عندما وافقت حركة حماس على المقترح المصري – الأميركي للهدنة وتبادل الأسرى ارتبك الاسرائيلي الذي لم يكن ليتوقع أن توافق حماس على المقترح دون بند واضح كانت تطالب به الحركة منذ نهاية الهدنة الأولى في الحرب، ينص على انتهاء الحرب ووقف إطلاق النار، لذلك تراجع الاميركيون عن اقتراحهم بالمواربة، وهرب رئيس الحكومة الاسرائيلية بن ينامين نتانياهو الى الأمام من بوابة رفح.
اليقين الاسرائيلي بأن حركة حماس لن توافق على المقترح انطلق من غياب الرؤية الكاملة والشاملة لمرحلة ما بعد الحرب، ولذلك كان مفاجئاً قرار الحركة التي كانت على علم، بحسب مصادر متابعة، بأن اسرائيل لن توافق على الهدنة وأن الامور ستتدحرج الى رفح، ولكنها ضربت ضربتها لتزيد من حجم الضغوط الدولية على اسرائيل وهو ما حصل ولو لم يؤد الى نتائج ملحوظة، او لن يكون له نتائج ملحوظة في المدى القريب.
المشكلة بحسب المصادر لم تكن يوماً ببنود صفقة تبادل، بل أن المشكلة الأساسية كانت منذ أشهر ولا تزال تتعلق بما بعد الحرب، أي السؤال الجوهري والكبير “ماذا في اليوم التالي للحرب في غزة”؟
هذا السؤال له عدة جوانب، منها ما يتعلق بوضع القطاع ومن يُريده ومن يسيطر عليه وكيف سيكون شكل الادارة ودور حركة حماس فيها، ودور قادة الحركة الحاليين في غزة، ومنها ما يتعلق بدور اسرائيل في تلك المرحلة وكيف تتعاطى مع القطاع الذي نفذ هجوم 7 تشرين فكان طوفاناً بكل ما للكلمة من معنى، ومنها ما يتعلق أيضاً بالمسائل الشخصية التي يجهد نتانياهو لجعلها اولوية، فبحسب المصادر، ليست مزحة رواية مستقبل نتانياهو وما ينتظره بعد الحرب وما الذي يطمح إليه.
تكشف المصادر أن رئيس الحكومة الاسرائيلية يطيل أمد الحرب، لا لتحقيق أهدافها التي لن تتحقق وهو يعلم ذلك من خلال تقارير الاستخبارات الاسرائيلية والاميركية وغيرها التي تصل اليه والتي تؤكد أن هزيمة مطلقة لحركة حماس هي أمر مستحيل، لمسه الجيش الاسرائيلي في المقاومة التي لا تزال حاضرة في كل مناطق قطاع غزة، إنما لتحقيق أهدافه الشخصية المتمثلة بتأمين أمرين أساسيين بالنسبة إليه: الأمر الأول يتعلق بمصيره الشخصي كمتهم بالفساد وقد يتهم بالتقصير أيضاً، والأمر الثاني يتعلق بمصيره السياسي كونه يرغب بالاستمرار في رئاسة الحكومة حتى موعد الانتخابات الإسرائيلية.