رمضانيات

القرى الرمضانية تغلبت على الواقع المر….و صيدا تُجابه الحرب بـ”صيداوي أُحّ”

المصدر: لبنان 24

على الرغم من الغيمة السوداء التي تخيم فوق المنطقة، رفض لبنان أن يظل قابعًا تحت رحمة الجمود القاتل، الذي سلب من شوارع بيروت ضجيجها وضحكة أهلها وأولادها وزحمتها، التي اعتدنا الا تنتهي إلا مع ساعات الصباح الأولى. واليوم، وبعد 5 سنوات من الغياب القسري عن أي جوّ رمضاني، ها هي بيروت تنتعش من جديد، منتفضةً على واقعها، لتعلن ثورة الحياة وبقوة.. انتفاضة بيروت هذه سُمع صداها في الشمال، كذلك في بعلبك والجنوب، الذي على رغم النزيف الذي يفتك به، أبى إلا أن يؤكّد أن لبنان واللبنانيين لم ترهبهم الحرب يومًا.

بيروت القديمة عادت
خلال جولتك في شوارع وسط بيروت لا تستطيع إلا أن تتأثر بهذه المشاهد.. لمسة واحدة وفكرة محت معاناة 5 سنوات من القهر والعذاب.. نجوم، فوانيس، أقمار، مسحراتي، مسارح، أطفال، وغيرها الكثير من المشاهد أرجعت إلينا صورة بيروت 2018، تاريخ آخر قرية رمضانية شهدتها شوارع العاصمة.

وبأرقامٍ قياسية تتزايد يوما بعد يوم ، تسجّل احتفالية “بيروت العيد” زحفًا بشريًا لم تعهده بيروت منذ وقت طويل، إذ بلغ عدد الزوار خلال كل ليلة ما يقارب الستة آلاف زائر، كما ويصل إلى ذروته خلال عطلة نهاية الاسبوع، حيث قصد القرية الرمضانية خلال السبت الفائت مثلا ما يفوق الـ10 آلاف زائر، وهو رقم قياسي مقارنة مع أرقام زوار وسط بيروت في الموسم الصيفي، الذي كان يشهد حركة نشطة قبل الأزمة. واللافت أن هذا العدد لم يضم فقط أهالي وسكان بيروت، إنما شمل آلاف الزوار الذين قصدوا القرية الرمضانية من الجبل، والشمال، والجنوب. كما كان لافتًا تواجد عدد كبير من السياح العرب، خاصة من مصر والأردن حيث أبدوا إعجابهم بالتنظيم والإحتفالات التي اعتادوا عليها عندما يزورون لبنان، هذا إلى جانب حضور عددٍ من الشخصيات الإعلامية، أو المؤثرين العرب عبر مواقع التواصل الإجتماعيّ.

إضاءة الفانوس الرمضاني في النبطية - Sawt Al Farah

القرية الرمضانية التي أعطت المجال للمئات من الاشخاص لناحية استئجار أكواخ لبيع وعرض العديد من المنتجات أو الصناعات الحرفية، أعادت كذلك الحياة وبشكلٍ لافت إلى المحال التجارية، والمكاتب التي تتواجد في وسط بيروت، إذ علم “لبنان24” أن عددًا كبيرًا من المكاتب عاد وفتح أبوابه، حيث عمدت الشركات إلى استئجار المكاتب المغلقة، ومن كان لديه مكتبًا وأقفله عاد ليفتحه من جديد، وذلك لاقتناص الفرصة، خاصةً وأن شهر رمضان لا يزال في بدايته، وتعويلاً من ناحية ثانية على استمرار هذه الحركة خلال موسم الأعياد، بالاضافة إلى التحضير للموسم الصيفي المقبل.

