مقالات

“الأمن الحيواني” ظاهرة تضرب المجتمع اللبناني في المقتل

سليم ناصر

نعمة الأمن والأمان هي من الأمور المفقودة في لبنان هذا البلد الذي تعصف به الأزمات بمختلف أنواعها،

فبعد أزمات الأمن الغذائي، الصحي والحياتي ها هي البلاد تواجح أزمة غريبة من نوعها ولا يفترض أن بواجهها أي شعب يعيش في مدن هذا العصر حيث يفترض أن يعاني منها سكان الغابات والصحاري.

راق لي أن أطلق على هذه الأزمة تسمية “الأمن الحيواني”، فالمجتمع اللبناني اليوم يعاني من الكلاب الشاردة في مختلف المناطق والمدن المكتظة بالسكان والمخيف في الأمر هو الاعداد الكبيرة لهذه الكلاب والتي تهاجم المارة أينما وجدو، ولم يقتصر الأمر على “عضة كلب” انما هناك حالات كثرة جداً أدت الى الوفاة.

لا يمكننا القول أبدا بأن تلك الكلاب هي من الحيوانات الأليفة

فبعد التقصي والحديث مع أكثر من شخص مختص أشاروا الى أن الكلاب الشادرة في لبنان 70 بالمئة منها مسعورة وعضتها مميتة.

تحقيقنا في هذا الموضوع لا يقتصر فقط على أخبار من وسائل التواصل الاجتماعي الموثوقة إنما على تجارب شخصية تكررت لأكثر من مرة وشهادات من قبل ذوي الضحايا.

منذ أقل من شهرتناقلت وسائل الإعلام فيديو في احدى شوارع بيروت يوثق مهاجمة مجموعة من الكلاب الشاردة لطفل لا يتجاوز العاشرة من عمره وراحت نتهش فيه وتمزقه مما ادى الى وفاته. قد يستغرب البعض عدم الإقدام على نجدة الطفل في شارع مكتظ نوعاً ما لكن العدد الكبير من الكلاب الذي هاجم الطفل يرعب اي شخص ويمنعه من المساعدة.

لم نعد قادرين على المشي.. وأتلفت حولي كالمجنون

“إن كنت من محبي رياضة المشي أنصحك بالعدول عن الفكرة” هذا ما قاله لي أحد الاشخاص الذين كانو يزاولون رياضة المشي حول الملعب البلدي في مدينة صيدا، هذا الرجل كان يعاني يومياً من ملاحقة الكلاب الشاردة له أثناء مزاولته لرياضة المشي ولسخرية القدر أنها لم تؤذه أبداً بل تعرض للهجوم من قبل كلب مملوك من أحد الاشخاص أي يفترض انه أليف ومُدرب! عندها قرر التوقف عن ممارسة هوايته قائلاً بالعامية: “يا زلمة صرت امشي وإتلفت حولي متل المجنون”

أزمة تعمق من معاناة أزمة أخرى

سلمنا جدلا أن الحوادث تقع “قضاء وقدر” لكن الأمور فاقت ذلك بكثير، فاليوم هناك نقص حاد في الصيدليات والمستشفيات اللبنانية للأدوية الخاصة لحالات عضات الحيوانات مما يزيد الطين بلة ويحتم على المصاب مواجهة مصيره.

هل الكلاب المدربة والمملوكة من هواة تربيتها آمنة؟

تربية وإقتناء الكلاب أصبحت موضة منتشرة جداً في مجتمعنا خاصة عند الشباب حيث تراهم يرافقونهم في كل مكان وبين الناس في الحدائق والمرافق العامة وعندما يصيبك الخوف منهم او يطلقون نباحهم الشرس عليك يقول لك صاحبهم لا تقلق إنه أليف إنه مدرب جيداً لن يؤذيك…

تمام لن يؤذيني ولكن عندما يمر بجانب طفل او طفلة صغيرة وينبح امامها وينهار الطفل من الخوف ويبكي ماذا نقول له؟ وما العمل للأطفال الذين اصابتهم فوبيا مستحدثة من الكلاب؟

قد يخالفنا الرأي الكثير من مناصري حقوق الحيوان، وهنا أود أن أشير الى أننا لسنا ضد حقوق الحيوان بل على العكس نحن أشد الداعمين، لكننا هنا نتطرق الى أزمة وأعمال قتل إجرامية من قبل الكلاب، ونحن في بلد لا يجد المواطن حقه وهناك مفهوم خاطىء جداً لتربية الكلاب ولا أحد يلتزم بقوانينها الدولية، ففي الغرب مثلا هناك شروط صارمة لإحضارهم الى الحدائق والمرافق العامة وهنالك أنواع محددة من الكلاب التي يمكنها مرافقتك في الشارع.

الشعب يختار الحل الذي يراه مناسباً

لا يمكنا الطلب من دولة غائبة، نائمة وعاجزة عن تأمين أبسط حقوق مواطنيها من أن تحميهم من خطر الكلاب لذلك عمد الأهالي في عدة مناطق الى قتل الكلاب الشاردة عبر إطلاق النار او دس السم مما لفت نظر بعض الجمعيات والمسؤولين كون هذا العمل غير إنساني وقررو بالتنسيق مع الأهالي بإلتقاط الكلاب ووضعا في أرض خاصة تحت الرعاية.

أخيراً ولعل صوتنا يصل ويوقظ الدولة من ثباتها، نطالبها بتفعيل دور البلديات في ملاحقة الكلاب والحيوانات الشاردة واستحداث أراضي خاصة لها، لسنا بوارد التطرق الى الإهمال الوظيفي لكن أمن المواطن هو أولوية، ألا يكفينا موت الناس من الرصاص الطائش والفلتان الأمني والتسمم الغذائي وحوادث السير العشوائية ليضاف إليها اليوم الموت بـ”عضة كلب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى