مقالات

عندما منح الثنائي هدية مجانية للمعارضة ومصادره تقول: ليس هكذا تكون المبادرات

محمد علوش- الملفات

عندما طرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري في شهر آب من العام الماضي مبادرة رئاسية تبدأ بالحوار وتنتهي بعقد جلسات انتخاب رئاسية بدورات متعددة، لم تكن الحرب قد بدأت، ولم يكن الفريق المعارض يحمل عنوان الحرب وربط الحزب لها بكل الملفات السياسية، وكان الرفض سيد الموقف لسبب بسيط واضح، هو عدم استعداد الخارج الذي “يمون” على المعارضة لانتخاب رئيس للجمهورية.

يومها كانت المعارضة ترفض الحوار وتقول أنها لا تقبل بحوار يحاول فيه الفريق الآخر فرض مرشحه عليها، وكما تخلت عن ترشيح ميشال معوض تريد من داعمي ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية التخلي عن دعمه قبل الجلوس على طاولة الحوار، وهو ما لم يحصل. بعدها دخلنا مرحلة الحرب مع اسرائيل في تشرين الأول الماضي، وتحولت حجة المعارضة برفض الحوار من رفض التمسك بفرنجية الى اتهام حزب الله بأنه يربط الحرب بالرئاسة وأن لا رئاسة قبل حسم الحرب، واستمرت هذه الحجة حتى نهاية فصل الربيع الماضي، يوم سمع الموفدون الدوليون من الثنائي الشيعي بشكل واضح أن لا ربط بين الرئاسة والحرب، وأنهما مستعدان لانتخاب الرئيس بعد حوار بحسب مبادرة رئيس المجلس النيابي.

عندها كان لا بد للمعارضة من البحث عن حجة أخرى لرفض الحوار، فكانت رفض تثبيت أعراف جديدة تسبق انتخاب كل رئيس، فالنسبة إليها لا يجوز ضرب الدستور لصالح تقديم قوة وصلاحيات لرئيس المجلس تجعله ممسكاً بعملية انتخاب الرئيس من باب الدعوة للحوار وترؤسه، واستمرت هذه الحجة حتى شهر تموز الماضي، يوم طرحت المعارضة ما أسمته بمبادرة رئاسية من نقطتين، فعندها تحولت هذه القوى من رافضة للحوار الى حاملة لمبادرة رئاسية جديدة.

تروي مصادر سياسية داعمة لسليمان فرنجية هذا التسلسل الزمني عبر “الملفات” لتقول أن المعارضة منذ تاريخ نهاية ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون كانت في موقف المعارض لكل حوار والرافض له والمعرقل للتشاور والتفاهمات، ولكنها اليوم، بعد طرح المبادرة، ورفض نواب الثنائي اللقاء بوفد المعارضة الذي كان يعمل على محاولة تسويق المبادرة، تحولت الى موقف المهاجم، مشيرة الى أن الثنائي سجل هدفاً في مرماه، ومنح المعارضة ما تتحدث به خلال المؤتمرات الصحافية والاطلالات الاعلامية، وتقول بأن الداعي للحوار يرفض الجلوس مع النواب للحديث عن شكل التشاور، فكيف سيبحث المضمون؟

بالنسبة الى المصادر فإنه مهما كان سبب تأجيل المواعيد ورفض اللقاءات إلا أنه قدم للمعارضة هدية مجانية، حتى ولو كان السبب بالنسبة للمصادر هو أن المبادرة لم تُطرح لإيجاد الحل بل رمي المسؤولية على الاخرين وهو ما يدركه كل من يعمل في الشأن السياسي. نعم قدمت المعارضة طرحها واطلقت بالتزامن هجوماً سياسياً عنيفاً على الثنائي ورئيس المجلس، وهي التي تُريد مصادرة دوره التشريعي من خلال مبادرتها، وأيضاً خاض رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي يصنف نفسه “زعيماً” للمعارضة، حرباً على الرئيس بري، وهذه كلها أمور قائمة، ولكنها لا تبرر رفض اللقاء، فماذا لو وافقت المعارضة على الحوار برئاسة بري، هل يرفضون الجلوس معها لنفس الأسباب؟

اليوم تقول مصادر “المعارضة” عبر “الملفات” أن رفض اللقاء وتأجيل المواعيد يؤكدان أن هناك من لا يريد رئيساً بالوقت الراهن، وهذا أصبح واضحاً، ويعكس حجم التباعد والخلاف بين المعارضة والثنائي الشيعي، ولا بد من البحث عن سبل للمواجهة، بينما تؤكد مصادر الثنائي عبر “الملفات” أن الشكليات لا تعنيه، ومن كان يرفض التشاور سابقاً لا يمكنه اتهام الآخرين بما يمتاز هو فيه، وبالتالي من يريد الهجوم علينا بيد، ومصافحتنا باليد الأخرى نقول له ليس هكذا تكون المبادرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى