ينتظر لبنان وقف الحرب في غزة لكي تقف الحرب على الجنوب، هذه هي حصيلة كل الاتصالات السياسية الجدية التي تجري بين بيروت والمعنيين بما يحصل في المنطقة على رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، التي باتت مستعجلة لوقف الحرب وتحسين فرص المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل.
اطلق بايدن مبادرته التي حملت الكثير من علامات الاستفهام، من جانب الاسرائيليين وحركة حماس في غزة، فالثانية بحسب مصادر سياسية مطلعة ترفض العودة الى مربع التفاوض الأول وتعتبر أن ما وافقت عليه منذ شهر ونيّف يشكل الأرضية الصالحة للبناء عليها، وبالتالي ليس صحيحاً ما تسعى إليه أميركا ودول اوروبيّة عديدة بشأن رمي الكرة في ملعب حماس، وذلك تعليقاً على ما قاله مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان “أن إسرائيل أبدت استعدادها للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن، والكرة صارت في ملعب الحركة”.
في هذا السياق، تؤكد المصادر عبر “النشرة” أن الكرة رميت منذ موافقة حماس السابقة على صفقة التبادل في الملعب الاسرائيلي، ورئيس حكومة الحرب الاسرائيلي بنيامين نتانياهو هو من رفض تمرير الكرة ودخل الى رفح ليكتشف أن لا شيء هناك لتحقيقه من أهداف الحرب، مشددة على أنه في المرة السابقة وافقت الحركة على المقترح، ووافق المصريون والقطريون والأميركيون، قبل أن يتراجعوا عن موافقتهم، والأتراك وكل من كان يعمل على الصفقة ثم رفضت اسرائيل، وبالتالي فإنّ الكرة لا تزال في الملعب نفسه أي الاسرائيلي.
ترى المصادر أن الاسرائيلي طالما أنه لم يحقق أي هدف من أهداف حرب الابادة الّتي يشنّها يستمر بإصراره على استكمالها وعلى المزيد من القتل والحرق والتدمير، ولو تمكن سابقاً من تحقيق أي هدف لكانت الحرب انتهت منذ أشهر، وبالتالي فهو اليوم يستصعب انهاءها بالوضع الحالي.
بحسب المصادر لم تكن “قوى المقاومة” في المنطقة متفائلة بخصوص موافقة اسرائيل على الصفقة بعد موافقة حركة حماس عليها سابقاً، وهي اليوم حتى اللحظة لا تبدي تفاؤلاً كبيراً أيضاً، مشيرة الى وجوب الانتظار لبضعة أيام قبل تبيان الصورة، وما اذا كان تدخل بايدن شخصياً وعلانيّة هذه المرّة سيؤدّي الى الضغط على الاسرائيليين لإنهاء الابادة الجماعيّة، علماً أن القوى المذكورة جميعها لا تعوّل على خلافات اميركية-اسرائيلية وتعتبرها في إطار المسرحيّات، وتعتبر أن الأميركيين هم أصحاب القرار النهائي في توقف الحرب أو استمرارها.
أما بالنسبة الى ظروف الجبهة الجنوبيّة في لبنان، فتكشف المصادر أن التصعيد مربوط دائماً بظروف وتطورات الميدان، وبحال كان حزب الله قد اتجه نحو التصعيد مؤخّراً فهو للردّ على التصعيد الاسرائيلي الذي وصل الى استهداف مناطق في إقليم التفاح في الجنوب، ويستمر بسياسة الاغتيالات، لذلك كان لا بد من المواجهة بالمثل لإسقاط محاولات الاسرائيلي بفرض قواعد جديدة على الصراع.
لا يأبه حزب الله بالتهديدات الاسرائيلية التي تصل الى لبنان عبر اتصالات دولية أو مبعوثين، فبالنسبة إليه، فانّ الخطاب المرتفع اسرائيلياً هدفه اللعب على الوتر العاطفي للإسرائيليين، بينما الوقائع الميدانية فهي في مكان آخر ولا تُشير الى إمكانية توسِعَة الحرب.