القرية الرمضانية في بيروت تفتح أبوابها امام اللبنانيين والعرب والسياح من كافة أقطار العالم بشكلٍ يومي وحتى نهاية الشهر الفضيل من الساعة 5 بعد الظهر حتى ساعات ما بعد منتصف الليل وبشكل مجانيّ، ليتسنى لمن يرغب عيش تجربة رمضان الفريدة في لبنان.

أكبر معرض للسحور في بيروت

وتأكيدا على أن بيروت تستحق الفرح، قرية رمضانية أخرى ستبصر النور بنكهة مختلفة عن باقي القرى، إذ سيشهد “الفورم دو بيروت” اليوم افتتاح القرية الرمضانية “ليالي زمان” التي ستضم أكبر معرض للسحور في لبنان، والذي سيمتد على مساحة 10 آلاف متر مربع حيث سيقدم المعرض سحورًا رمضانيًّا متنوعًا بين اللّبناني والأجنبي، إلى جانب القهوة والنرجيلة التي لها نكهة خاصة عند عشاقها خلال رمضان.
كما ستشهد هذه القرية تقاليد رمضانيّة تجذب من خلالها الزائرين، حيث سيكون هناك برامج خاصة للمسحراتيّ والدراويش وعازفي العود والنّاي والقانون وغيرهم الكثير الكثير، بالإضافة إلى برامج فنية يحييها فنانون كل ليلة جمعة وسبت.

ولمحبي الألعاب العائليّة، ستوفر القرية “قعدة” لبنانيّة على الأصول، إذ سيكون هناك مجال لعشاق لعبة “الورق” و”الطّاولة” وغيرها من الألعاب الشّعبية باللّعب وسط الأجواء الإستثنائية التي ستبثها القرية، بالاضافة إلى مساحة مخصصة للأولاد مملوءة بعدد كبير من الألعاب.

وعلى طريقة ألف ليلة وليلة، يفتتح معرض “ليالي زمان” أبوابه اليوم أمام كافة الزوار لعيش تجربة رمضانية فريدة ستنير قلوب أهالي لبنان وأطفاله وزواره.

للشمال حصة أيضا
ومن بيروت إلى عاصمة لبنان الثانية، طرابلس، لم يغب طيف رمضان عن شوارع وطرقات المدينة.. بسطات العصائر، متاجر الحلوى، ومحال الثياب، كلها استنفرت لفاعليات الشهر الفضيل، وليوم العيد.

وشهدت المدينة خلال الأيام الماضية حركة كبيرة ولافتة أنعشت الأسواق، بالإضافة إلى مبادرات محلية تكفلت بإنارة الشوارع وتزيينها.

الحركة هذه انعكست فرحًا وارتياحًا على وجوه التجار الذين كانوا ينتظرون هذا الشهر بفارغ الصبر، إذ عبّروا عن أملهم بأن تبقى الحركة على ما هي عليه خلال كافة أيام رمضان. ففي وقت ازدحمت محال الخضار بالطرابلسيين لشراء ما يلزم للسحور والفطور، برزت حركة قوية داخل محال بيع الملابس، إذ حرص الأهالي على شراء الجلابيات والعباءات، تأكيدًا منهم على التقاليد السنوية التي تمنعوا عن التحيّيد عنها على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

وبتكريس للعادات هذه، امتلأت شوارع طرابلس بالفوانيس والنجوم، حيث طاف فيها الأطفال والأهالي وخرجوا بمسيرات احتفالية، صادحين بالابتهالات والدعاء.

كذلك، وللسنة الثانية على التوالي، أطلق الطرابلسيون مهرجان المناطيد، في الباحة الرئيسية لمعرض رشيد كرامي، واللافت هذا العام أن الأمر لم يقتصر على منطقة واحدة فقط، بل امتد هذا التقليد ليشمل مناطق أخرى كـ”سير الضنية” وبخعون، التي شهدت أيضا مهرجانات استثنائية تزامناً مع قدوم شهر رمضان.

صيدا تُجابه الحرب بـ”صيداوي أُحّ”
ومن ضمن الأجواء الإحتفالية التي تشهدها كافة المناطق اللبنانية، لصيدا أيضا حصة خاصة، إذ ستتيح فعالية “خان الفرنج” وعلى مدى 30 يومًا الفرصة أمام أهالي صيدا واللبنانيين لزيارة هذا المعرض الذي أتى نتيجة جهود محلية ساهمت بإطلاقه.
وإلى جانب أهالي صيدا والجوار أطلق “خان الفرنج” فعالياته بحضور الصناعيين والحرفيين ومصنعي الطعام والمأكولات التقليدية.
هذه الحركة التي أُطلقت داخل صيدا، ساهمت ببث حركة قوية داخل أسواق صيدا القديمة التي تأثرت بشكل إيجابي بهذه الفعاليات، ما دفع أصحاب المحال والاسواق إلى إعادة جدولة أعمالهم ووضع برامج خاصة خلال شهر رمضان، يعملون من خلالها على استقطاب زوّار المعرض، مستفيدين من الحركة التي يحدثها. واللافت أن التجار تشاركوا البرامج بين بعضهم كي لا يكون هناك مضاربة داخل المكان الواحد.

وسيقدم مهرجان “صيداوي أُحّ” العديد من الفعاليات الرمضانية، التي تبدأ بمعرض المأكولات والحرف، وصولا إلى فعاليات فنية تتمثل بالعزف على العود، بالاضافة إلى عروض المولد النبوي.

وأصرّ منظمو المعرض لهذا العام على دعم أصحاب المشاريع الصغيرة على أنواعها، من خلال تأمين مواقع معينة داخل المعرض لعرض منتجاتهم وصناعاتهم سواء تطريز، أو حرف أو مأكولات تقليدية كالتمرية والراحة والمناقيش، وغيرها الكثير.

بعلبك: الغارات لم ترهبها
وصولاً إلى بعلبك، فعلى الرغم من استهداف العدو الإسرائيلي الأخير الذي طاول غرب بعلبك وشرقها، إلا أن أهلها أبوا إلا والصمود بوجه العدوان، مؤكّدين أنّهم سيحيون شهر رمضان، ولن تؤثر الحرب عليهم.

وفي ظلّ غياب الفعاليات الرمضانية، إلا أن الأسواق لم تهدأ منذ حلول شهر رمضان، إذ إن العجلة الإقتصادية استمرت ولم ترهبها الحرب، فالأفران تعجّ بالزبائن والطلب الابرز والأكبر على الصفيحة البعلبكية التي لها مكانة خاصة على سفرة اللبنانيين. كذلك المحال التجارية الأخرى والمتاجر بالاضافة إلى المطاعم التي تشهد حركة أكثر من جيدة نسبة إلى الأوضاع.

الصورة الرئيسية لوصفة لحمة بعجين او صفيحة بعلبكية

الجنوب الموجوع يبحث عن العيد
وإلى الجنوب، الذي لا يزال ينزف منذ أكثر من 5 اشهر، فرضت الجبهة الجنوبية نفسها على أهله، خاصة النازحين منهم، الذين التجأوا إلى مراكز الإيواء، إذ إن رمضان الذي كان يجمعهم تشتتوا خلاله اليوم، وبات كل منهم يحيي الأجواء الرمضانية وحيدًا بعيدًا عن الأهل والأحباب.وعلى الرغم من الاشتياق إلى التجمع داخل المساجد، واستكمال سهرات رمضان عند بعضهم البعض، أو في ساحات “الضيعة”، حاولت الجمعيات في الجنوب العمل على تخفيف المعاناة من خلال القيام بتحضير عشرات الآلاف من الوجبات الرمضانية إلى جانب المساعدات الغذائية التي يتلقاها الأهالي بشكل أسبوعيّ، علمًا أن النازحين توزعوا على 18 مركزًا في مناطق متفرقة، وتحاول الجمعيات الوصول إلى أكبر عدد ممكن منهم.

viewed

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى