التصعيد الذي تلوّح إسرائيل به ضد لبنان يُعتبر مفتاحاً جديداً لانخراط عناصر جديدة في ساحة المعركة، وذلك بحال قررت إسرائيل خوض عملية بريّة ضد جنوب لبنان.
عملياً، إن حصل سيناريو الغزو الذي تُهدّد به إسرائيل، فإنّ ذلك سيعني انخراط عناصر جديدة على خط المعركة ضدها في لبنان، وهذا أمر لن يكون محصوراً بـ”حزب الله” فحسب بل سيمتدّ إلى فصائل أخرى ستخرج من نطاقها وتقاتل في جنوب لبنان.
المقصود هنا بتلك الفصائل هي الجهات الفلسطينية المختلفة، فالمسألة لن تقتصر فقط على عناصر حركة “حماس” أو الأطراف التابعة لها، بل ستمتدّ إلى آخرين مثل حركة “فتح” وغيرها.
مصدرٌ قيادي فلسطيني يقول لـ”لبنان24″ إنّه في حال حصل أيّ غزو أو محاولة إحتلال للبنان، فإنّ كافة الفلسطينيين سيقاتلون إسرائيل ولن يقفوا مكتوفي الأيدي جانباً، ويضيف: “المعركة ستكون وجودية، وإسرائيل هي عدو مشترك، ومثلما ساندنا لبنان في حرب غزة، فإنه من واجبنا مساندته في حال حصول أي عدوانٍ موسّع”.
سيناريو إنخراط الفلسطينيين إلى جانب “حزب الله” ليس مُستبعداً أبداً، وقد يكون حاضراً في أي معركة تحصل. لكن في الجبهة المقابلة، قد تكون لهذا الدور المُرتقب أبعادٌ داخلية تؤثر على الحزب أولاً وعلى ارتباطاته بحلفائه أيضاً.
في حال تمدّد الوجود الفلسطيني إلى خارج المخيمات بالسلاح الموجود داخلها، عندها فإنّ كل الأمور ستُصبح خارج السيطرة. ضمنياً، فإن ذلك سيعني عودة السيناريوهات القديمة المرتبطة بوجود مجموعات مسلحة لبنانية تمارس أدواراً عسكرية ضمن لبنان، الأمر الذي قد لا يقبله أي طرفٍ داخلي سياسي.
هنا، ستخلق إشكالية كبرى قد يواجهها “حزب الله”، فمن جهة قد يكون بحاجة إلى مقاتلين من فصائل عديدة لمساندته، بينما في الوقت نفسه سيكونُ مُحرجاً كثيراً في حال سمحَ لجماعات عديدة غير لبنانية بتكريس دور أكبر لها ضمن الجنوب أو في أي منطقة أخرى ضمن لبنان.
قد يُقال هنا إنّ وجود “حماس” ودورها الميداني الآن يتقاطع مع المشهدية المذكورة، لكن المسألة هنا تختلف عما قد يحصل لاحقاً، إن حصل الغزو الإسرائيلي المزعوم. حالياً، فإنَّ “حماس” ورغم نشاطها العسكري، إلا أنّ مهماتها ما زالت مضبوطة إلى حدّ ما، خصوصاً أن العمليات التي تُنفذها تعتبرُ محبوكة بالتنسيق مع “حزب الله” خصوصاً في المناطق الحدودية.. ولكن، ماذا لو باتت الحرب مفتوحة؟ هل سيكون ممكناً ضبط الوضع؟
معارضة سياسية
المعارضة السياسية التي سيلقاها “حزب الله” في حال قرّر السماح لأطراف أخرى بدخول المعركة ستكون كبيرة. النقطة هذه مركزية وسيحصدُ الحزبُ نتائجها في لحظة حصولها لاحقاً، علماً أن أمر “تسييل” المساندة الفلسطينية له يعتبر ممكناً في حال كانت المعركة شرسة جداً.
مصادر معنية بالشؤون العسكرية قالت إنّه من الممكن أن تكون مساندة الفلسطينيين محدودة وضمن نطاقات معينة وتحت كنف الحزب وليس بمعزلٍ عنه، وذلك كي لا يتحول الأمر إلى مدار جدلٍ وإنقسامٍ في البلاد.
وتلفت المصادر إلى أنّ الفلسطينيين، ورغم إصرارهم على مواجهة إسرائيل، سيكونون تحت إطار الدولة ورهن الحزب عسكرياً في حال حصول أي معركة، باعتبار أن كل ذلك سيكون لصالحهم وسط الظروف القائمة.
في المقابل، فإنّ مسألة إبداء الفلسطينيين استعدادهم لمساندة الحزب ليست جديدة أصلاً، وهذا الأمر حصلَ سابقاً خلال حرب تموز عام 2006، وأيضاً مع بداية الحرب يوم 8 تشرين الأول في جنوب لبنان. فخلال الفترة الماضية، دأبت المخيمات الفلسطينية على تحضير أنفسها لأي حرب أو معركة، ما يعني أن المساندة موجودة ولكن في أطرٍ معروفة ومحدودة.
في نهاية الكلام، لا يمكن حسم أيّ سيناريو مرتبط بجبهات المساندة في لبنان إن لم يحصل أي تطور ميداني يخالف النمط السائد حالياً.. لكنه في الوقت نفسه، فإن المعركة المفتوحة قد تحمل معها الكثير من المفاجآت.. وفعلياً، فإن العبرة لا تكون بالبدايات، بل بما سيشهده مسار الأحداث ونتائجها…