مقالات

بعد حرب غزة.. ماذا ينتظر “حماس” في لبنان؟

محمد الجنون- لبنان 24

ماذا ينتظرُ حركة “حماس” والشّارع الفلسطينيّ في لبنان بعد إنتهاء حرب غزة؟ السؤال هذا مطروحٌ بشدة في أوساط اللاجئين، لاسيما أنّ الصراع بين حركتي “فتح” و “حماس” ما زال مستعراً ومن الممكن أن تساهم حرب غزة في إزكائه أكثر.

إعادة بسط النفوذ
إستطلاعات كثيرة في الفترة الماضية تحدثت عن أن شعبية حركة “حماس” ارتفعت بعد عملية “طوفان الأقصى” يوم 7 تشرين الأول الماضي. في ذروة المعركة، وُصفت “حماس” بـ”قوة مقاومة حقيقية”، لكن المسار الذي حصل لاحقاً سواء في غزة أو على صعيد نشاط الحركة في لبنان، يمكن أن يساهم في تبديل النظرة إلى الأخيرة.
مطلعون على أجواء الشارع الفلسطيني يقولون لـ”لبنان24″ إنّ “حماس” باتت تواجه الآن معضلتين: الأولى تتصلُ بتسوية وضعها في الداخل اللبناني بعد جنوحها بعيداً لترسيخ وجود عسكريّ “غير مقبول”، فيما المعضلة الثانية ترتبطُ بكيفية إقناع جماهير الفلسطينيين عموماً بنتائج حرب غزة والمكتسبات التي يمكن تحقيقها في ظلّ مجاعة، دمار وخارطة ديموغرافية وسياسية جديدة.

بالنسبة للمصادر، فإن الفرضية التي تتحدث عن تراجع نفوذ “حماس” عسكرياً في غزة هي الأكثر بروزاً الآن، فيما تقول نظرية أخرى إن صمود “حماس” ميدانياً ما زال قائماً، والدليل على ذلك أن ورقة التفاوض التي تستخدمها الحركة لإنهاء الحرب ما زالت بيدها حصراً.
فعلياً، فإنَّ ملامح الوضع في غزة ومصير “حماس” هناك من شأنه أن يرسمَ وضع الحركة في لبنان، علماً أن هذا الأمر لا يمكن أن يكون بمعزلٍ عما يريده حلفاء الحركة في لبنان. هنا، تفترض جهات عديدة أن تقوم “حماس” بتعزيز وجودها ونفوذها في لبنان لتعويض أوراق خسرتها في غزة. المسألة هذه تبدأ من نظرية “إعادة بسط نفوذ ما” داخل المخيمات الفلسطينية، لكن هذا الأمر قد يصطدم بمعارضة داخلية فلسطينية – فلسطينية باعتبار أن هذا الأمر قد يخلق بلبلة شديدة الأثر مع حركة “فتح”، الجناح المؤثر بدرجة كبيرة على الساحة الفلسطينية.
عملياً، كل ذلك لن يمرّ بسهولة داخل لبنان، ففي حال كانت “حماس” تسعى لتشكيل نفسها مجدداً إنطلاقاً من بيروت، عندها سيلقى هذا الأمرُ مواجهة كبرى، وفي الأصل قد لا يكون “حزب الله” جزءاً منها لأنه سيلقى تأثيراتها السلبية.
الأهم من كل ذلك، بحسب المصادر، هو أن ما لا يمكن نسيانهُ هو أن “حماس” وبعد التصفيات التي طالت قياداتها سواء بين لبنان وغزة، باتت ترى أن “تحجيمها” آخذ بالإرتفاع، فيما المسألة المؤثرة هنا ترتبطُ بمدى قدرة الحركة على تعيين بدائل عن القيادات التي تم استهدافها بسهولة تامة.

حركة تصحيحية؟
كل هذه الأمور لها حساباتها وتندرج في إطار وضع الحركة في الداخل اللبناني وحتى على الصعيد الفلسطيني. فمثلاً، من سيكون بدل مروان عيسى القيادي الثالث في حركة “حماس” بعد إعلان إسرائيل اغتياله؟ هل بإمكان “حماس” حالياً خلق جيلٍ جديد من القيادات داخل لبنان وغزة في ظل ذروة المعركة الحالية؟

الوضعية الجديدة لـ”حماس” قد يؤدي بشكلٍ أو بآخر إلى إرساء “تيار ثوري” داخلها يمكن أن ينشقّ عنها. الأمر هذا وارد.. فما الذي يمنع حصوله؟ مثلما أطلقت الحركة قبل أشهرٍ “طلائع طوفان الأقصى”، من الممكن أن تشهد أيضاً حركة تصحيحية يقودها فلسطينيون إنطلاقاً من غزة وقد ينتقل هذا الأمر إلى لبنان أيضاً.
المقصد بهذه الحركة التصحيحية لا يعني إنقلاباً داخل “حماس”، لكنه قد يكون بمثابة تعديل مسار قائم على نقد ذاتيّ. إلا أنه في المقابل، فقد لا يكون ذلك بمثابة تمهيدٍ لإيلاء الحركة مجالاً أكبر من القائم حالياً ضمن لبنان، فـ”التصحيح” لا يعني منحها نفوذاً، فممثل الفلسطينيين الأول والأخير والمعترف به هي منظمة التحرير التي تعتبر حركة “فتح” أساسها، وبالتالي فإن الحدي عن أي بديلٍ ولاسيما بعد حرب غزة، سيكون مستحيلاً.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى