مقالات

غياب الأهداف الاستراتيجيّة يجعل الحرب مؤجّلة الحلّ الديبلوماسي أسهل على “إسرائيل

محمد علوش-الديار

اسقطت الولايات المتحدة الأميركية حكومة الحرب “الاسرائيلية”، فكان ردّ بنيامين نتانياهو المزيد من التشدد بوجه مقترح جو بايدن لإنهاء الحرب في غزة، وتصعيداً كلامياً من “الاسرائيليين” ضد الأميركيين من باب التسليح، حيث عادت اتهامات نتانياهو للإدارة الأميركية بتأخير شحنات أسلحة لاستخدامها في الحرب على غزة، فكيف يمكن توقع حرب “اسرائيلية” على لبنان في ظل غياب الدعم الأميركية لها؟

بالنسبة الى مصادر قريبة من المقاومة، فإن العدو الإسرائيلي أعجز من أن يشن حرباً على لبنان، فيظل غياب الدعم الأميركي، ولكن ليس أكيداً أن الدعم الأميركي لن يكون موجوداً بحال بادرت “اسرائيل” الى فتح الحرب، لأن المصلحة الاستراتيجية “لإسرائيل” هي خط أحمر بالنسبة للأميركيين، بغض النظر عن هوية الرئيس والإدارة، إنما السؤال الذي يجب أن يُطرح هو حول الأهداف الاستراتيجية لأي حرب “اسرائيلية”.

 وتشير المصادر الى أن حرب تموز عندما وقعت، بعد أن ثبُت أن عملية الأسر سرعتها أسابيع معدودة، كانت لاجل تحقيق أهداف استراتيجية تتعلق بالشرق الأوسط الجديد، الذي عملت عليه أميركا مع دول أوروبية على رأسها فرنسا، وبدأت بالقرار 1559 وإخراج السوريين من لبنان واغتيال رفيق الحريري، وإشعال الفتن المذهبية في المنطقة من العراق وصولاً الى لبنان، وانتهت الحرب بتحقيق فشل استراتيجي للمشروع. بينما في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، فليس هناك أي اهداف استراتيجية تسعى “اسرائيل” لتحقيقها من الحرب، علماً انها تتحدث عن نيتها “استعادة أمن الشمال وإعادة المستوطنين الذين نزحوا من منازلهم، بالعمل العسكري أو الديبلوماسي. فهل هذا الهدف يُعد استراتيجياً ويحتاج الى حرب سيكون ضررها على “اسرائيل” غير مسبوق تاريخياً؟

وترى المصادر أن ليس هناك من هدف أساسي لأي عدوان إسرائيلي على جنوب لبنان، حيث ان ما يمكن وصفه بالهدف هو السعي إلى معالجة الأزمة أو الخطر، الذي كان قد برز بعد السابع من تشرين الأول الماضي، لناحية المخاوف التي لدى سكان المستوطنات الشمالية، وهو ما تعزز نتيجة دخول حزب الله على خط الحرب، لا بل حتى كشفه عن المزيد من القدرات العسكرية المتطورة نسبياً لديه. وبالتالي لأجل إعادة مستوطنين ستكون النتيجة نزوح عشرات الآلاف غيرهم.

من هذا المنطلق، يمكن فهم رغبة “الاسرائيلي” بالحل الديبلوماسي الذي يجعله قادراً على إعلان تحقيق إنجاز، ورغبة الأميركيين بعدم توسيع الحرب، لأن توسيعها سيعني الدخول في حرب اقليمية ستغير وجه المنطقة.

حتى الآن، لا يزال “الإسرائيلي” يفضل الوصول إلى الحلول التي تعالج ازمته في الشمال بالطرق الديبلوماسية، بعيداً عن كل التهديدات التي يطلقها، نظراً إلى أنه يدرك كلفة الحرب مع حزب الله، إلى جانب عدم ضمانه النتائج التي قد تترتب على ذلك، لكن حاجته إلى حل في وقت قريب قد تدفعه إلى التصعيد دون الحرب، من أجل فرض الإسراع بالوصول إلى تسوية. بينما في المستقبل بعد سنوات، فإن الحرب ستقع لأن المنطقة لا تتحمل وجود “اسرائيل” ومحور مقاومة في وقت واحد.

 من هنا، يسعى الأميركيون لإنهاء هذه الحرب، وإدخال “الاسرائيليين” في صلب المنطقة عبر التطبيع، والتجهيز لحرب كبيرة مقبلة بحال استمر الصراع على ما هو عليه اليوم، ومن هذا المنطلق يستمر تدهور علاقات الإدارة الأميركية بنتانياهو، وهو ما أدى الى إلغاء لقاء الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة و “إسرائيل” الذي كان مقرراً أن يعقد اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى