أخبار دولية

إيران تلعب لعبة طويلة الأمد.. وواشنطن تخسر

ذكرت صحيفة “The Hill” الأميركية أن “حملة القصف الأميركية الأخيرة ضد وكلاء إيران في العراق وسوريا، ردًا على غارة بطائرة مسيّرة في 28 كانون الثاني أدت إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن، لم تكن كافية.

ولأن الضربات لم تستهدف أي إيرانيين، أو أي أصول داخل إيران أو أي من سفن الحرس الثوري الإسلامي الإيراني في الخليج الفارسي، فإن هذه الضربات ستفشل في النهاية في إعادة ترسيخ الردع والصدقية الأميركية في الشرق الأوسط.

وفي الأشهر التي تلت القصف الإسرائيلي لغزة، والذي جاء رداً على الهجوم الذي وقع في 7 تشرين الأول، تعرضت القوات الأميركية لنيران شبه مستمرة من الصواريخ والمدفعية والطائرات المسيّرة التي أطلقتها الجماعات الشيعية التي يسيطر عليها ويزودها الحرس الثوري الإيراني”.

وبحسب الصحيفة، “في غضون ذلك، أطلق الحوثيون، وهم جماعة مدعومة من إيران ومقرها اليمن، العنان للفوضى في سلسلة التوريد العالمية وأرسلوا موجات صادمة عبر الأسواق الدولية من خلال إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة على السفن التجارية التي تبحر في البحر الأحمر.

وقبل الهجوم المميت بطائرة مسيّرة في الأردن، كان رد الفعل الأميركي فاترًا، حيث تمثّل في مجموعة من الضربات الدقيقة على المستودعات والمنشآت في العراق وسوريا واليمن.

وبعد كل رد من هذا القبيل، استؤنفت هجمات هذه الجماعات في غضون أيام”.

وتابعت الصحيفة، “كان من المفترض أن يكون الرد على الهجوم في الأردن مختلفاً، خاصة بعد مقتل ثلاثة جنود أميركيين. وعلى الرغم من أن هذا الهجوم بطائرة مسيّرة على موقع أميركي بعيد في شمال شرق الأردن كان متسقًا مع العديد من الهجمات التي سبقته، إلا أن الرئيس الأميركي جو بايدن وعد برد أكثر قوة.

وبدأت تلك الضربة بـ 85 ضربة استهدفت هذه المجموعات في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا.

ثم، في 7 شباط، قتلت طائرة أميركية مسيّرة في بغداد قائدًا كبيرًا من كتائب حزب الله.

وفي الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة شن ضربات على المواقع المرتبطة بالمتمردين الحوثيين في اليمن”.

 

وأضافت الصحيفة، “تمثل هذه الضربات الأميركية رد فعل تكتيكي على حادثة معينة، وليست استراتيجية شاملة لمواجهة نفوذ إيران الخبيث في المنطقة.

إن التركيز على الجماعات الوكيلة في العراق وسوريا لا يعالج الأساس المظلم للفوضى والعنف على مدى الأشهر الأربعة الماضية.

وسيقوم الحرس الثوري الإيراني بإعادة تجهيز صفوف هذه المجموعات في غضون أسابيع، وستستمر حلقة ردود الفعل من الهجمات على القوات الأميركية تليها ردود أميركية جوفاء.

وسيُصاب المزيد من القوات الأميركية، ويظل احتمال شن طائرة مسيّرة أخرى وقتل المزيد من الأميركيين مرتفعًا”.

وبحسب الصحيفة، “لاستعادة الردع، يتعين على الولايات المتحدة أن تغير ما تفعله، فتضرب بدلاً من ذلك الأهداف التي تهتم بها إيران: قادة الحرس الثوري الإيراني، والقواعد العسكرية الإيرانية وسفن التجسس التابعة لها التي تتسكع في البحر الأحمر.

