في الحادي عشر من تشرين الأول الماضي، وبعد 3 أيام فقط على فتح حزب الله جبهة الإسناد في جنوب لبنان، كادت الحكومة الاسرائيلية تتخذ قرار الحرب ضد لبنان، ولكن يومها تم التراجع عنه بعد مداخلات لوزراء تحدثوا فيها عن هزيمة استراتيجية ستلحق بالكيان لو فتح جبهة ثانية الى جانب جبهة غزة، واليوم بعد حوالي 9 أشهر يتغنّى هؤلاء الوزراء بأنهم جنّبوا اسرائيل ضربة قاضية.
طيلة الأشهر التسعة استمر التهديد الاسرائيلي بالحرب، ونقل موفدون دوليّون كثر تهديدات اسرائيليّة للبنان والحزب، ولكن حتى اليوم لا تزال التهديدات وضرب مواعيد الحرب عبارة عن محاولة تخويف لثني حزب الله عن استمرار عمله على الجبهة، فما بين الرغبة الاسرائيلية والقدرة فرق كبير.
منذ أيام نقلت صحيفة بيلد الألمانية خبراً يتحدث عن موعد جديد للحرب الاسرائيلية هو منتصف شهر تموز الجاري، وأشارت الى أنّ الحزب تبلغ بهذا الموعد خلال زيارة مسؤول أمني ألماني له واجتماعه بالشيخ نعيم قاسم، ولكن بالنظر الى وضع الجيش الاسرائيلي الداخلي يتبين صعوبة خوض أيّ حرب جديدة في وقت قريب، فقادة الجيش الاسرائيلي يعلنون صراحة أن هناك حاجة لبدء وقف إطلاق النار في غزة حتى لو أدى ذلك لبقاء حركة حماس داخل القطاع، فالكل بات مقتنعاً بأمرين، الأول أن ليس هناك وسيلة لتحرير الأسرى سوى وقف الحرب والاتفاق على صفقة تبادل، والثاني ضرورة إنهاء الحرب في غزة لتسهيل التوصل الى اتفاق في جنوب لبنان.
لا شكّ ان اسرائيل ترغب بشدة خوض الحرب بوجه حزب الله بغية تدميره وإنهاء الخطر الذي يمثله على مستقبلها، ولا شكّ ان الولايات المتحدة الاميركية تشارك اسرائيل بهذه الرغبة، ولكن ماذا عن القدرة؟.
بكل بساطة هناك ثابتة أساسية هي عدم قدرة الجيش الاسرائيلي على خوض حرب ضد حزب الله بظل تلك المفتوحة في غزة، وبالتالي فإن أولى خطوات التوجه الى لبنان هي إنهاء الحرب في غزة، وما دام انتهت هناك يعني أن التهدئة مع لبنان باتت متاحة وسهلة للإنطلاق في تطبيق ما اتفق عليه بخصوص الحدود والصراع والقرارات الدولية المتمثلة بالقرار 1701. ما يعني باختصار ان شرط الحرب مع لبنان هو نفسه شرط التهدئة معه ايضا.
إذا ما بعد وقف الحرب على غزة يمكن الحديث عن احتمال انتقالها الى جبهة شمال اسرائيل، ولكن عندها ستكون هناك أسئلة ومعضلات أخرى امام اسرائيل، أبرزها قدرة الجيش على خوض حرب مباشرة بعد غزة، وقادة الجيش الاسرائيلي يتحدثون عن حاجة الى وقت للتعافي، تُقدر ما بين عام وعامين على أقل تقدير، كذلك هناك أسئلة حول أهداف الحرب الاسرائيلية، وحجم الخسائر التي ستلحق بإسرائيل، هذا اذا ما أخذنا بعين الاعتبار احتمال تحولها مع لبنان الى إقليمية ستكون اميركا واسرائيل الخاسران الأبرزان فيها.
يمكن للهدنة مع حركة حماس أن تسهل التوصل الى اتفاق مع حزب الله، هذا ما يخلص إليه قادة الجيش الاسرائيلي، وقبل وقف الحرب في غزة لا حرب في لبنان، وبعد وقفها على غزة لكل حادث حديث.