كما في كل مرة تُطرح فيها “مبادرة” رئاسية ما أو حتى شبه مبادرة، تنطلق جولة المبادرين على الكتل النيابية والقوى السياسية لتسويق الأفكار الجديدة، وهكذا تحاول أن تفعل قوى المعارضة التي استكملت أمس جولتها، وتستمر اليوم بلقاء “التكتل الوطني المستقل”، وكتلة “نواب الارمن” وكتل نيابية صغيرة، على أن تبقى الأنظار موجهة نحو لقاء المعارضة مع كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة الجمعة المقبل.
عندما أطلقت المعارضة مبادرتها المبنيّة على اقتراحين حول فكرة التشاور، كانت تعلم أن مبادرتها لن تصل الى أيّ خاتمة سعيدة، فالهدف منها لم يكن انتخاب الرئيس الذي يعلم الجميع أنّ وقت انتخابه لم يحن بعد وهو يتعلّق بظروف خارجيّة أولاً، تنعكس داخلياً، إنما كان الهدف محاولة حشر الفريق الآخر، تحديداً الداعم لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وإظهاره على أنّه المعرقل أمام اللجنة الخماسيّة، خاصّة أن أطرافاً في المعارضة بدأت تشجع دولاً في الخماسية على فرض عقوبات على معرقلي الانتخابات الرئاسية، أي رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحديداً بحسب وجهة نظرهم.
إنطلاقاً من هذا الهدف كانت تُدرك قوى المعارضة سلفاً أن المبادرة لن تلقى قبولاً من الثنائي الشيعي تحديداً، سيّما أنها جاءت لتحاول تحجيم موقع رئاسة المجلس النيابي ودوره، لذلك بحسب مصادر سياسية متابعة فإنّ رأياً في المعارضة كان يُطالب بعدم لقاء وفد المعارضة مع كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، ولكن الرأي الغالب كان بحسب المصادر أن يُطلب الموعد لاستكمال الفكرة الأساسيّة من المبادرة وهي إظهار الثنائي كمعرقل رئيسي ورافض أساسي لكل المبادرات والحلول، وكي لا يُقال أن المعارضة استثنت الثنائي لأنّها لا تريد لمبادرتها النجاح.
طُلب الموعد للقاء كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة الأسبوع الماضي، فتم تحديده الجمعة المقبل، وهو موعد متأخر لا يخلو من رسائل، وهو ما تقرأه المصادر بأنه يحمل رسالتين أساسيتين، رسالة طبيعية تتعلق بذكرى عاشوراء التي تنتهي الأربعاء المقبل، وانشغال الثنائي بهذه المناسبة التي يتم إحياؤها في كثير من المناطق اللبنانية وتنال اهتمام المسؤولين والنواب الذين يشاركون في المجالس ويكون لهم كلمات بها أيضاً، ورسالة سياسية أيضاً بأن لا ضرورة لموعد مستعجل وطارئ، فلا شيء يستأهل هذا الأمر، وتُشير المصادر الى أن الثنائي الذي تحدث عن موقفه من المبادرة علانية، وفي أكثر من مناسبة، وعبّر عن رأيه فيها بأنها مبادرة تعمّق النزاع لا تقدم الحلول له، لن يرفض لقاء المعارضة كي لا يُحتسب عليه رفض اللقاء رفضاً لمبدأ التشاور واللقاء، ولكن الاجتماع من وجهة نظر المصادر سيكون من باب المجاملة والأدب، ولن يحمل أي جديد على الصعيد السياسي.
إذا تُدرك المعارضة أن لقاءها مع الثنائي لن يقدّم أو يؤخر، ويُدرك الثنائي أن اللقاء لن يغير بالواقع السلبي، ولكن الطرفين يعملان وفق مبدأ يقول “جاهزون للنقاش، والمشكلة عند الآخرين”.