حقائق مروّعة عما تفعله إسرائيل بشبانٍ فلسطينيين!
تحلّ اليوم 8 كانون الأول الذكرى السنوية لانطلاق شرارة انتفاضة الحجارة التي خاضها الشعب الفلسطيني رفضاً للاحتلال عام 1987، فدفع ثمنا باهظا، لم يثنه عن تجديد ثوراته.
بدأ الفلسطينيون ثورتهم بالحجارة وانتقلوا إلى الكفاح المسلح ثم أخذت القدرات العسكرية تتطور إلى الصواريخ وصولا إلى معركة “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول الماضي. في المقابل، تراوحت الردود الإسرائيلية بين القتل والاعتقال وتكسير العظام وهدم البيوت، وصولا إلى الإبادة الجماعية في غزة.
واندلعت شرارة الانتفاضة في غزة، عندما دهست شاحنة عسكرية إسرائيلية مركبة تقل عمالاً فلسطينيين عائدين إلى القطاع من أماكن عملهم بإسرائيل، فاستشهد 4 منهم وجرح 7 آخرون، وسرعان ما تفجر الغضب الشعبي فيما عرف بالانتفاضة الأولى، وانتقل إلى الضفة الغربية متخذا من الحجارة سلاحا.
واستناداً إلى معطيات مركز المعلومات الوطني الفلسطيني فإن 1550 فلسطينياً استشهدوا خلال الانتفاضة التي خفت جذوتها مع بدء المسار السياسي وتوقيع اتفاق أوسلو في أيلول 1993، كما اعتقل نحو 100 ألف، وجرح قرابة 70 ألفا.
وتشير معطيات منظمة “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية إلى هدم وإغلاق 741 منزلاً فلسطينياً عقوبة ضد نشطاء الانتفاضة، إضافة إلى نحو 1800 منزل هدم بحجة البناء دون ترخيص.
كذلك، تحدث “بتسيلم” إلى تعذيب عشرات آلاف الفلسطينيين خلال اعتقالهم، ومقتل 383 مستوطنا وجنديا إسرائيليا.
وفي معركة طوفان الأقصى، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 16 ألفا و200 فلسطيني وأصاب عشرات الآلاف، ودمر نحو 280 ألف وحدة سكنية في قطاع غزة.
تكسير العظام
عن تجربته، قال الدكتور فهد أبو الحاج الذي يدير حالياً مركز أبو جهاد لدراسات الأسرى التابعة لجامعة القدس، المختص بتوثيق تجارب الأسرى الفلسطينيين، وبينهم أسرى انتفاضة الحجارة الذين كان أحدهم، إنه حين نقل ذات مرة من سجن رام الله وسط الضفة إلى سجن الظاهرية جنوبها، تعرض مع أسرى آخرين للضرب وأجبر، تحت التعذيب، على الهتاف ضد الحرية وضد إقامة الدولة الفلسطينية.
وأشار أبو الحاج -المختص بتوثيق تجارب الأسرى الفلسطينيين بينهم أسرى انتفاضة الحجارة الذين كان هو أحدهم- إلى أنه كان شاهدا على حادثة تكسير عظام فتية قرب مدينة نابلس، ودفْن أسير مقيد في حفرة بواسطة جرافة، قبل أن يهب الناس لإنقاذه.
ad
وتحدث عن ظروف كان يعيشها الأسرى تشبه أحيانا ظروف الأسرى في معركة “طوفان الأقصى”: تعرية، تعذيب وتنكيل، ازدحام في غرف السجون، بل رش مادة كيميائية لمكافحة الحشرات على أجسادهم.
وبرأي الباحث في شؤون الأسرى، فإن أحداث معركة “طوفان الأقصى” أثبتت أن الشعب الفلسطيني يصر على الحرية ويرفض الاحتلال ومحاولات تجميله أو تسويقه عربياً وإسلامياً ودولياً.
ويضيف المتحدث ذاته: “لن تستطيع قوى الأرض مجتمعة أن تنال من المقاومة في غزة اليوم، هناك فرق بين محتل غاصب وبين صاحب الأرض والقضية، فالأخير صاحب حق ولديه إرادة تحركه مهما كانت الخسائر”.
ولفت إلى أنّ الاحتلال مارس العقوبات الجماعية بمختلف أنواعها من قتل للأبرياء وتدمير للبيوت واعتقالات، مع أن سلاح الفلسطينيين كان الحجارة، وأضاف: “اليوم يمعن أكثر في الإبادة وقتل الأطفال والشيوخ والنساء “في محاولة يائسة لردع المقاومة التي طورت أدواتها”.
لماذا الاستمرار؟
لم تتوقف ثورة الفلسطينيين عند انتفاضة الحجارة، بل هبوا بعد ذلك نصرة للأقصى المبارك عام 1996، وانتفضوا نصرة لهذا المسجد الشريف أيضا عام 2000، وبينما شهدت الضفة سلسلة هبات شعبية، خاضت غزة حروبا متتالية.
ad
لكن ثورات الفلسطينيين لم توصلهم حتى الآن إلى الدولة، وإن كانت منظمة التحرير تعتبر السلطة الفلسطينية نواتها، فلماذا يستمر الفلسطينيون في تكرار التجربة؟
يقول الباحث في قضايا الإعلام والسياسة محمود فطافطة إن “العقيدة والحرية أغلى ما لدى الإنسان، ومن يحافظ على عقيدته يعمل لتحقيق حريته”.
وأضاف الباحث في حديثه للجزيرة نت أن الشعب الفلسطيني “يعمل على تحقيق حريته وإن واجهته مصاعب ومعاناة، منذ أكثر من قرن، وتحديدا مع بدء الانتداب البريطاني إلى الاحتلال الإسرائيلي”.
وأوضح أنّ إسرائيل ظلت على الدوام “تدمر المكان وتقتل الإنسان الفلسطيني أو تطرده للشتات، ومع ذلك لم يستسلم، ورغم الظروف القاسية والخذلان، هبّ وأشعل انتفاضاته في كل مناسبة كان يشعر فيها باحتدام الخطر”.
واعتبر فطافطة أنه من الطبيعي لأي إنسان أن يدافع عن إنسانيته وكرامته “ويصبح الإصرار أكثر عندما يكون الشعور بالواجب الديني وأهمية الأرض المقدسة التي يعيش عليها قريبا من المسجد الأقصى، مما يعمق حصانة العمل الفلسطيني المقاوم”.
حرب إبادة
وفي مقارنة سريعة بين سلاحي المقاومة عام 1987 و2023، والردود الإسرائيلية المقابلة، يقول فطافطة “التنوع في أشكال المقاومة يقابله التصعيد في العدوان، والتنويع في استخدام أدوات القتل والتدمير وتوسيع جغرافية الاعتداء”.
وقال الباحث إن تحول ردود الاحتلال من القتل الفردي والتدمير الجزئي، في الهبات السابقة، إلى حرب الإبادة الجماعية، في الرد على معركة “طوفان الأقصى” مرده إلى “البعد الجدي للمرحلة، وشعور الاحتلال بتهديد وجودي أكثر من أي انتفاضة سابقة”.
ومع ذلك، يقول فطافطة إن ثورات الفلسطينيين أتت بنتائج بينها الانسحاب من قطاع غزة، وإبرام صفقات مع الاحتلال أفرج بموجبها عن أسرى. (الجزيرة نت)