مقالات

“مأزق”.. هذا ما سيُواجهه “حزب الله” بسبب “حماس”!

محمد الجنون- لبنان 24

التسوية التي قد تُنهي حرب غزّة لا تُعفي حركة “حماس” من إختبارٍ حقيقيّ داخل لبنان، والأساس فيه “حزب الله“. المسألة هنا ترتبطُ بما يمكن أن تشهده المخيمات الفلسطينية إثر ذلك، ففي حال ضمنت التسوية الحركة وأبقتها سياسياً مع “جزء عسكري”، فإن ذلك قد يعني “تنفسها الصعداء” داخل لبنان، وبالتالي استثمار ما قد تجنيهِ من مكاسب لصالح عملها داخل تجمعات اللاجئين.

السؤال الأكثر طرحاً اليوم في أوساط الفلسطينيين هو التالي: ماذا ستفعل “حماس” داخل لبنان بعد حرب غزة؟ ماذا عن دور “حزب الله” بشأن نفوذها؟ وأيّ مستقبل ينتظرها؟

قبل يومين، أعادت “كتائب القسام” – الجناح العسكري لـ”حماس” فرض وجودها الميداني في جنوب لبنان عبر إطلاق بضعة صواريخ. النشاط هذا كان كفيلاً للتأكيد على أن الحركة موجودة وفاعلة، وما يمكّنها من مواصلة عملياتها هو أن نطاق استهدافاتها داخل إسرائيل بات مضموناً، فالخط الذي يصل إليه المدى الصاروخي “القسّامي” كان “حزب الله” قد استهدفه سابقاً في حين أنه خالٍ من المستوطنين، وإذ طال مواقع عسكرية، فإن المسألة ستبقى تحت عتبة الحرب.

مصادر معنية بالشؤون العسكرية ترى من جهتها إنّ فاعلية عمليات “حماس” في لبنان تراجعت، وتقول إن “حدودها باتت مضبوطة كما أن تأثيرها يتلاشى جغرافياً وعملياتياً”، وتضيف: “في المقابل، فإن ما تقوم به الحركة داخل لبنان هو تمهيدٌ لأن يتحول ما تقوم به إلى مجموعة إنجازات الهدف منها لاحقاً تقوية وجودها في أوساط الداخل الفلسطيني اللبناني وتحديداً في المخيمات التي لم تستطع بسط نفوذها ضمنها خلال الفترات الماضية وتحديداً داخل مخيم عين الحلوة، التجمع الأكبر للفلسطينيين في لبنان“.

إعادة إحياء دور قديم – جديد

آخر المعلومات تشيرُ إلى أن “حماس” تسعى لـ”ترطيب أجوائها” داخل عين الحلوة من خلال تعزيز مكانتها في أوساط اللاجئين عبر “موجة استعطاف” معها. المسألة هذه باتت ملحوظة عبر أكثر من خطوة، لكن في المقابل كان هناك تململٌ داخلي في المخيم بين أوساط السكان يوحي بأن ما تسعى إليه “حماس” هو تعويضٌ لخسائر مُنيت بها في غزة واستثمار ما تبقى من نفوذ لها في لبنان عبر تحريك أدواتها من جهة وأوساطها التي لها نفوذ معين ضمن المُخيّمات.

مصادر فلسطينية تحدّثت عن هذا الأمر بصراحة، فقالت إنّ مسألة “تقوية حماس لنفسها” ليست سهلة، لكنها أشارت إلى أنّ وضع المخيمات قبل حرب غزة ليس كما بعده، وتضيف: “اليوم، العين على حماس كبيرة جداً، حتى أن الدولة اللبنانية قد لا تتسامح مع الحركة أمنياً في وقت لاحق، والهدف الأساسي هو لجم نشاطها العسكري وإعادة ضبطه كي لا يتحول جنوب لبنان إلى منصة عمليات إنتقامية في حال الوصول إلى تسوية ما”.

إحراجٌ لـ”حزب الله“؟

فعلياً، فإن “حزب الله” سيواجه إحراجاً كبيراً بسبب “حماس“، والأساس هنا هو أنّ الأخيرة قد ترى نفسها بحاجة للحزب لكي “تقوى به” بعد حرب غزة.

في الواقع، سيكون الحزب في موقعٍ يعرضه لانتقادات كثيرة، ففي حال انحاز لـ”قوة حماس” في لبنان، فعندها سيكون قد استعدى أطرافاً عديدة داخلية أكثر ترفض أن يكون للوجود الفلسطيني أي نفوذ عسكري داخل الأراضي اللبنانية. المسألةُ هذه ستعتبر “مجازفة” بالنسبة للحزب إن قبلَ بها، كما أن من شأنها أن تفتح المجال لإسرائيل بشن استهدافات جديدة في عمق الجنوب وبالتالي الإضرار بالتسويات المرتقبة.

كل ذلك لن يتحمله الحزبُ لا ميدانياً، كما أنه من “المغامرة” أن يعطي أولوية عسكريّة لـ”حماس” على حساب أمن الجنوب، خصوصاً أن الأخيرة كانت تتحرك “صاروخياً” حتى قبل اندلاع معركة “طوفان الأقصى”، والدليل على ذلك هو ما حصل خلال شهر نيسان عام 2023 حيث تم إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل، وقيل إن لـ”حماس” اليد الطولى بما حصل آنذاك.

المصادر المعنية بالشؤون العسكرية تعتبر أن “حزب الله” يقف أمام تحدٍّ كبير قوامه التالي: كيف سيرضي الداخل وسط محاولته لإرضاء “حليف” أساسي، لكنها أضافت: “ما يمكن أن يُعفي الحزب من الإحراج هو أنه سيقول لحماس إن هناك أولوية داخلية، وأن مساندته الحربية جاءت لغزة ولم تكن لحماس حصراً، ما يعني أنه غير مُلزم بمساندتها داخل لبنان على حساب الأمن والإستقرار الداخلي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى