عملية تزوير تُعيد تحريك ملف تسجيل الخطوط الخلوية
استغرب علي منذ أيام وجود صور غريبة على رقمه على واتساب المخصص لصفحة يديرها على تطبيق “انستغرام”، واكتشف أنه غير قادر على استخدام الرقم، فاتصل به ليكتشف أن الرقم بيع الى شخص أجنبي في لبنان، رغم أن الرقم كان قد تم “تشريجه” لعام كامل في شهر آذار من العام الجاري. فاستفسر، بحسب ما يؤكد لـ”المدن”، من أصدقاء له في شركة “تاتش” عن الأسباب ليتبين أن الرقم لم يكن مسجلاً بإسمه وأن هناك حملة لتسجيل الخطوط، وقطع تلك المباعة بطريقة غير قانونية.
اللافت للإتباه أن علي عندما اتصل برقمه رد عليه شخص اشترى الخط من دون تسجيله أيضاً، إذ أخبره صاحب المحل الذي اشترى منه البطاقة أن عليه دفع مبلغ إضافي للحصول على الخط من دون تسجيله.
إن هذه الواقعة تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت “ألفا” و”تاتش” قد باشرتا بحملة قطع الخطوط غير المسجلة بطريقة قانونية، ودفع أصحاب الخطوط للتسجيل لكي لا يخسروا أرقامهم، علماً أن وزير الإتصالات جوني القرم يؤكد في حديث لـ”المدن” أن هذه الحملة صحيحة لكنها لم تنطلق بشكل رسميّ بعد.
عملية تزوير أعادت تحريك الملف
في العام 2017 أطلقت شركتا الخلوي بالتعاون مع وزارة الاتصالات حملة لتسجيل الخطوط عبر استخدام البصمة البيومترية، حيث طُلب من كل المواطنين الذين يستخدمون الهاتف الخلوي إعادة تسجيل خطوطهم عبر البصمة البيومترية مجاناً، على أن يُقطع الخط عن الشخص المتخلف عن التنفيذ.
نامت المسألة، واستيقظت نهاية شهر أيار الماضي مع اتخاذ قرار في الحكومة بالتشدد في مسألة الوجود السوري في لبنان، حيث تبلغ أعداد الخطوط الخلوية مع السوريين حوالي 830 ألف خطّ. وقرر وزير الاتصالات التحضير لمناقصة لشراء “برنامج للتحقق من صحة أوراق حاملي الخطوط الخلوية في لبنان”، يُعرف بإسم برنامج “OCR”، وهدفه كشف مدى دقة الأوراق الثبوتية المقدمة لشراء الخطوط الخلوية وعدم وجود تزوير فيها. لم تنجح المناقصة الأولى ويتم التحضير اليوم، بحسب الوزير، لمناقصة جديدة لشراء البرنامج، مشدداً في حديثه لـ”المدن” على أن “هذا البرنامج الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي ضروري للغاية لضبط عملية شراء الخطوط الخلوية”، مشيراً الى أن م”شكلة بيع هذه الخطوط بطريقة غير مضبوطة موجودة بشكل عام لدى الوكلاء الذين لا يقومون بالتدقيق بالهويات كما تفعل مراكز البيع الرسمية”.
وبحسب معلومات “المدن”، وقعت حادثة، منذ أيام، تسببت بعودة ملف تسجيل الخطوط الى الواجهة من جديد. فقد حصلت في عكار عملية تزوير كبيرة، بطلها بحسب مصادر متابعة احد وكلاء شركة “ألفا” حيث كان يعمد لفتح الخطوط وبيعها باستخدام هويات غير معنية بعملية الشراء.
وتقول المصادر عبر “المدن”: “يحق لكل شخص أن يشتري على هويته عدداً من الخطوط، تكون مسجلة باسمه، ولكن ما كان يجري هو أن بعض أصحاب المحال التي تقدم خدمات عامة تحتاج الى تصوير هويات الزبائن، كانوا يستخدمون هذه الهويات لفتح الخطوط وبيعها لغير صاحب الهوية المستخدمة بالعملية، وبأسعار أعلى كونها لا تكون مربوطة بحاملها”، مشيرة إلى أن اكتشاف عملية التزوير هذه دفعت لإصدار قرار بالتشدد في مسألة تسجيل الخطوط.
رسالة إنذار لأسبوعين
اليوم، من يملك خطاً تم فتحه من خلال هوية مزورة، وعلى الأغلب قد لا يكون حامله على علم، أو اشترى خطاً بطريقة غير قانونية وكان من الأجانب الذين لا يملكون إقامة قانونية في لبنان، سيتم إرسال رسالة نصية لهم تنذرهم بضرورة تسجيل الخط خلال أسبوعين وإلا سيصبح الخط “معلّقاً”، وستنتهي صلاحيته بعد انتهاء صلاحية “التشريج”، بمعنى أنه لن يتمكن من استخدامه أو إعادة تعبئته أو دفع فاتورته بحال لم يُبادر لزيارة الشركة وتسجيل الخط عبر تعبئة المعلومات المطلوبة وتصوير الوجه، علماً أن المتحدثين لـ”المدن” حول هذه المسألة لا يذكرون وصول رسالة كهذه قبل خسارة الخطوط.
يؤكد القرم أن هذه الحملة ستنطلق بشكل رسمي مطلع أيلول، مستبعداً أن يكون “الخط” الذي تحدثنا عنه بداية مقالنا قد تعطل بسبب عدم تسجيله لأن صاحبه لم تصله رسالة تبلغه بضرورة التسجيل، مشدداً على أن إرسال الرسائل النصية قبل أسبوعين من اتخاذ الإجراء هو شرط أساسي وضروري لهذه الحملة.
تجزم المصادر أن عملية شراء الخطوط اليوم من نقاط البيع الشرعية تخضع كلها للآلية المطلوبة والقانونية، ولكن يبقى هناك ثغرات تحصل من خلال التزوير، لذلك هناك حملة للمكافحة على صعيد ضبط عمليات البيع أولا، وملاحقة الأرقام غير المسجلة بغية تسجيلها ثانياً، ولكن ماذا عن القلق الأمني في هذا السياق؟
الداتا متاحة لكثيرين
لو تحدثنا عن داتا اللبنانيين في قطاع الاتصالات قبل عملية طوفان الأقصى، كان يمكن أن نتحدث عن شكوك حول حمايتها والقدرة على اختراقها، ولكن بعد بدء الحرب لم يعد بالإمكان الحديث عن شكوك، فالخرق حاصل وأكيد، علماً أنه بحسب المصادر فإن هذه الداتا التي تحتوي على كامل المعلومات الشخصية للشخص حامل الخط وصورته أيضاً، متاحة لكل الاجهزة الأمنية التي تحضر بشكل دوري الى الشركات لتحميل الداتا الجديدة، ومتاحة بأجزاء منها أيضاً لأصحاب نقاط البيع.
وتكشف المصادر أن هناك بعض الإستثناءات الممنوحة لمسؤولين وشخصيات وقادة وضباط في الأجهزة الأمنية، ولكن بالتأكيد هذه المسألة ستخلق أزمة أيضاً مع آخرين بقوى سياسية تعتبر نفسها مستهدفة، وهي كذلك بحسب ما أظهرت الحرب الحالية، مشددة على أن مسألة تسجيل الخطوط بديهية وضرورية للغاية لعمل الأجهزة الأمنية، ولكن يجب تعزيز حماية داتا اللبنانيين.
محمد علوش – المدن