الدوافع الخفية وراء تصعيد نتنياهو في لبنان!
في وقت تتصاعد فيه التوقعات بقرب التهدئة وإنهاء الحرب في لبنان، يعمل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على تأزيم الوضع أكثر، فما هي الدوافع وراء هذه السياسة التي يعتمدها، خصوصًا في اللحظات التي يقترب فيها الأطراف من التوصل إلى تهدئة؟ وهل هناك مخاوف من تكرار سيناريو غزة في لبنان؟
الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، د. خالد الحاج، يؤكّد في حديث لـ”ليبانون ديبايت”، أن “نتنياهو يعتمد على استراتيجية التأزيم المتعمد في اللحظات التي تقترب فيها احتمالات التهدئة لتحقيق عدة أهداف:
1- داخليًا: الحفاظ على تماسك ائتلافه الحكومي المتطرف، الذي يرفض التهدئة أو تقديم أي تنازلات.
2- إقليميًا: إظهار إسرائيل بمظهر الطرف الأقوى الذي يفرض شروطه ويؤكد هيمنته العسكرية في المنطقة.
3- دوليًا: محاولته الدائمة لجر الولايات المتحدة الأميركية إلى حرب مع إيران.
ويقول الحاج: “نحن لا نملك القدرة على معرفة تأثير هذه الضربات على حزب الله، وما هي الضربة التي يمكن أن تخرجه عن سياسة تلقي الضربات وإدارة الردود ضمن خطته، لكن نعلم أن التصعيد بالنسبة لنتنياهو يُستخدم كأداة لإضعاف خصومه، إلّا أنه يحمل مخاطرة كبيرة إذا خرج عن السيطرة أو أدى إلى ردود أفعال إقليمية غير محسوبة”.
ويشرح الحاج أن “نتنياهو يعتمد على استراتيجية الحرب المستمرة للحفاظ على استمراره السياسي في ظل أزمات داخلية غير مسبوقة، بما في ذلك الاحتجاجات الواسعة ضد حكومته والأزمات الاقتصادية، وبالتالي، فإن استنفاد الخيارات في غزة بعد عمليات عسكرية مكلفة سياسيًا ودبلوماسيًا يدفعه نحو استغلال الجبهة اللبنانية كوسيلة لتعزيز موقفه الداخلي وإظهار قوته أمام المجتمع الإسرائيلي”.
ويشير إلى أن “لبنان يمثل اليوم أقوى أوراق نتنياهو، خاصة مع تعقيد الوضع الأمني هناك ووجود حزب الله، الذي يعتبر خصمًا أقوى وأشد تسليحًا من فصائل غزة، وهو ما يجعله العدو الأول”.
أما عن سياسة إحباط التهدئة، فيؤكّد الحاج أن “نتنياهو يظهر رغبته في إفشال الجهود الدولية للتوصل إلى تهدئة، كما حدث مرارًا في غزة، حيث عمد إلى تنفيذ عمليات اغتيال أو قصف مكثف كلما اقتربت جهود الوساطة من تحقيق اختراق، هذه الاستراتيجية تهدف إلى الحفاظ على زخم الحرب كأداة لإطالة بقائه السياسي، وهي اليوم تبدو بطريقها لتُطبق على لبنان”.
ويلفت إلى نقطة مهمة تتمثل في دور “اليمين التوراتي”، مشيرًا إلى أن “اليمين الإسرائيلي المتطرف، خاصة الفصائل التوراتية، يضغط نحو استمرار الصراع في لبنان لتعزيز رؤيته الدينية والسياسية، وهذا يزيد من احتمالية تصعيد أوسع على الحدود الشمالية، حيث يرى هؤلاء في الحروب فرصة لإعادة رسم الخارطة السياسية والعسكرية في المنطقة، معبرين عن اعتقادهم بأن هذه فرصة تاريخية قد لا تتكرّر”.