هل بدّلت أميركا من موقفها الرافض للحرب على لبنان؟
في الوقت الذي كان فيه المبعوث الأميركي آموس هوكستين في لبنان وتل أبيب لتخفيض التوتر والتصعيد على الجبهة الجنوبية، نقلت قناة “سي إن إن” خبراً مفاده، بأن “الولايات المتحدة تؤكد لإسرائيل أنها مستعدة لتقديم الدعم الكامل في حال اندلاع حرب شاملة مع “حزب الله”، مشيرة الى أن “مسؤولين أميركيين طمأنوا وفدا من كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين زاروا واشنطن هذا الأسبوع بأنه إذا اندلعت حرب شاملة بين إسرائيل و”حزب الله” اللبناني، فإن إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن مستعدة تماما لدعم حليفتها”. فهل بدلت أميركا من موقفها الرافض للحرب؟
لا شك أن رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو غير قادر وغير راغب بشن حرب على لبنان ما لم يتوفر الغطاء الاميركي الكامل لها، من الناحية السياسية ومن الناحية العسكرية الاستراتيجية، لأن يُدرك أن الحرب مع حزب الله ستتحول الى قنبلة اقليمية ستجعل اسرائيل بحاجة ماسة الى الدعم الأميركي، الذي قد يكون دعماً عسكرياً مباشراً هذه المرة، لذلك فإن السؤال حول الحرب واحتمالاتها يفترض الغوص في الموقف الأميركي اولاً.
تخوض الولايات المتحدة الأميركية حربين عسكريتين اليوم وحرباً باردة، مع روسيا في أوكرانيا، ومع حركة حماس في غزة، ومع الصين، لذلك بحسب مصادر سياسية مطلعة فإن دخول الاميركيين في حرب اقليمية في الشرق الاوسط ليس هو الخيار المفضل بالنسبة للأميركيين بشكل عام، وليس خياراً مربحاً قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية بشكل خاص، خاصة أن الحروب التي تخوضها اميركا اليوم لا يبدو أن أفقها واضح، خاصة في اوكرانيا حيث التقدم الروسي، وبالتالي فإن انشغال اميركا بحرب جديدة في الشرق الاوسط سيشكل دفعة قوية لروسيا في أوكرانيا.
حتى اليوم لا تزال الادارة الاميركية تعول على وقف الحرب في غزة لوقفها في لبنان ومنع تدحرج الأمور، وهم في هذا السياق يجرون مشاورات مكثفة مع الوسطاء للضغط على حركة حماس، وبنفس الوقت يستكملون عملهم في الداخل الاسرائيلي، حيث بلغ التوتر أشده بين المستوى العسكري والمستوى السياسي، علماً ان قدرة أميركا بالتأثير على الجيش الاسرائيلي أكبر بكثير من قدرتها على التأثير على الجانب السياسي، وهذا التوتر يظهر من خلال ما يدلي به الجيش من تصريحات باتت شبه يومية حول واقع الحرب وغياب الرؤية ومدى تأثير هذا الامر على مسار الحرب وقدرة الجيش.
وترى المصادر ان الحديث عن الدعم الاميركي لاسرائيل في أي حرب مقبلة مع اسرائيل يبقى في إطار أمرين، الامر الاول استكمال الضغط الممارس بحق المقاومة في لبنان، وثانياً والاهم في اطار الدعم الاستراتيجي الاميركي لاسرائيل بكل المراحل والظروف، ولكن هذه المرة فإن قرار الحرب مع لبنان ليس قراراً اسرائيلياً فقط، وبالتالي لا يجب أن يتوقع أحد اندلاع حرب مع لبنان بمعزل عن الموافقة الاميركية.
هذه الموافقة ستكون حاضرة بحال استنفاد كافة الوسائل الاخرى التي تضع حداً للصراع، وبحال حصلت سيكون لها تأثير كبير على كل الجهود التي تبذلها اميركا مع الجمهورية الاسلامية في إيران للوصول الى تسويات ولو موضعية في الفترة الراهنة، وبالتالي تؤكد المصادر أن الحرب مع لبنان ستعني انهيار الشرق الاوسط ودخول اميركا بشكل مباشر في حرب، ما يعني أن قواعدها وجنودها ستكون جزءاً من هذه الحرب.
طبعاً لدى الاميركيين القدرة على دراسة الواقع وتقديم نتائج حوله، فهل فعلا اميركا مستعدة لحرب في الشرق الاوسط؟