ولأكثر من عقد من الزمان، قام الملالي في طهران ببناء قوة قوية مكونة من عشرات المجموعات التي تعمل في المنطقة تحت مظلة النظام الإيراني، والتي يزودها الحرس الثوري الإيراني بالتمويل والأسلحة والتوجيه الاستراتيجي.

وفي حين أن استهداف هؤلاء الوكلاء قد يؤدي إلى تدمير صواريخهم وقذائفهم وطائراتهم المسيّرة وتعطيل أنشطتهم المباشرة، إلا أنه لا يفعل الكثير على المدى المتوسط والطويل”.

 

وتابعت الصحيفة، “تمتلك إيران إمدادات هائلة من الطائرات المسيّرة غير المكلفة ولكن القاتلة التي يصنعها مركز شاهد لأبحاث صناعات الطيران، وهي شركة إيرانية تابعة للحرس الثوري الإيراني.

وبالمثل، تمتلك طهران كمية هائلة من الصواريخ، وهي أكبر ترسانة من نوعها في الشرق الأوسط، والتي يمكن شحنها بسرعة إلى المقاتلين في العراق وسوريا.

وبدأت إيران الاستثمار في الطائرات المسيّرة والصواريخ في منتصف الثمانينيات وسط حربها المدمرة مع العراق للتعويض عن عيبها الحاسم أمام أميركا في القدرة العسكرية التقليدية.

الآن، هذا الاستثمار يؤتي ثماره. وتلعب إيران لعبة طويلة الأمد في المنطقة، بينما تلعب إدارة بايدن اللعبة على المدى القصير جداً، بهدف تجنب التصعيد قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني 2024″.

وأضافت الصحيفة، “إيران دولة غنية بالموارد النفطية وتمتلك نفوذًا جيوسياسيًا كبيرًا، فبدلاً من الانخراط في استراتيجيات قصيرة المدى، تتبنى إيران نهجاً صبوراً، مع التركيز على أهداف بعيدة المنال لعقود من الزمن.

وبينما تتمتع الولايات المتحدة بقدرات عسكرية متفوقة، تعتقد إيران أن لديها عزيمة متفوقة، وبالتالي ستنتصر في نهاية المطاف في أي مواجهة مع الولايات المتحدة.

ويسعى الملالي إلى البقاء بعد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتوسيع نفوذهم تدريجياً وتقويض الاستقرار الإقليمي. إن الردع ليس مسألة قوة، بل مسألة إرادة، ولكي ينجح الردع، يجب على الخصم أن يعتقد أن الولايات المتحدة لديها الإرادة لضرب مصالحه.

وفي حالة إيران، يشكل بقاء النظام المصلحة الأعظم، ولن يتراجع رجال الدين في طهران إلا إذا اعتقدوا أن الهجوم الأميركي يعرض سلطتهم للخطر”.

 

وبحسب الصحيفة، “قبل الضربات الأخيرة، كرر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي أن الولايات المتحدة تسعى إلى تجنب الحرب مع إيران، وهي رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة ليس لديها مصلحة في تهديد النظام في طهران. وهذا يتناقض بطبيعته مع أي جهد للردع.

إن الضربات الجوية الأميركية في العراق وسوريا مقابل إطلاق النار مجانا على القواعد الأميركية هي مقايضة ترغب إيران في قبولها.

وهذا النمط من الرد لا يؤدي إلا إلى تشجيع إيران ووكلائها، مما يعزز التصور بأنهم يستطيعون التصرف مع الإفلات من العقاب.

لردع إيران ووكلائها بشكل فعال، يجب على الولايات المتحدة أن تتبنى استراتيجية أكثر استباقية وشمولية، بما في ذلك استهداف الأصول الإيرانية مباشرة، وفرض تكاليف كبيرة على العدوان والإشارة إلى الاستعداد للتصعيد إذا لزم الأمر”.

وختمت الصحيفة، “يجب على الولايات المتحدة اتخاذ الخطوات المطلوبة لمواجهة أنشطة إيران الخبيثة وتأمين مستقبل أكثر استقرارًا وسلامًا للمنطقة”.

المصدر: لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى