المساعي القائمة لإنهاء حرب غزة بين حركة “حماس” وإسرائيل تضمنت طرحاً روّجت له الولايات المتحدة الأميركية، وينصّ على طلب الحركة التزام إسرائيل بعدم اغتيال كبار مسؤولي المنظمة الفلسطينية في حال نفيهم خارج غزة.
الكلامُ في هذا الإطار يحمل سلسلة من الدلالات.. فماذا يعني ذلك بالنسبة للبنان؟ وهل من الممكن فعلياً حصوله؟
قبل الحديث عن أي شيء من الناحية الأمنية، يمكن القول إنّ اقتراح “حماس” إخراج قيادتها من غزة ونفيهم هو تثبيت لسيناريو تمت إثارته منذ بدء الحرب، ويعني ذلك من الناحية السياسية تراجع سيطرة “حماس” على القطاع من خلال تجريده من قادتها الأساسيين لاسيما العسكريين.
كل ذلك يؤكد أنّ “حماس” تريد إنهاء الحرب بأسرع وقتٍ ممكن مع ضمان سلامة قادتها، لكن خروجهم من غزة قد لا يعني إنكفاء نشاطهم، وأكبر دليل على ذلك هو صالح العاروري، قيادي “حماس” الذي اغتالته إسرائيل في بيروت مطلع العام الجاري.
منذ نفيه خارج غزة قبل سنوات وتحديداً منذ العام 2010، كان العاروري ناشطاً بشكل كبير، كما أنه كانت له اليد الطولى في تكريس مخططات “حماس” في الخارج وجلب الدعم إليها، في حين أنه كانت همزة الوصل بين الحركة ومختلف الأطراف الأخرى لاسيما “حزب الله”.
“نفي قادة حماس”.. أين لبنان منه؟
خروج قادة “حماس” من غزة يُذكر بخروج قادة منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام 1982. رغم ذلك، لم يشهد النشاطُ الفلسطيني داخل لبنان انكفاءً حينها بالمعنى الحرفي، والسبب هو أنّ العنصر القيادي لم ينتفِ تماماً رغم الإبعاد، كما أن الدور الفلسطيني إلى جانب قوى لبنانية عديدة كان مكرساً بشدة.
وحتى الآن، لم تظهر أي تفاصيل حول الوجهات التي يمكن أن يلجأ إليها قادة “حماس” في حال موافقة إسرائيل طرح نفيهم مع ضمانات بعدم إستهدافهم، إلا أنه من الممكن أن يكون لبنان وُجهة بعضهم. السيناريو هذا طُرح خلال الأشهر الماضية، لكن ما من شيء محسوم على صعيده، حتى أن “حزب الله” يفرض تكتماً على تلك المسألة.
في السياق، تقول مصادر مطلعة على أجواء الحزب لـ”لبنان24″ إنه لا معلومات عما سيجري لاحقاً في حال قررت إسرائيل نفي قادة “حماس” من غزة، مشيرة إلى أن الحزب يتحدث حالياً عن ضرورة إنهاء الحرب، وبعدها لكل حادث حديث.
إن تمّ النظر في مسألة نفي قادة “حماس” إلى لبنان، فإن هذا الأمر يعني – في حال حصوله – تكريس قاعدة جديدة للحركة انطلاقاً من بيروت. المسألة هذه تشيرُ بشكل واضح إلى أن نشاط الإستخبارات الإسرائيلية سيزداد داخل لبنان، كما أن وجود هؤلاء القادة سيعني أن عمليات اغتيالهم في لبنان ستكون واردة من قبل عملاء إسرائيل حتى وإن كانت هناك ضمانات أمنية بعدم حصول ذلك.. فمن الذي يُصدّق تل أبيب؟ إسرائيل تمردت في أمور كثيرة على أميركا.. فهل يعقل أن تلتزم بضمانة تطلبها بشأن قادة “حماس”؟ إن كان يحيى السنوار، زعيم “حماس” في غزة من ضمن المنفيين، فهل ستتركه إسرائيل وشأنه بعد كل هذه الحرب؟