وعدت إيران بأنها سترد على ضرب قنصليتها، وهي التي اعتادت سابقاً على الرد ببيان الزمان والمكان المناسبين، ورغم انشغال العالم بالرّد الإيراني قبل حصوله، كان كارهو إيران والمقاومة، يسوقون لنظرية “خوف طهران” وعدم قدرتها على الرد، فقبل بدء العملية كان هؤلاء يقولون أن إيران لا تتجرأ على ضرب إسرائيل، وهي ستطلب من أذرعها تنفيذ الرد، فإيران أضعف من أن تتحدى أميركا وتضرب إسرائيل.
خلال الرّد، بلع بعضهم ألسنتهم ولكن لدى بعضهم تبدّلت النظرية، فعندما تم إطلاق المسيرات أطلقوا النكات بخصوص الوقت الذي تحتاجه للوصول إلى فلسطين المحتلة، وقالوا أنها لن تتخطى المجال الجوي الإسرائيلي وأن الإعلان عن المسيرات مسرحية بين إيران وإسرائيل.
بعد ساعات نقل الإعلام خبرًا عن بعثة إيران لدى الأمم المتحدة يقول بأن إيران ستكتفي بهذا الرد بعد ضرب قنصليتها. تناقل محبو إسرائيل وكارهو إيران والمقاومة، الخبر وكأنه انتصار لهم، على اعتبار أن الهجوم انتهى ولم يصل شيء إلى الأراضي المحتلة.
بعدها بنصف ساعة فقط، أضاءت المسيرات الإيرانية والصواريخ سماء كل المنطقة، فمع دوي صفارات الإنذارِ وإطلاق منظومات الدفاع الجوي اشتعلت المنطقة، بالعين المجردة في لبنان عاين اللبنانيون مشاهد أفلام الأكشن في السماء، وعلى شاشات الفضائيات انفجارات واستهدافات من النقب إلى الجولان وما بينهما، من مشهد تاريخي للصواريخ والمسيرات تعبر فوق المسجد الأقصى.
تبين بعد المتابعة أن الضربة الإيرانيّة كانت تستهدف قاعدتين عسكريتين إحداها تلك التي انطلقت الطائرات منها لاستهداف القنصلية، وأصيبت الأهداف بدقة باعتراف الإسرائيلي نفسه، أما باقي الوسائل الهجومية فكانت لدعم العملية الأساسية وفتح الجحيم أمام الكيان وأهله، وكانت ليلة الفلسطينيين سعيدة، تكاد تكون الأسعد منذ العام 1948.
كان لا بد للكارهين من استدراك ما جرى، فانتقلوا إلى تسخيف الضربات، وهذه المسألة لها تفسير نفسي، فالسخيف يحاول تسخيف كل ما حوله لتبرير سخافته، وهكذا هم يحاولون تسخيف كل أفعال المقاومة منذ ستة أشهر حتى اليوم لأجل تبرير جلوسهم على مقاعد المتفرجين.
في لبنان، فئة من هؤلاء الكارهين للمقاومة وفلسطين، يدعون أنهم من محبّي الحياة، وكأن المقاومة فعل موت، ولكن اسألوا كل من قاوم محتلًا يوماً في العالم، سيكون الجواب نفسه، الموت بكرامة حياة والعيش بالذل أبشع من الموت نفسه.
هذه الفئة لشدّة كرهها للمقاومة، لإيران، تتعاطف مع الشيطان، فتارة تحمّل حركة حماس مسؤولية الحرب، وتارة تحمّل المقاومة في لبنان مسؤولية اعتداء إسرائيل علينا، فكانت المثال الصادق للحقد الذي يعمي الأبصار والقلوب، هؤلاء مروا بليلة صعبة في 14 نيسان لذلك ترى مواقفهم “مضحكة” وكأنها نُكات، زادت فرح الفرحين بالضربة لإسرائيل، فرحة إضافية.