مع تصاعد مخاوف اللبنانيين من توسّع الحرب الدائرة في جنوب لبنان منذ 100 يوم بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، أتى إعلان تنظيم مسلّح غير الحزب تنفيذه عمليات باتّجاه مستوطنات إسرائيلية محاذية للحدود، ليُضاعف قلق اللبنانيين من دخول بلدهم أتون الحرب المشتعلة منذ أكثر من ثلاثة أشهر في قطاع غزة.
فقد تبنّت سابقاً تنظيمات معروفة، مثل “كتائب القسّام” لبنان الجناح العسكري لحركة حماس، و”الجهاد” إطلاق صواريخ من لبنان نحو إسرائيل. لكن تنظيمات أخرى جديدة بدأت تطل برأسها مثل “قوات الفجر” التابعة للجماعة الإسلامية، التي أعلنت عن أكثر من 4 عمليات نحو مواقع إسرائيلية.
وما عزّز مخاوف اللبنانيين أكثر بعد، دخول ما يُسمّى “كتائب العز” على المشهد الجنوبي بإعلانها في بيان أمس الأحد أن “مقاتليها تمكّنوا من اختراق الشريط الحدودي في مزارع شبعا المحتلة، واشتبكوا مع دورية اسرائيلية قرب موقع رويسات العلم من المسافة صفر وحققوا فيها إصابات مؤكدة وقد قُتل ثلاثة منهم فيما تمكن اثنان من العودة سالمين”.
ولعل اللافت أيضاً في البيان نفسه لما يُسمّى “كتائب العزّ الإسلامية” إعلانها أن ثلاثة من مقاتليها قتلوا صبيحة يوم الجمعة 8-12-2023 عندما استهدفتهم مسيّرة إسرائيلية قرب موقع المقار في مزارع شبعا المحتلة، بعد أن أمضوا فيها 35 ساعة في مهمة استطلاعية.
وبمعزل عن البيان شكلاً ومضموناً، فإن “استيلاد” هذا التنظيم من دون أن يكون متفرّعاً من الفصائل المسلَحة التي سبق وأعلنت تبنّيها عمليات من جنوب لبنان منذ اندلاع الحرب بغزة في السابع من تشرين الأول الماضي، وهو ما أكّدته مصادر في كل من “حماس” والجماعة للعربية.نت”، يرفع سخونة المواجهة جنوباً ويؤكد أن قرار الحرب والسلم ليس إلا بيد من يُدير تلك الجبهة في العلن وفي الخفاء، أي حزب الله ومن ورائه إيران، كما يعتقد كثيرون. وفي السياق، اعتبر الباحث السياسي مكرم رباح أن “أي عمل عسكري في الجنوب اللبناني يجب أن يحظى بموافقة حزب الله، فكل هذه التنظيمات أو هذا التفريخ لما اعتبره “دكاكين جهادية” لا تعمل إلا بموافقة الحزب”. كما رأى في تصريحات لـ”العربية.نت” “أن هذه الدكاكين الجهادية أساسية بعملية التفاوض ورسالة يريد إيصالها حزب الله مفادها، إما تتعاطون معي بطريقة رسمية كي أؤمن لكم حراسة الحدود الشمالية لإسرائيل، أو ستضطرون للتعامل مع هذه الدكاكين الصغيرة”. ولفت رباح إلى”أن عدم تبنّي أي فصيل ما قام به ما تسمى كتائب العزّ ليس سوى رسائل مُبطّنة من حزب الله الذي يسيطر على مسرح العمليات جنوباً”. إلى ذلك، توقّع ولادة تنظيمات أخرى “يتيمة لا يتبنّاها أي تنظيم معروف، وذلك بهدف استباحة العمل العسكري جنوب لبنان من أجل تحسين شروط التفاوض مع المعنيين”. إلا أنه اعتبر في المقابل “أن استمرار هذه العمليات سيضرّ حزب الله في المستقبل، لأن الأميركي لن يستطيع عندها انتزاع أي تنازلات من الإسرائيلي لوقف العمليات جنوب لبنان”. بدوره، قال النائب أشرف ريفي للعربية.نت” إن “حزب الله عوّدنا على اختراع تنظيمات بأسماء وهمية من أجل التهرّب من المسؤولية”. أضاف “هناك احتمالات عديدة للإعلان عن هكذا تنظيم بهوية مذهبية معيّنة، وانطلاقاً من خبرتنا الأمنية فإن جماعة إيران يلجأون دائماً إلى اختراع هكذا شكل من التنظيمات لتحميلها مسؤولية عمل أمني ما”. كما رأى أن “حزب الله يحارب أحياناً بغيره من التنظيمات المختلفة عنه مذهبياً”. وختم قائلاً: “حزب الله يدّعي أنه مُمسك بالحدود جنوباً، وبالتالي فإن أي عمل عسكري من تنظيمات أخرى غيره يُفترض أنه يمرّ عبره”. |