هل سيخاطر بوتين بحرب عالمية ثالثة؟.. تقرير لـ”The Hill” يُجيب
ذكرت صحيفة “The Hill” الأميركية أن “على واشنطن وبروكسل الشعور بالقلق بعد أن فاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولايته الخامسة. ففي ولايته السابقة، قُتل زعيم مجموعة “فاغنر” الروسية يفغيني بريغوجين في آب الماضي عندما انفجرت طائرته الخاصة. كما وتوفي المنافس السياسي الرئيسي لبوتين، أليكسي نافالني، الشهر الماضي في مستعمرة جزائية شديدة الحراسة في يامال بالقرب من الدائرة القطبية الشمالية، حيث كان مسجونا، ويُزعم أنه توفي أثناء المشي. ربما سيصبح بوتين أخطر على الأمدين القريب والبعيد في ما يتعلق بالأمن في شرق ووسط أوروبا، بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية. ويشير تقرير استخباراتي ألماني سري تم الكشف عنه مؤخرًا إلى أن روسيا يمكن أن تهاجم إحدى دول الناتو، ربما دول البلطيق أو فنلندا، في وقت مبكر من عام 2026″.
وبحسب الصحيفة، “لابد من وضع سيناريوهات أخرى في الاعتبار أيضا، لأن حلف شمال الأطلسي أصبح متهالكا في المجر وسلوفاكيا، في حين أصبحت الولايات المتحدة منشغلة على نحو متزايد بفِعل السياسات المنقسمة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. في غضون ذلك، لا يستبعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولا بولندا وإستونيا نشر قوات غربية في أوكرانيا. وصعّد ماكرون من حجم الرهان بإعلانه أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا هي حرب “وجودية”. وإلى جانب الجهود التي يبذلها الرئيس التشيكي بيتر بافيل لتأمين التمويل اللازم لشراء 800 ألف طلقة مدفعية، فإن نافذة فرصة الكرملين للفوز ربما تكون على وشك الانغلاق. والسؤال هو ما إذا كان بوتين يستطيع الرد بتصعيد الحرب، فهل سيهاجم دول البلطيق أو مولدوفا أو دولاً أخرى؟”.
وتابعت الصحيفة، “يتعين على حلف شمال الأطلسي أن يتوقع ضربة ضد أحد أعضائه، ومن الواضح أن بوتين يرى أن دول البلطيق هي الحلقة الأضعف في حلف شمال الأطلسي. فالرئيس الروسي يمكن أن ينفذ ضربة محدودة خارج أوكرانيا لعدة أسباب: لتسريع النصر أو الاحتفاظ بالسيطرة على دونباس وشبه جزيرة القرم في خضم الهزيمة الوشيكة. وفي كلتا الحالتين، فإنه سيتحدى ما يعتبره حلف شمال الأطلسي المنقسم لاتخاذ قرار حاسم: الدفاع عن الناتو، أو الدفاع عن أوكرانيا؟ أثبت تفوق روسيا في المدفعية قدرتها في جعل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتخذ قرار الانسحاب التكتيكي من أفدييفكا. ونتيجة لذلك، سخر بوتين من فكرة التفاوض مع زيلينسكي “لمجرد نفاد ذخيرة أوكرانيا”. ومع ذلك فإن هذه “الميزة” لم تمنح بوتين سوى بضعة كيلومترات، وليس المئات التي يحتاجها لهزيمة أوكرانيا”.
وأضافت الصحيفة، “لكسر الجمود، يتعين على بوتين أن يغير حسابات حلف شمال الأطلسي واستعداده لمواصلة دعم المجهود الحربي لأوكرانيا. إن وضع حلف شمال الأطلسي في وضع دفاعي من خلال ضرب أهداف بأسلحة تقليدية في دول البلطيق قد يكون أحد السبل لتحويل جهود الحلف بعيدا عن أوكرانيا، على الرغم من أن ذلك قد يخاطر برد شامل من جانبه. إن تصعيد الصراع من أجل التهدئة هو تكتيك دبلوماسي وعسكري روسي يستخدم كثيرًا، والمعروف باسم “عقيدة جيراسيموف”. الفكرة ببساطة هي خلق الفوضى ومن ثم الاستفادة منها. ويمكن لبوتين استخدام هذا التكتيك لإثارة حالة من الفوضى في بروكسل ومواجهة إعلان ماكرون الجريء عن استعداده لإرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا”.
وتابعت الصحيفة، “خلال خطاب فوزه في الانتخابات الرئاسية يوم الأحد، قال بوتين: “من الواضح للجميع أن هذا الصراع بين روسيا وحلف شمال الأطلسي سيكون على بعد خطوة واحدة فقط من الحرب العالمية الثالثة”. وفي الواقع، يشير هذا الخطاب إلى أنه مستعد للتصعيد خارج أوكرانيا من أجل تحقيق النصر داخلها، ويتعين على حلف شمال الأطلسي أن يكون مستعدا لهذا الأمر. إذاً، يتعين على حلفاء الناتو أن يبدأوا التخطيط بنشاط للدفاع عن أوروبا ضد أي عدوان روسي محتمل، ويتعين عليهم أن يفعلوا ذلك على إطارين زمنيين متوازيين. الأول على المدى القريب، في الوقت الذي لا تزال فيه الحرب في أوكرانيا مستمرة. والثاني هو استئناف العمليات القتالية بعد عشر إلى عشرين سنة من انتهائها”.
وبحسب الصحيفة، “لقد بدأ حلف شمال الأطلسي بالفعل في إحراز التقدم المطلوب بشكل عاجل في الحرب الطويلة. ومع ذلك، فهذه مجرد بداية، وستكون هناك حاجة إلى المزيد من القدرات الدفاعية في بولندا ودول البلطيق. أوكرانيا هي مجرد عمل بوتين الافتتاحي، فهو يريد المزيد بحسب قوله. لم تكن شبه جزيرة القرم كافية في عام 2014 لإشباع شهيته للهيمنة مرة أخرى على البحر الأسود، ولن تكون أوكرانيا كافية إذا فاز”.
ورأت الصحيفة أن “إستونيا وليتوانيا ولاتفيا هي الدول المرشحة الأكثر ترجيحاً، إذا اختار بوتين التصعيد ضد الناتو لخفض التصعيد، ومن المحتمل أن تكون بولندا أيضًا ضمن اللائحة، ويجب على حلف شمال الأطلسي أن يكون يقظًا واستباقيًا. قد تكون حسابات بوتين هي أن واشنطن وبروكسل غير راغبتين في المخاطرة بحرب عالمية ثالثة من خلال الوفاء بالتزامات الناتو بالدفاع عن دول البلطيق. وفي هذا الصدد، قد يثبت أنه على حق، أو على الأقل قد يخلق فوضى كبيرة داخل حلف شمال الأطلسي، حيث يسعى الحلف إلى التوصل إلى توافق في الآراء بشأن كيفية الرد”.
وختمت الصحيفة، “يتعين على واشنطن ولندن وباريس وبروكسل أن تحرر بوتين من وهم هذه الفكرة بشكل كامل، ويتعين على الغرب أن يوضح لبوتين أن أي محاولة لتصعيد الحرب في أوروبا لن تؤدي إلا إلى تصعيد سريع وحاسم من جانب حلف شمال الأطلسي”.
المصدر: خاص “لبنان 24”