أخبار محلية

تغريدات صامتة برسائل مبطنة… لغة جنبلاط الجديدة

في خطوة جديدة للتعبير عن مواقفه بطريقة مبتكرة، اعتمد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، وليد جنبلاط، أسلوباً فريداً في التغريد على منصات التواصل الاجتماعي. فمنذ فترة، أصبح ينشر لوحات لأشهر الرسامين العالميين، دون أن يرفقها بأي تعليق، تاركًا المجال لمتابعيه لتفسير مغزى هذه الأعمال الفنية. هذا النهج الذي اتخذه جنبلاط يُعتبر وسيلة لإيصال رسائل مبطنة قد تحمل في طياتها تلميحات عميقة حول قضايا الساعة، دون أن يخوض في تفاصيلها بشكل مباشر.

تأتي هذه الخطوة في وقت يمر فيه لبنان بظروف سياسية وأمنية معقدة، حيث تتزايد حالة التوتر والقلق على مستقبل البلاد. ومن خلال هذه اللوحات، يبدو أن جنبلاط يسعى لتوظيف الفن كلغة بديلة، معبرة عن مواقف معينة أو انعكاسات شخصية على الأوضاع الراهنة. تجسد اللوحات مشاعر متنوعة، من الحزن إلى العزلة والتأمل، مما قد يعكس قلق جنبلاط على مصير لبنان ومخاوفه من التحولات السياسية التي تلوح في الأفق.

اللوحة الأولى: “الحياة” لبيكاسو
نشر جنبلاط لوحة “الحياة” للفنان الإسباني بابلو بيكاسو، والتي رسمها في عام 1903 ضمن “الفترة الزرقاء” الشهيرة. اللوحة تصور امرأتين في وضع حزين متضامن، مما قد يشير إلى روح التضامن والدعم وسط صعوبات الحياة. ربما أراد جنبلاط من خلال نشر هذه اللوحة التعبير عن تعاطفه مع الشعب اللبناني، مشيرًا إلى أجواء الحزن والأسى التي تسيطر على الوضع العام في البلاد. يعتبر هذا العمل تجسيدًا للمعاناة الإنسانية المشتركة، ويمكن أن يكون رسالة دعم لأولئك الذين يعانون من وطأة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

اللوحة الثانية: “غروب على البحر” لبول غوغان
في 4 تشرين الثاني، لجأ جنبلاط إلى لوحة “غروب على البحر” للرسام الفرنسي بول غوغان، التي تصور تماثيل دينية تحتضن بعضها بجانب البحر، مما يضفي على العمل طابعاً روحانياً. هذه اللوحة تعكس معاني التضحية والحزن والتأمل، وقد تشير إلى مشاعر الغربة عن الوطن أو الصراع الداخلي. اختيار جنبلاط لهذه اللوحة ربما يعبر عن قلقه بشأن انقطاع التواصل مع جذوره أو قلقه على الهوية اللبنانية في ظل التحديات الراهنة. ربما أراد جنبلاط الإيحاء إلى أن التضحية باتت حتمية وأن الطريق أمام لبنان محفوف بالتحديات، ولكنه يتطلب التفاني من أجل البقاء.

اللوحة الثالثة: “ساحة السجن” لفان جوخ
في 31 تشرين الأول، نشر جنبلاط لوحة “ساحة السجن” لفنسنت فان جوخ، التي تصور مجموعة من السجناء يسيرون في دائرة داخل فناء مغلق، مما يرمز إلى العزلة واليأس. اللوحة قد تكون إشارة إلى شعور جنبلاط بالحصار الذي يعانيه لبنان على الصعيد السياسي والاقتصادي. فبينما تسير الأحداث السياسية في حلقة مفرغة، يشعر الشعب اللبناني وكأنه مسجون في دوامة من الأزمات المتكررة. هذه اللوحة قد تحمل رسالة من جنبلاط حول ضرورة كسر هذه الحلقة والانفتاح على الحلول، قبل أن يؤدي استمرار الأزمة إلى عزلة دائمة عن العالم.

أسلوب جنبلاط في التعبير عبر هذه اللوحات يعد تعبيرًا غير تقليدي عن رؤيته للأوضاع الحالية، ويتيح له إيصال رسائل مشفرة تتيح للمتابعين التفسير وفق منظورهم الخاص. وبينما تظل هذه الرسائل مبهمة وغير مباشرة، تزداد التساؤلات حول مدى انعكاس هذه الأعمال على قرارات جنبلاط السياسية المستقبلية، خصوصًا أن الأوضاع الراهنة تستدعي استراتيجيات جديدة في المشهد السياسي اللبناني.

مع تصاعد الأحداث الأمنية وتأثيرها على الوضع السياسي، تأتي هذه التغريدات لتضيف بعدًا جديدًا لحوار جنبلاط مع جمهوره، إذ يستخدم اللوحات الفنية كمرآة تعكس حالته النفسية أو قراءته للوضع في لبنان. يرى البعض أن هذه التغريدات تفتح باب التأويلات، وتجعل من الفن وسيلة لإبراز صراعات داخلية يعيشها جنبلاط على خلفية قضايا الوطن.

يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه اللوحات تشير إلى دعوة للتأمل والحذر، أم أنها تعبير عن رغبة جنبلاط في الابتعاد قليلاً عن الخوض المباشر في السياسة والاعتماد على رمزية الفن كوسيلة للتعبير عن مواقفه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى