ينقل الإعلام الإسرائيلي عن مستوطني شمال فلسطين المحتلة قلقهم وخوفهم من أن تكون أي تسوية مع حزب الله مؤقتة ولا تضمن لهم الأمن والاستقرار الذي يبحثون عنه، وبذلك يكملون الضغط على الحكومة الاسرائيلية للقيام بعمل عسكري في لبنان، ولكن هل هم ساذجون لهذه الدرجة ليعتبروا أن أمنهم واستقرارهم سيتحقق بعمل عسكري اسرائيلي، يخشى قادة الجيش القيام به حتى اللحظة لعدة اعتبارات؟
يترقب لبنان الرد الاسرائيلي على موافقة حركة حماس على الهدنة ومندرجاتها، علماً أنه بحسب مصادر متابعة فإن الصفقة التي وافقت عليها حماس كانت اطلعت عليها الولايات المتحدة الأميركية وإدارة بايدن في فترة نهاية الأسبوع، مشيرة إلى أن اسرائيل التي تمنعت عن إرسال وفد مفاوض إلى القاهرة لم تكن على علم بتغييرات طفيفة طرأت على الاتفاق.
وتكشف المصادر في حديث لموقع “الملفات” أن حكومة اسرائيل باتت محرجة أمام مواطنيها وأمام العالم، والأكثر احراجاً لها كان حديث قيادة حماس عن وجود ضمانات اميركية بأن الصفقة ستضمن انتهاء الحرب، وهذا اكثر ما يجعلها غاضبة لأن هذا البند هو ما كانت تصر على رفضه طيلة المرحلة الماضية، لذلك قامت بإعلان بدء معركة رفح رداً على ما تعتبره اسرائيل “تلاعباً” مصرياً قطرياً أميركياً بها.
بحسب المصادر فإن نقاط الخلاف بين ما وافقت عليه حركة حماس وما كان وارداً بحسب الرؤية الاسرائيلية للإتفاق هي ثلاث نقاط، الأولى تتعلق بإدراج حماس الأسرى الأموات ضمن مجموع الأسرى التي تنوي الإفراج عنهم خلال المرحلة الأولى، بينما اسرائيل كانت تريد الأسرى الأحياء فقط، الثانية تتعلق أن حماس وافقت على الإفراج عن 3 أسرى كل أسبوع بينما تريد اسرائيل 3 أسرى كل ثلاثة أيام، والنقطة الأخيرة وهي الأهم وتتعلق بوقف الحرب.
إن بدء معركة رفح يترافق مع ارتفاع منسوب التهديد للبنان، ولكن بحسب مصادر “الملفات” فإنه على الرغم من التهديدات الاسرائيلية المستمرة في هذا المجال، من الصعب أن تبادر إسرائيل إلى أي عمل عسكري بمعزل عن نتائج التفاوض في غزة، نظراً إلى عدم توفر الغطاء الأميركي اللازم لذلك، بالإضافة إلى عدم قدرتها على الدخول في مواجهة عسكرية مع “حزب الله”، بسبب القوة الردعية التي يمتلكها الحزب، والتي من حيث المبدأ تفوق بأضعاف تلك التي لدى حركة “حماس”.
في الأساس، التهديدات الإسرائيلية، طيلة الأشهر الستة السابقة، كان الهدف منها الوصول إلى إتفاق دبلوماسي مع لبنان، يُتيح عودة المستوطنين إلى منازلهم بالدرجة الأولى، على ضوء الطروحات التي تقدم إلى الجانب اللبناني، وبالتالي في حال نجحت المفاوضات في غزة فإن مثل هذا الإتفاق سيصبح متاحاً في لبنان لأجل النظر به، نظراً إلى أن الحزب لا يمانع الوصول إلى هكذا إتفاق، لكنه يشترط وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أولاً قبل الخوض في أي عملية تفاوض مع الأميركيين تحديداً.
بالإضافة إلى ذلك، لا ينبغي تجاهل العوامل الإسرائيلية الداخلية حيث لا تبدو تل أبيب أنها في وضع يسمح لها بشن حرب جديدة، لا سيما مع لبنان التي ستكون المواجهة معه أصعب، وبالتالي كل التهديدات تأتي في إطار الضغوط لا أكثر، بحسب المصادر، إلا بحال قرر نتانياهو الدخول في مغامرة جنونية، وهذا الاحتمال يبقى قائماً بحال لم تتمكن الإدارة الأميركية من تأمين التغطية اللازمة التي يبحث عنها رئيس الحكومة الاسرائيلية للحفاظ على مستقبله السياسي، فهل يجعل الجنون الرجل راغباً بإطالة أمد الحرب حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية؟