مقالات

لهذه الظروف المقاومة لا تخشى الحرب… خطوات جديدة للمحور

محمد علوش- الديار

في العام 2006 اندلعت حرب تموز بعد قيام المقاومة بأسر جنديين “إسرائيليين” لتحرير الأسرى اللبنانيين من السجون “الاسرائيلية”، فكانت الحرب الأشد والأقسى على المقاومة ولبنان، وكانت الأهداف واضحة وصريحة: سحق حزب الله واستعادة الأسرى “الاسرائيليين” دون أي مقابل.

يومها أدان العام بأسره تقريباً عملية الأسر، حتى روسيا والصين آنذاك، واصطف العالم الغربي والعربي مع بعض الاستثناءات القليلة الى جانب “اسرائيل”، حتى بعض اللبنانيين وجزء كبير من الحكومة اللبنانية تبنوا المطالب “الاسرائيلية”. وبعد مرور أيام 5 على الحرب وصل الى المقاومة العرض “الاسرائيلي” الذي نقلته ألسن لبنانية، وكان يتضمن 3 شروط لوقف الحرب: الأول تسليم سلاح المقاومة بالكامل، الثاني تسليم الأسيرين، والثالث القبول بانتشار قوات دولية متعددة الجنسيات من الجنوب الى بيروت، وصولاً الى الحدود اللبنانية السورية.

سقطت كل الاهداف وخرجت المقاومة صلبة، ويومها كانت “اسرائيل” قوية وقاسية والعالم معها، اما اليوم فالوضع ليس بالسوء الذي كان عليه عام 2006، فالآحادية في العالم ضُربت مع تصاعد قوة روسيا والصين، و”اسرائيل” متزعزعة بعد عملية طوفان الاقصى والحرب الطويلة التي لا تزال تخوضها في غزة، والأهم أن المقاومة في لبنان باتت قوة اقليمية، حتى انها تُعتبر أقوى تنظيم مسلح في العالم، مجهز بأحدث التجهيزات في البر والبحر والجو، وقادر على قلب الموازين من خلال المفاجآت التي جهزها طيلة 18 عاماً من العمل اليومي الجاد والمضني.

في العام 2006 كانت أهداف الحرب كبيرة وضخمة، بينما اليوم تتعلق بجلب الأمن لمستوطني شمال فلسطين المحتلة وإعادتهم الى منازلهم، والعالم يخشى على “اسرائيل” من الحرب، والأدارة الاميركية مشغولة بانتخابات رئاسية داخلية، وحروب خارجية منها ما هو مسلح في أوكرانيا ضد روسيا، ومنها ما لا يزال بارداً بوجه الصين.

من هذه المقدمة تنطلق مصادر قريبة من المقاومة للقول أن الظروف عام 2006 غير ظروف اليوم، فاليوم هناك محور مقاوم لم يعد بالإمكان تجاوزه أو تخطيه، وهناك قوة اقليمية جديدة ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند أي وكل مواجهة مع “اسرائيل”، فعملية طوفان الأقصى غيّرت وجه المنطقة الى الأبد، ويكفي الإشارة الى حجم الخلافات “الاسرائيلية” الداخلية للتدليل على هذه النتائج، فرئيس حكومة العدو نتانياهو يعيش صراعات استراتيجية، وعلاقته الشخصية بالإدارة الأميركية الحالية في اسوأ أحوالها، وحكومته مهددة بالإنهيار في أي لحظة، والخلافات بين الجيش والمستوى السياسي في اعلى مستوياتها.

وتُشير المصادر الى ان المقاومة في لبنان جمعت كل عناصر القوة هذه لخوض المنازلة الراهنة، وهي مستعدة لكل الاحتمالات، ومن يخشى الحرب هي “اسرائيل”، فالكيان عالق بين حدي الحرب المدمرة عليه، والمؤثرة على كل المصالح الأميركية في المنطقة، ووقف الحرب المذلة والخاسرة واستمرار حماس كقوة مقاومة فلسطينية.

وترى المصادر أن هذا الواقع هو الذي يدفع العالم بأسره للتوسط مع المقاومة لعدم توسع الحرب، وهذا الواقع هو الذي يدفع “الاسرائيليين” الى الإكثار من رمي القنابل الصوتية، وهذا الواقع الذي سيترك آثاره المباشرة في أي حرب مقبلة.

في الوقت الحالي تجري المفاوضات لوقف الحرب، تقول المصادر، ولكن نتانياهو لا يزال يضع العراقيل امام الحل، فالرجل يتحسس مستقبله السياسي في كل خطوة، ويعول على إدارة أميركية جديدة، مشيرة الى أن محور المقاومة قيّم كل المستجدات ووضع خطة العمل للأيام والأسابيع المقبلة، وسيكون له تحركات جديدة ومفاجآت بحال لم تنجح المفاوضات، فالحرب لن تستمر على إيقاع وتوقيت نتانياهو وزمرته الحاكمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى