ليس عادياً الكلام الذي أدلى به المتحدث بإسم “عصبة الأنصار” الإسلاميّة في مخيم عين الحلوة أبو شريف عقل عن بند تسليم المطلوبين في قضيّة إغتيال المسؤول في حركة “فتح” أبو أشرف العرموشي
في حديثٍ عبر شبكة “الجزيرة”، كان عقل واضحاً في القول إنَّ تنظيم “الشباب المسلم” لن يُبادر بتاتاً إلى تسليم قتلة العرموشي للدولة اللبنانيّة، فيما تبين أيضاً أن مسؤول العصبة حاول تصوير تنظيم “الشباب المسلم” على أنه متعاون في قضية إشتباكات عين الحلوة، علماً أن الأخير هو الذي اعتدى على “فتح” وقتل مسؤولها العسكري واحتوى مطلوبين خطيرين وضمّ مُسلحين لديهم “باعٌ إجرامي” طويل.
للتذكير، فإنّ “عصبة الأنصار” التي ينتمي إليها عقل، تحمل الفكر التكفيري منذ تأسيسها في تسعينيات القرن الماضي، كما أنها المسؤولة عن قتل القضاة الأربعة في صيدا عام 1999. مع هذا، كان للعصبة تاريخٌ أسود بحق الدولة والجيش وحركة “فتح“، ولديها سجلٌ حافل بالمعارك والإشتباكات داخل عين الحلوة، فضلاً عن إحتوائها لأكبر المطلوبين للدولة أبرزهم “أبو محجن” الذي نفذ عملية قتل القضاة داخل قصر عدل صيدا.
مصادر فلسطينية قرأت في موقف عقل إنعطافة خطيرة على صعيد ملف المخيم، فاعتبرت أنّ “عصبة الأنصار” باتت تلعبُ على وترٍ حساس أساسه عدم ضغطها على “الشباب المسلم” لتسليم المطلوبين، الأمر الذي يمثل، بحسب المصادر، “إنتكاسة” لإتفاق وقف إطلاق النار الذي رعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد الجولة الثانية للإشتباكات التي اندلعت أوائل شهر أيلول الماضي. أما الأمر الأخطر فهو أنّ “إنزواء” العصبة عن الضغط لتسليم المطلوبين يعني إنكفائها بعيداً عن “فتح” وبالتالي تمهيد الطريق لإراحة “الشباب المسلم” و “جند الشام“، وتكريس إنقلاب خفيّ جديد على الحركة بعد الإشتباكات الضارية، وهنا الإنعطافة المفصلية على صعيد الملف القائم من جهة وعلى صعيد الحفاظ على الهدوء من جهةٍ أخرى.
ما يتبين الآن هو أنّ تنظيم “الشباب المسلم” بات يحظى بدعمٍ أكبر من خلال عدمِ الضغط عليه لتسليم المطلوبين. الثغرة هذه تراها مصادر ميدانية في عين الحلوة ناجمة عن “المماطلة” في القضية، وتقول: “إعتماد أسلوب التمييع هو الذي أدى إلى هذه النتيجة. لو كان هناك قرارٌ حاسم منذ البداية لإنهاء التوتر وجلب المطلوبين، لكانت الأمور مُختلفة”.
بشكلٍ أو بآخر، يمكن القول إنّ تنظيمي “الشباب المسلم” و “جند الشام” تمكّنا حالياً من إعفاء نفسيهما من خطوة التسليم خصوصاً أن حركة “فتح” لن تبادر إلى شنّ عملية عسكرية إلا إذا كان هذا الأمرُ متخذاً ضمن قرارٍ من الدولة اللبنانية نفسها. لهذا السبب، تجدُ الحركة نفسها اليوم مُطوّقة بسبب “المماطلة”، لكن هذا الأمر قد لا يطولُ كثيراً، ومن الممكن أن تنفتح المعركة من دون أي قرارٍ، وقد تبدأ من خطوة ميدانية فرديّة تتمثلُ في استهداف أي مطلوبٍ داخل المخيم في حال تم رصدهُ علناً وتحديداً من قبل حركة “فتح” أو القوات التابعة لها.
وسط ذلك، تقولُ معلومات “لبنان24” إنّ بعض الأطراف المرتبطة بالملف باتت تحذر حالياً من حدوث إنقلاب كبير داخل القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة التي تسلمت مناطق أساسية داخل المخيم. كذلك، تشيرُ المصادر إلى أنَّ “إنكفاء” عصبة الأنصار عن الضغط على “الشباب المسلم” لتسليم المطلوبين يمكن أن يؤدي إلى تعزيز نفوذ مسلحي التنظيم الأخير المنتشرين في محيط مدارس الأونروا وذلك بهدف البقاء على مقربةٍ منها في حال حدوث أي طارئٍ جديد وذلك لمنع “فتح” من السيطرة عليها.
إنطلاقاً من هذا الوضع، يمكن القول إنّ الأمور قد تصطدمُ بعراقيل جديدة، وبالتالي ما تشهدهُ مرحلة السلم قد يكون أخطر بكثيرٍ من مرحلة الحرب والمعركة، ما يعني أنّ المشكلة تكمنُ في التسويات التي قد تأتي لصالح جماعاتٍ مطلوبة باتت تفرض نفسها كأمرٍ واقع داخل عين الحلوة.. وهنا، الطامة الكبرى!