موظفو الإدارة العامة: كفى استهتارًا بمعاناتنا
رأت الهيئة الادارية لرابطة موظفي الإدارة العامة في بيان أن “مجلس الوزراء اصدر القرار الرقم 1 تحت عنوان “ونظراً للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد”، لكن المفارقة المؤلمة أن مضمون القرار لا يعكس بأي شكل من الأشكال هذه الظروف الاستثنائية، بل يمكن القول إنه يعمق معاناتنا بدلاً من أن يكون حلاً لها. لو كان هذا القرار يحمل منطقًا عمليًا أو تفهمًا حقيقيًا لمعاناتنا، لكان عنوانه أكثر دقة “المصيبة” بدلاً من “القرار”.
وقالت: “إن هذا القرار يضرب مبدأ المساواة في الصميم، ويأتي ليزيد من وطأة الأزمة التي يعاني منها المواطن عموما والموظف خصوصا. فالرواتب التي لا تزال هزيلة ولا تفي بأبسط احتياجاتنا اليومية، لا تعكس على الإطلاق الظروف الحالية التي نمر بها. حتى عند محاولة الحكومة تصحيح الوضع، نجد أنها لجأت إلى تسميات لا أساس لها من الصحة، مثل “المثابرة” و”التحفيز”، التي لا تعدو كونها مسميات فارغة الهدف منها تحويل الموظفين إلى مياومين، متجاهلة تمامًا المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه نظام الموظفين”.
اضافت: “لا يمكن تجاهل أن هذه القرارات تأتي بعد استطلاع رأي لمجلس الخدمة المدنية، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى تمثيل هذا الاستطلاع للواقع الفعلي للموظفين. القرار يفتقر تمامًا إلى التوازن ولا يعكس أي مراعاة للظروف الصعبة التي يعيشها المواطن والموظف على حد سواء. ثلث السكان، وأكثر من نصف الموظفين، اضطروا لترك منازلهم بسبب الأوضاع الراهنة، وهم الآن يعيشون في مراكز إيواء أو في أماكن أخرى غير مؤهلة لاستقبالهم، حيث يفتقرون لأبسط متطلبات الحياة اليومية من ملابس لائقة، ونظافة، ورعاية صحية. يعانون في صمت، والأمل في تحسين الوضع يبدو بعيدًا عن الواقع. كيف يمكن لمواطنين في هذه الظروف أن يلتزموا قرارات غير منطقية تتجاهل معاناتهم؟ كيف يمكن مطالبتنا بالعمل كالمعتاد في حين أننا نعيش تحت ضغط نفسي وذهني رهيب، في بيئة غير مستقرة تمامًا”.
تابعت: “ما نعيشه اليوم ليس أزمة عابرة أو ظرفًا موقتًا، بل معاناة يومية تتراكم مع مرور الوقت. ومع كل يوم يمر، تتجدد الأسئلة: أين هو الجهد الحكومي الجاد لوقف التصعيد؟ لماذا لا توجد أي خطة واقعية لتهدئة الوضع وتأمين مناطق محايدة يمكن أن يلجأ إليها المتضررون؟ بدلًا من أن نجد حلًا حقيقيًا، نجد أنفسنا نعيش حالة من القلق المستمر، حيث لا ننام ولا نعرف ماذا سيحصل غدًا. وجاءت الغارات الجوية في هذه الليلة، لتزيد من تعقيد الوضع، وتجعلنا نؤمن أكثر بأن هذا القرار لا يمثل حلًا حقيقيًا، بل هو مجرد تعبير عن تجاهل تام لما نمر به من صعوبات. كيف نطلب من موظفين منهكين، في ظل هذا الوضع الكارثي، أن يواصلوا العمل كالمعتاد؟ وكيف لنا أن نتحمل المزيد من القرارات التي لا تراعي أي من جوانب الواقع؟”.
ختمت: “لا نريد مجرد قرارات ورقية أو وعود فارغة، نريد حلولًا حقيقية وواقعية تعبر عن فهم حقيقي لمعاناتنا اليومية، وتقدم دعماً فعليًا بدلاً من تحميلنا مسؤولية غير منطقية في ظل ظروف لا يمكننا التحكم فيها. كفى استهتارًا بمعاناتنا، فقد أصبحنا عاجزين عن تحمل المزيد”.