ترمب يستعد لمواجهة “الحكم التاريخي”
غداة إدانته الجنائية في نيويورك في حكم تاريخي أدخل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في المجهول، يستعد فريق الدفاع عن الرئيس السابق دونالد ترمب، استئناف الحكم، في عملية يمكن أن تستغرق أشهراً وربما سنوات.
ووصف الرئيس الأميركي السابق محاكمته الجنائية في نيويورك بالمحاكمة “غير العادلة” التي لم يخضع لها أي مرشح رئاسي. وبحسب ترمب فإنه لم يُسمح له بالاستعانة بخبيره الانتخابي تحت أي ظرف من الظروف، مشيرا إلى فشل كافة محاولاته في تغيير المحكمة والقاضي.
وشنّ الرئيس السابق، مساء امس الجمعة، هجوما عنيفا من برجه في مانهاتن، منددا بخصومه الديمقراطيين.
وتحدث مرشح الحزب الجمهوري من ردهة “ترمب تاور” على قرار “غير عادل” ومحاكمة “زائفة”، مؤكدا “سنطعن في هذا الاحتيال”، بعدما دانته هيئة المحلفين في المحكمة بـ34 تهمة في قضيّة تزوير سجلات محاسبية للتغطية على تسديد مبلغ قدره 130 ألف دولار لإسكات ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز التي أقام معها علاقة جنسية قبل انتخابات العام 2016.
كذلك، وجّه المرشح الجمهوري لانتخابات نوفمبر، في خطاب استمر أكثر من ثلاثين دقيقة، انتقادات لاذعة إلى الرئيس جو بايدن و”عصابته”، فنعتهم بـ”المرضى” و”الفاشيين”، محمّلا إياهم مسؤولية متاعبه القضائية. وكان ترمب أكد، الخميس الماضي، متحديا أمام عدسات المصوّرين بعد إدانته في أول محاكمة جنائية لرئيس سابق في تاريخ الولايات المتحدة، أن “الحكم الحقيقي سيصدر عن الشعب الأميركي في الخامس من تشرين الثاني”. وعلّق المتحدث باسم حملة بايدن الانتخابية مايكل تايلر في بيان على خطاب ترمب قائلا إن الرئيس السابق “مرتبك ويائس ومهزوم”، مضيفا أن “أي شخص شاهد (الخطاب على التلفزيون) يخرج باستنتاج أكيد: هذا الرجل لا يمكنه أن يكون رئيس الولايات المتحدة”. وكان بايدن كتب قبل ذلك بدقائق على منصة “إكس” أن ترمب “شكّك أولا في نظامنا الانتخابي، ثم شكك في نظامنا القضائي”، ناشرا بدوره دعوة لجمع التبرعات لحملته. وكان هذا أول تعليق يصدر عن الرئيس الأميركي الذي أمضى، الخميس، مع أسرته لإحياء الذكرى السنوية التاسعة لوفاة نجله البكر. وحاول ترمب تسخير الإدانة لمصلحته، فكتب “إنني سجين سياسي”، في نداء لجمع التبرعات أصدره في أعقاب صدور الإدانة. ونجح ترمب في جمع أكثر من 50 مليون دولار خلال 24 ساعة، بحسب فريق حملته. وفي الخارج، أظهر بعض القادة دعمهم لترمب، مثل نائب رئيسة الوزراء الإيطالية اليميني المتطرّف ماتيو سالفيني الذي ندد بـ”مضايقات قضائية” و”محاكمة سياسية”. من جهته، اعتبر الكرملين، الجمعة، أن إدانة الرئيس الأميركي السابق غير المسبوقة بتهمة تزوير سجلات تجاريّة تظهر أن البيت الأبيض “يُقصي خصومه السياسيين”. ورد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، على تصريحات المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال اجتماع لحلف شمال الأطلسي في براغ، مؤكدا أن اتهامات موسكو ليست سوى “انعكاس” لسلوك السلطات الروسية في هذا الصدد. وإن كانت إدانة ترمب تاريخيّة، إلا أنها لا تمنعه من خوض الانتخابات الرئاسية، ومن الصعب التكهّن بوطأتها على نتيجة الاقتراع. فرغم كشف المحاكمة تفاصيل تتعلّق بالجنس والمال والفضائح، إلا أنها لم تؤثّر حتى الآن في استطلاعات الرأي، إذ بقيت نتائج ترمب وبايدن متقاربة، مع تقدّم طفيف للمرشح الجمهوري في بعض الولايات الرئيسية. ورأى كيث غادي أستاذ العلوم السياسة في جامعة “تي سي يو” في تكساس، أن هذا الحكم “لن يؤدي على الأرجح إلى تحريك أصوات كثيرة”، لكنه قد يؤدي إلى “قلب” النتائج المتقاربة. لكن الواقع أن ترمب أثبت في السنوات الأخيرة قدرته على مقاومة محن كانت قضت على الحياة السياسية لكثيرين غيره. فرغم إدانته مرتين أمام الكونغرس في إجراءات عزل حين كان رئيسا، واتهامه في أربع قضايا جنائيّة بينها قضية نيويورك، تمكن من فرض نفسه سريعا وبفارق كبير على خصومه مرشحا عن الحزب الجمهوري للبيت الأبيض. لكن الحكم الصادر يحتمل أن يصب في مصلحة بايدن الذي يعتزم تعزيز صورته كرجل دولة جدّي يلاحق قضايا الدولة الكبرى، فيما يَلزم خصمه قاعات المحاكم. ويُصدر القاضي خوان ميرشان الحكم بحق ترمب في 11 تموز، تزامنا مع قمة للحلف الأطلسي في واشنطن، ما يمنح بايدن فرصة لإثبات حضوره على الساحة الدولية. |