاستجواب صباح يوم الاثنين، بشبهة ارتكاب تجاوزات أخلاقية والتنكيل بمقاتلي “النخبة” في القسام، في سجن “سديه تيمان” العسكري السري، الذي يسمّى بـ”غوانتنامو إسرائيل”.
وأظهرت مشاهد انتشرت عشرات الإسرائيليين يحاولون اقتحام مبنى المحكمة العسكرية لفكّ احتجاز الجنود الإسرائيليين المدانيين، على الرغم من تخفيف المحكمة لعقوبتهم بشكل كبير بسبب الضغوط التي مارسها اليمينيون لا سيما الوزيران بن غفير وسموتريتش لمنع معاقبتهم رغم إدانتهم.
وأظهرت لقطات نقاشا حادا بين الجنود ومحققي الشرطة العسكرية في قاعدة “سْدِه تيمان” العسكرية.
وبعد أن وصل رئيس الأركان في “جيش” الاحتلال هرتسي هاليفي إلى القاعدة على عجل، قال في بيان إنّ “محاولة اقتحام المعسكر “تعرض أمن الدولة للخطر”، مضيفاً: “نحن في خضم حرب، وتصرفات من هذا النوع ممنوعة.. إنّ هذه التحقيقات على وجه التحديد هي التي تحمي جنودنا في إسرائيل والعالم وتحافظ على قيم جيش الدفاع الإسرائيلي”.
واستنكر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، محاولة اقتحام المعسكر من قبل المتطرفين، وقال غالانت: “لا يجوز لأحد اقتحام قواعد جيش الدفاع الإسرائيلي، حتى في أوقات الشدة، القانون يطبق على الجميع”، بينما أصدر مكتب رئيس الحكومة بياناً دعا فيه “إلى تهدئة الاجواء في سديه تيمان، ويدين بشدة اقتحام قاعدة، للجيش الإسرائيلي”.
بينما استنكر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش التعامل مع الجنود، ونشر مقطع فيديو له على منصة “إكس”، قال فيه إنّ “الجنود يجب أن يعاملوا كأبطال وليس كمجرمين”.
وفي الوقت نفسه أكّد جيش الاحتلال الإسرائيلي أنّ “النقاشات العملياتية عن الساحة الشمالية توقفت بسبب الأحداث في ساديه تيمان، حيث اضطر رئيس الأركان للتوجه إلى بيت ليد، وفي المقابل، حولنا قوات من مهمات دفاعية عملياتية في الضفة الغربية، للتعزيز في بيت ليد بدءاً من يوم غد. هذا يشكل ضرر كبير بأمن الدولة”.
وأضاف الجيش: “الكلام عن الشرطة العسكرية خطير جداً، الشرطة العسكرية تقوم بعملها وتحمي جنود الجيش”.
من جهته، رئيس المعارضة يائير لابيد عبّر عن استيائه الشديد جراء المواجهات في بيت ليد والهجوم الذي نفّذه اليمينيون، قائلاً: “نحن لسنا على حافة الهاوية، نحن في الهاوية.. جميع الخطوط الحمراء تمّ اجتيازها اليوم.. مجموعة فاشستية خطيرة تهدد وجود دولة إسرائيل”.
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” المحسوبة على اليمين أنّ “مصادر عسكرية قالت إنّ الشرطة العسكرية توسّلت للشرطة لإرسال قوات إخلاء إلى قاعدة بيت ليد من أجل الحؤول دون مشاهد ساديه تيمان، لكن الشرطة رفضت عن عمد”.
وأضافت: “في الشرطة قالوا لنا أن يحلّ الجنود هذا الأمر.. كذلك الآن مسؤولون في الشرطة يفعلون كل شيء من أجل التقليل من خطورة الحادثة، وكأنهم يشجعون على استمرار أعمال الشغب”.
وكان موقع قناة “مكان” ذكر أنه بعد وصول محققي الشرطة العسكرية صباح الإثنين إلى معتقل “سْدِيه تيمان”، كجزء من تحقيق فتحه الجيش الإسرائيلي للاشتباه في ارتكاب انتهاكات خطيرة ضد معتقل فلسطيني محتجز في هذا المعتقل تم اعتقاله في غزة وأُحيل لتلقي العلاج الطبي وظهرت عليه علامات تعرضه للعنف الشديد، شجب بن غفير ثمّ سموتريتش هذا الإجراء، ثم وصل إلى المعتقل عشرات المحتجين على التحقيق مع الجنود.
ووقعت مواجهات بين الجنود المتواجدين في المعتقل وبين محققي الشرطة العسكرية الذين وصلوا المكان. وحاول بعض الجنود المتواجدين في الموقع الفرار فيما هدد آخرون بتحصين أنفسهم في المكان، وتم اعتقال عدد من الجنود للاستجواب، بحسب الموقع.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي رداً على ذلك: “بسبب الاشتباه في تعرض أحد المعتقلين للأذى بصورة خطيرة في معتقل سْدِيه تيمان، تم فتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية بأمر من المدعية العامة العسكرية، الميجر جنرال يفعات تومر يروشالمي”.
وورغم عدم وجود سلطة له “على الجيش”، علّق وزير الأمن القومي عضو الكنيست إيتمار بن غفير على الحادثة فكتب في حسابه على شبكة X أنّ “مشهد ضباط الشرطة العسكرية وهم يأتون لاعتقال أفضل أبطالنا في سْدِيه تيمان ليس أقل من مُخزٍ. أوصي وزير الأمن ورئيس الأركان والأجهزة الأمنية بمساندة المقاتلين والتعلم من خدمة السجون والمعسكرات، لقد انتهى عهد التسامح مع الإرهابيين. يحتاج مقاتلونا للحصول على مساندة ودعم”.
وأعلن أعضاء آخرون في حزبه اليميني المتطرف “عوتسما يهوديت” أنهم سيتوجهون إلى المنشأة في جنوب إسرائيل للاحتجاج على احتجاز الجنود
كما قال وزير المالية بتسلئيل سموتريش إنّ “جنود جيش الدفاع يستحقون الإشادة.. لن يتم اعتقال جنود جيش الدفاع كآخر المجرمين.. أنادي بأن ارفعوا أيديكم عن مقاتلينا الأبطال”.
وفي وقت لاحق، حث الساسة اليمينيون المتطرفون أنصارهم على الحضور والاحتجاج في منشأة الاحتجاز التي تم اعتقال الجنود. واقتحم عدد من المشرعين والناشطين اليمينيين المتطرفين، من بينهم عضو الكنيست تسفي سوكوت من حزب “الصهيونية الدينية” القومي المتطرف، القاعدة وسط احتجاج غاضب خارجها.
وفي مقطع فيديو تم تصويره في القاعدة، أعلن سوكوت: “لا يمكننا التحقيق مع الجنود حتى نحقق مع أولئك الذين فشلوا” في منع 7 أكتوبر. وقال للمحتجين وهو يحمل مكبر صوت: “ليس لدينا جيش آخر، هذه مظاهرة مهمة، فلنخرج ودعونا نمتنع عن الدخول في قتال مع الجنود”.
كما أعلن رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يولي إدلشتاين وسط الاستهجان والاستنكار نيته عقد جلسة عاجلة يوم الثلاثاء لمناقشة الوضع.
وقال إدلشتاين: “لن أساهم في مشاهد مثل تلك التي رأيناها اليوم في قاعدة سْدِه تيمان. إن الوضع الذي يقوم فيه عناصر الشرطة العسكرية الملثمون بمداهمة قاعدة لجيش الدفاع غير مقبول بالنسبة لي، ولن أسمح بحدوث ذلك مرة أخرى. إن جنودنا ليسوا مجرمين وهذا الملاحقة الحقيرة لجنودنا غير مقبولة بالنسبة لي”.
وفي وقت سابق أمس، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تحقيقاً يفيد بوفاة ما لا يقلّ عن 13 سجيناً أمنياً فلسطينياً في السجون الإسرائيلية منذ تشرين الأول/7 أكتوبر، من غير غزة، بحسب منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان”.
ووفقاً للتحقيق الصحافي، ووفقاً لمنظمات حقوق الإنسان، فقد تدهورت ظروف السجن والاعتقال في “إسرائيل” بشكل كبير، وشملت العنف المتكرر، والحرمان من الطعام ومن العلاج الطبي، والإيذاء الجسدي والعقلي للسجناء الأمنيين.
وتحدثت صحيفة “واشنطن بوست” مع 11 سجينًا أمنياً سابقاً، وستة محامين، واطّلعت أيضاً على تقارير تشريح الجثث، التي كشفت عن العنف الشديد والمعاملة السيئة من جانب مصلحة السجون الإسرائيلية.
في مايو/أيار الماضي، زعم “الجيش” الإسرائيلي أنه يحقق في تقارير عن إساءة معاملة وتعذيب المعتقلين المحتجزين في سْدِه تيمان في أعقاب تقارير متعددة تفيد بأن الأسرى يتعرضون لمعاملة سيئة للغاية.
وقالت تومر يروشالمي، المدعية العامة العسكرية، إنه حتى نهاية شهر أيار /مايو، فتح “الجيش” 70 تحقيقاً يتعامل معها “بجدية بالغة”، ولاحقاً وبعد تكرار اتهامات وفضائح الإساءة والتعذيب والشكاوى إلى المحكمة العليا، أعلن “الجيش” الإسرائيلي أنه سوف يوقف تدريجياً استخدام سْدِيه تيمان، زاعماً أنّ عمليات نقل السجناء بدأت على الفور.