مقالات

حتّى إنت يا بروتس؟

محمد علوش

سارع وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية بعد ساعات قليلة على صدور وانتشار الفيلم الهوليودي الذي أخرجته الديلي تلغراف، لنفي الاتهامات والتأكيد على أن مطار بيروت الدولي خال من السلاح والصواريخ، وأعلن عن جولة ميدانية في اليوم التالي للسفراء والإعلام.

 

خلال جولة الإعلام كان واضحًا الانقسام في لبنان والذي أصبح قاسياً للغاية منذ 8 تشرين الأول الماضي يوم بداية الحرب في الجنوب، فكان قسم من الإعلام يسعى جاهدًا لتسخيف الجولة وتأكيد الأكاذيب والإشاعات، واستفاد بذلك من جوقة سياسيين وإعلاميين يكنّون الكره للمقاومة وشعبها، حتى باتوا يتمنّون حصول الحرب اليوم قبل الغد.

 

خلال الجولة في المطار كانت هناك كلمات للوزراء والمسؤولين، أبرزها ما أدلى به وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصّار، فالرجل، وهو وزير السياحة المعنيّ الأول بإبراز انتظام عمل المطار ودحض الشائعات، والذي يُفترض أنه المهتم الأبرز بأن تستمر حركة المطار على ما هي عليه من وتيرة مرتفعة، خرج بخطاب أمام اللبنانيين والأجانب يقول بضرورة فتح مطار ثان في لبنان في القليعات، داعياً طبعاً لأن لا يؤخذ كلامه على محمل سياسي.

 

لا يمكن للمرء في لحظة كهذه إلا أن يطرح تساؤلات كثيرة أولها، هل هذا الوقت المناسب فعلًا لوزير السياحة لكي يطرح هذا الطرح، خلال جولة إعلامية في مطار بيروت الدولي المتهم من جهة إعلامية بريطانية أنه مستودع للصواريخ والأسلحة التابعة لحزب الله؟

 

هل وجد الوزير هذه المناسبة، التي كان يسعى الجميع خلالها لإظهار كذب وزيف الادعاءات وحسن انتظام العمل في مطار بيروت، هي المكان الملائم ليطرح إنشاء مطار ثان، وهل يمكن أن لا يؤخذ هذا الكلام على محمل السياسة في ظل ظرف كهذا وتوقيت كهذا؟

 

ألم يكن أجدر بوزير السياحة الإضاءة على الموسم السياحي وحركة المطار وحجمها وأهمية هذه الصورة بوجه العدو الإسرائيليِّ وآلته الإعلامية التي استفزها مشهد المسافرين والقادمين في مطار بيروت فأرادت ضربه تيمناً بما يجري في المطارات الإسرائيلية التي تشهد حركة خروج دون حركة دخول؟

 

لا مكان ربما في هذا التوقيت للبحث السياسي أو التقني في فكرة المطار الثاني، فمن حيث المبدأ فإن الفكرة ممتازة، ولكن من حيث التطبيق والنوايا فهل فعلًا من يطالب بمطار ثان يهدف لتحسين الاقتصاد اللبناني أو تطوير البنى التحتية أم يهدف لأن يكون له مطاره الخاص في سياق التقسيم الذي ينادي به سياسيون بارزون؟

 

بدل أن يكحّلها وزير السياحة “أعماها”، وبدل أن يجبرها كسرها، ولو كان فعلًا قد قال ما قاله عن حسن نية، ولكن قوله هذا، إلى جانب كل ما يجري في البلد من خطابات عنوانها “التقسيم”، هي دليل على أن في لبنان شعوب متناحرة لا يعني همّ أحدها الآخر، لا بل أكثر من ذلك إذا ما تمعَّنا بما يجري اليوم حيث نجد أن لبنانيين يتمنّون الحرب على لبنانيين آخرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى