يمكن اعتبار الضربة الاسرائيلية على جويّا واغتيال 4 كوادر في حزب الله الضربة الأقسى منذ بداية الحرب في 8 تشرين الأول الماضي، فالشهيد عبدالله طالب هو من الوجوه البارزة عسكرياً في الحزب، وكان رفيق درب عماد مغنية، وله خبرة طويلة في الحياة العسكرية، ولكن من يُدرك تركيبة حزب الله يعلم بأن هيكليته العسكرية لا تتأثر بغياب القادة.
على المستوى الشخصي قد يكون من شبه المستحيل تعويض الخسارة، ولكن على المستوى العسكري فإن تركيبة الحزب وآلية عمله العسكرية لا تتأثر عندما يغيب القائد، فالحزب بعد اغتيال مغنية أصبح أقوى، لأنه ينطلق من فكر وعقيدة مدعومة بالتدريب والتجهيز، وعندما يرحل القائد هناك من هو جاهز وحاضر للحلول مكانه.
منذ بداية الحرب، بحسب مصادر مواكبة لعمل الحزب في الجنوب، استعد لاحتمال اغتيال قادته، فنحن في حرب تقول المصادر، وخلالها سيكون من الطبيعي أن يرتقي شهداء، والعبرة تكون بكيفية الرد والمواجهة والصمود حتى تحقيق الانتصار، لذلك عندما بدأت اسرائيل بتنفيذ عمليات اغتيال كان رد الحزب من خلال تصعيد عملياته النوعية لمحاولة منع اسرائيل من تحقيق أهداف عملياتها، وهذا ما سيحصل اليوم.
بعد اغتيال القادة في جويّا رد الحزب صباح أمس من خلال إطلاق أكبر صلية صاروخية منذ بداية الحرب، ما ادى لاطلاق صافرات الإنذار في أكثر من 30 مستوطنة اسرائيلية، منها طبريا، وهو ما حصل للمرة الأولى منذ بداية الحرب، وبحسب المصادر فإن رد الحزب سيستمر وسيكون تصاعدياً بما يتلاءم مع طبيعة الاغتيال من جهة، ومسار الحرب من جهة ثانية.
أصبح معلوماً أن الحزب لن يبادر بفتح جبهة الحرب الواسعة، وبحسب المصادر فإنه يعمل وفق نظرية تقول بأن الحرب طويلة، وكشفه عن أسلحة جديدة ونوعية يأتي في هذا السياق، ولكنه بالمقابل لا يرى اسرائيل قادرة حالياً على فتح الحرب من جهتها، لأسباب كثيرة تتعلق بقدرة جيشها على دخول الحرب، وقدرته هو على إلحاق الأذى الكبير والواسع باسرائيل، ولكنه مستعد لكل المفاجآت، ومستعد لاحتمال توسع الجبهة ولو دون الوصول الى حرب شاملة.
وتُشير المصادر الى أن التقديرات الاسرائيلية حول قدرات الحزب تجعلها تفكر 10 مرات قبل الدخول في مواجهة واسعة النطاق، مع الإشارة الى أن الحرب مع لبنان ستكون حرباً اقليمية او شبه اقليمية، فالجبهات التي ساندت غزة ستكون حاضرة في الحرب مع لبنان وربما تكون إيران جزءاً منها لأن الحسابات الإيرانية في البداية تختلف عما هي عليه اليوم، وهذا ما أبلغته طهران الى الأميركيين برسائل غير مباشرة عبر الوسطاء، وهذا ما دفع بالولايات المتّحدة الى تحذير الاسرائيليين من اي حرب حتى ولو كانت محدودة.
تؤكّد المصادر أن الحزب يجهز للحرب كما لو أنها ستحصل غداً، ويبدّل بتكتيكاته كما لو أنها ستستمر لعام إضافي على الأقل، وهو جاهز أيضاً لأن تنتهي الحرب خلال أيام، لذلك هو يستمر بالضغط لتحقيق الاهداف وعلى رأسها دفع العدو لإنهاء الحرب على غزة مهزوماً، فلن يتوقف بسبب اغتيالات، كما لم يتوقف لأجل مكاسب سياسية، مشيرة الى أن في جعبة الحزب الكثير من المفاجآت لاسرائيل، بعضها قد يكون قريباً.