مقالات

أموال SDR جديدة قد تصل إلى 9 مليون دولار: ماذا بعد تقرير ديوان المحاسبة وما مصير الدواء والطحين؟

باولا عطية- هنا لبنان

على قاعدة “أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً” حضرت أموال السحب الخاصّة أمام لجنة المال والموازنة للتدقيق بطريقة صرفها، بدعوى أنّها تتضمّن مخالفات وأنفقت من دون سند قانونيّ

تتحوم شبهات فساد حول طريقة صرف الحكومة لأموال الـ”SDR” وهي أموال حقوق السحب الخاصّة للبنان والتي استلمها من صندوق النقد الدولي بتاريخ 16 أيلول 2021 وتبلغ قيمتها 1.135، بعد أن صرف مجلس الوزراء أكثر من 90% من هذه الأموال بأقلّ من سنتين.

وعلى قاعدة “أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً” حضرت أموال السحب الخاصّة أمام لجنة المال والموازنة للتدقيق بطريقة صرفها، بدعوى أنّها تتضمّن مخالفات وأنفقت من دون سند قانونيّ.

وكانت وزارة المال قد أعلنت عن إنفاق نحو مليار و63 مليون دولار، وأنّه لم يتبقَّ في حساب الـsdr سوى 76 مليون دولار. وقد أنفقت الأموال بحسب الوزارة على الشكل الآتي:

478 مليون و314 ألف دولار لدعم الأدوية، 163 مليون و518 ألف دولار بدل تسديد قروض لمؤسسات وصناديق ماليّة عربيّة ودوليّة، 162 مليون و174 ألف دولار ذهبت لصالح مؤسسة كهرباء لبنان وشركات الصيانة، 134 مليون و152 ألف دولار لدعم القمح، و69 مليون و406 آلاف دولار للمحروقات، و34 مليون و946 ألف دولار فوائد على الـsdr، و13 مليون و249 ألف دولار لجوازات السفر، و7 مليون دولار صرفت بدل أشغال عامّة وغيرها (فيما لم تفسّر الماليّة المقصود بمصطلح “غيرها”) وأخيراً 683 ألف دولار بدل مصاريف قانونيّة من قبل وزارة العدل.

وبدورها أحالت لجنة المال هذا الملفّ إلى ديوان المحاسبة بعد اكتمال المستندات المطلوبة من المصرف المركزي ووزارة المال على خلفيّة مخالفتين: وهما الصرف من دون رقابة ومن غير العودة إلى مجلس النوّاب، وبمخالفة لمبدأ الشموليّة، حيث أنّ الصرف يجب أن يكون من خلال موازنة أو اعتماد إضافي أو اعتماد استثنائي. أمّا المخالفة الثانية فهي فتح اعتمادات خاصّة في المصرف المركزي، وهو ما شرحه رئيس اللجنة ابراهيم كنعان.

وإن وصل الملفّ إلى ديوان المحاسبة وأصدر الأخير تقريره تبقى الإشكاليّة بالخطوة التي ستلي تقرير الديوان من جهّة، وبكيفيّة تأمين الدولة الإنفاق على الدواء والطحين ومن أين من جهّة ثانية.

القانون لا يجيز صرف أموال الـSDR على سياسات الدعم

وفي هذا الإطار تقول عضو تكتّل الجمهوريّة القويّة النائب الدكتورة غادة أيوب في حديثها لموقع “هنا لبنان”، إنّ “أموال الـsdr وفق القانون لا يمكن صرفها على سياسات الدعم. وهي أعطيت في إطار تدارك أزمة كورونا، وتستخدم هذه الأموال إمّا للحفاظ على سعر صرف العملة الوطنيّة مقابل العملة الأجنبيّة أو لقيام الدولة باستثمارات في مجالات عدّة. وقد تمّ صرف هذه الأموال إمّا بقرار من مجلس الوزراء أو بكتب صادرة عن رئيس مجلس الوزراء. وبالحالتين كان يجب أن تؤخذ موافقة المجلس النيابي لصرف هذه الأموال”.

وتشدّد على أنّه “تقع على الدولة اللبنانيّة مهمّة تأمين إيرادات لتغطية سياسات الدعم. وبعد أن أخذ الحاكم بالإنابة وسيم منصوري قرارًا بوقف تمويل الحكومة بالعملة الأجنبيّة، أصبحت الأخيرة مجبرة على الاتكال على إيراداتها لتغطية النفقات وأصبحت المالية تجاهد لتأمين إيرادات عبر المرفأ أو المطار أو من خلال رفع واستحداث الضرائب نتيجة عدم انتظام العمل بالإدارات العامّة. ولكن هناك مصادر إيرادات أخرى بإمكان الدولة اللجوء إليها، كضبط التهريب الجمركي في المطار والمرافئ والتسريع من المعاملات وضبط التهريب”.

وانتقدت أيّوب “عدم انتظام العمل المؤسساتي، وعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، وواقع الحكومة التي لا تزال في حالة تصريف أعمال، في ظلّ غياب أيّ خطط حكوميّة لإنعاش الإقتصاد”، وتتوقّع أن “نرى مسرحيّة جديدة للحكومة، ستأخذ فيها المواطن رهينة، على قاعدة إمّا العتمة الشاملة أو إعطاء سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان، وإمّا الجوع والمرض أو فتح اعتمادات للدواء والطحين”.

على لبنان دفع فوائد 4% على أموال الـSDR

ولفتت إلى أنّ “الأموال المتبقيّة من حقوق السحب الخاصّة بلبنان ستذهب لتسديد فائدة الـ4% على أموال الـsdr”، متفاجأة “كيف يحضر وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل بورقة غير مؤرّخة أو موقّعة، يشرح من خلالها كيف صرفت أموال الـ sdr فيما الأرقام تغيّرت بأقلّ من شهر بين الورقة السابقة (الموقّعة والمؤرّخة) والحاليّة. وتقول أنّ الأرقام تظهر تغييراً شكلياً لفواتير دفعت على الكهرباء والقروض”، سائلة “كيف دفعت هذه الأموال؟”

وترى أيّوب أنّ “الحكومة تصطدم بعائقين: الأوّل، وقف مصرف لبنان سياسة تمويل الحكومة. والثاني، نفاد أموال الـsdr”.

وتبشّر بأنّه “سيستحصل لبنان على المزيد من أموال حقوق السحب الخاصّة بقيمة تتراوح بين الـ 600 أو الـ 900 مليون دولار”، معتبرة أنّه “هنا يأتي دورنا كمجلس نيابي بمنع الحكومات من التطاول على المال العام وفرض الشفافيّة ووضع قيود داخل الموازنة تلزم الحكومة على تقديم تقارير للمجلس النيابي تبرز كيفية إنفاق هذه الأموال”، مضيفة “ومن المهم أن تساعد مخصصات حقوق السحب الخاصة الجديدة على إعادة بناء احتياطات مصرف لبنان التي استُنفِدت، كما سيكون أي استخدام لهذه لمخصصات بصورة شفافة ومسؤولة تدعم التعديلات والإصلاحات اللازمة على مستوى الاقتصاد الكلي”.

وتذكّر بأنّه “من هنا كان التأكيد على أننا كتكتّل جمهوريّة قويّة تقدّمنا باقتراح قانون لمنع صرف الأموال إلا عبر قانون من مجلس النواب، وسقط الاقتراح بصفة العجلة، وصوّت النواب ضده، فيما وقف رئيس الحكومة مؤكّداً أنّه لن يمدّ يده على الأموال الا بعد الرجوع إلى مجلس النواب، ليصار عكس ذلك”.

بالمستندات

واستحصل موقع “هنا لبنان” على الورقة التي قدّمها وزير المال يوسف خليل، على أنّها تظهر أين صرفت أموال الـSDR. وفيما يلي المستند الذي تم توزيعه من قبل وزير المالية في لجنة المال والموازنة في جلسة الاثنين ٢/١٠/٢٠٢٣

وتجدون مرفقاً محضر الجلسة التشريعية في الهيئة العامة لمجلس النواب حين تم طرح اقتراح القانون من قبل تكتل الجمهورية القوية لكن تم إسقاط صفة العجلة عنه في الجلسة وتعهد رئيس الحكومة وقتها بالرجوع إلى مجلس النواب قبل صرف أي مبلغ من حقوق السحب الخاصة:

 

 

 

ما مصير الدواء والطحين وماذا بعد تقرير ديوان المحاسبة؟

من جهته طمأن النائب أيّوب حميد في حديثه لموقع “هنا لبنان” بأن لا خوف على أسعار القمح، فالدعم سيستمرّ بفضل القرض المخصّص لهذه الغاية. ويفترض أن يصرف وفق القانون وأن نتمكّن من الاستفادة منه”.

أمّا موضوع الأدوية، بحسب حميد، فهو وللأسف غير محسوم، فهناك إنقطاع بشكل دوري بأدوية الأمراض المزمنة والسرطانيّة، حيث أنّ مرضى السرطان يعانون للحصول على الدواء”.

وعن ملفّ الـSDR رأى أنّ “هناك طرف ضدّ طرف في هذا الملفّ، فوزير المال لم يصرف قرشاً إلّا بموافقة الحكومة أو رئيسها”، لافتاً إلى أنّ “أصحاب الشعارات والمطالب حتّى وبعد طرحهم لأيّ مشروع لا يكملون به من خلال الهيئة العامة”.

وسأل “إذا كان هناك إدانة لوزير المال بحسب تقرير ديوان المحاسبة، فهل يمكن طرح الثقة بالوزير فيما الحكومة حكومة تصريف أعمال، وهل يحقّ للمجلس النيابي – العاجز عن الاجتماع للأمور الأكثر إلحاحاً- الإجتماع الآن لمعالجة هذه المسألة؟ وهل سيذهب هؤلاء إلى الهيئة العامّة لتشكيل لجنة تحقيق برلمانيّة؟”

واعتبر حميد أنّ “ما يحصل في لجنة المال ليس سوى نوع من الترف وإظهار مواقف لا يمكن أن تؤدّي إلى فرق وتغيير”، مضيفاً “خلصنا” من الشعارات وأصبحت هذه الطروحات السياسيّة مملة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى