مقالات

سيناريوهات مطروحة.. هذا ما ستفعله إسرائيل ضدّ “جبهة لبنان”

محمد الجنون- لبنان 24

صحيحٌ أنّ مستوى التوتر بين “حزب الله” والعدو الإسرائيليّ يرتفع يوماً بعد يوم بعد تهديدات تل أبيب بشنّ حرب على لبنان وفصل جبهة الجنوب عن قطاع غزة التي يلوحُ في أفقها اتفاق لوقف إطلاق النار، إلا أن ذلك يحتاج إلى أرضية تُمهد لتلك المواجهة.. فهل الأمور اكتملت؟ ما الذي قد يحصل؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة؟

تقول مصادر معنية بالشؤون العسكريّة لـ”لبنان24″ إنّ إسرائيل وبتلويحها باستمرار هجماتها على لبنان حتى لو توقفت “جبهة غزة”، يرتبط بأمرين أساسيين: الأول وهو أنّ تل أبيب تسعى قدر الإمكان إلى إيجاد سبيلٍ معين و “مخرج عسكري” يعطيها ذريعة لمواصلة القصف ضد لبنان على قاعدة “التصفية البطيئة” للأهداف المطلوبة من دون الإندماج بحرب شاملة يجري التهديد لها يومياً بشكل صوريّ. أما الأمر الثاني، بحسب المصادر، فهو أنّ إسرائيل تريدُ طمأنة الجمهور الداخليّ لديها، فرئيس الحكومة هُناك بنيامين نتنياهو يُدرك تماماً أن “معضلة” وجود “حزب الله” على الحدود بين لبنان وإسرائيل، تعتبر ورقة ضاغطة، لهذا السبب يتخذ ورقة البروباغندا بشن الحرب ومواصلة العدوان لـ”تهدئة الداخل” أولاً، والسعي لمواصلة إستهداف “بنك الأهداف” في لبنان حتى وإن انتهت “حرب غزة”.

أمام كل ذلك.. ماذا ستفعل تل أبيب خلال المرحلة المقبلة بعد وقف إطلاق النار في غزة؟ السؤالُ هذا يمكن إستشرافه من خلال سيناريوهات أساسية مطروحة، الأول وهو أنّ إسرائيل ستواصل حقاً إستهدافاتها داخل لبنان، فالضربات ستتواصل ضد ما ستسميه “بنى تحتية” لـ”حزب الله”، كما أنها ستستمر بعمليات الإغتيال التي تساهم إلى حدّ كبير بالنسبة لإسرائيل، في الوصول إلى المطلب المرتبط بـ”تطويق حزب الله” نوعاً ما.
عند قراءة التقارير الإسرائيلية بشأن الإغتيالات، سيتم إستنتاجُ أمر أساسي وهو أنّ تصوير تلك العمليات يكون من خلال اعتبارها “إنجازاً” ضد قادة الحزب. المسألةُ هذه ترتبطُ بـ”الحرب الإعلامية” التي تخوضها إسرائيل، في حين أنها تتصلُ أيضاً بالهدف الأول المرتبط بجعل مستوطني شمال إسرائيل قيد الإطمئنان.
عملياً أيضاً، فإن إسرائيل تجدُ نفسها من خلال السياسة المتبعة “تُحقق” القدر المطلوب من الأهداف.. فلماذا ستشنّ حرباً مفتوحة؟ النتيجة هذه يمكن إستنتاجها من التقارير الإعلامية الإسرائيلية التي تدلّ على أن تل أبيب تحقق تقدماً ضد “حزب الله”، تساهم في قتل أبرز قادته المهيئين لإستلام مهمات أكبر لاحقاً، ما يعد إستهدافاً لـ”جيل جديد”، وبالتالي كسر “بنية الحزب” الأساسية. وواقعياً، فإن هذه الأمور تتحدث عنها إسرائيل بشكلٍ علني، ما يُعطي إشارات إلى أنّ السياسة الحالية للمواجهة “تخدمها” من وجهة نظرها ولهذا السبب لن تذهب نحو حرب مفتوحة قد تؤدي إلى خسائر كبيرة قد تنالها، سواء على الصعيد العسكري أو الإقتصادي وحتى السياسي.
في هذا الوقت، ما يتضح هو أن إسرائيل ترفع من جهوزية الجيش لديها عند الحدود مع لبنان، وهذا الأمر “مفروغ من أمره” صورياً وإعلامياً للقول إن هناك “فزاعة” كبيرة يجب أن يتم التعامل معها بحذر، والمقصود هنا “حزب الله”.. ولكن ماذا سيفعل الأخير؟ ومتى سيوقف عملياته؟ هل سيفعل ذلك حقاً حتى وإن توقفت حرب غزة؟

بكل بساطة، فإن ما سيحصل هو أن “حزب الله” قد يُعلن بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي حال توقفت العمليات ضد غزة، تجميد كافة هجماته ضد المواقع والأهداف الإسرائيليّة. المسألة هذه ستأتي انطلاقاً من تأكيده الأساسي الذي يشير إلى أن جبهة لبنان مرتبطة بغزة، وإن حصلت التهدئة على أرض الأخيرة، فإنها ستنسحبُ نحو لبنان. أما في حال استمرت إسرائيل بهجماتها، وهذا الأمر المتوقع والبارز حتى الآن، عندها فإن الحزب سيُغير من خطاباته، وسيعتبر ما يحصل دفاعاً عن لبنان أو رداً على عدوان إسرائيلي. وبالتالي، ستكون مهمته مرتبطة بلبنان حصراً. فعلياً، هذا سيناريو مطروح ولا يمكن استبعاده، ولكن قد يكون الحزب مُصراً على ربط عملياته بغزة كي لا ينجرّ وراء الإسرائيليين بفصل الجبهتين عن بعضهما البعض، وهذا الأمر الأكثر وروداً أيضاً.
ماذا سيتوقف إطلاق النار نهائياً؟ الإجابة على هذا السؤال قد تكون مرتبطة بـ”تسوية ما” ستحصلُ لاحقاً وتتبلور في المنطقة. التسوية تلك ستشمل لبنان بشكلٍ أساسيّ إلى جانب غزة، علماً أنّه من الآن وحتى الوصول إلى المعادلات الجديدة في المنطقة، ستستمر المناوشات والتي على أساسها ستُبنى القرارات السياسية. هنا، تقول المصادر المعنية بالشؤون العسكريّة إن الخلاصة المتوقعة هي أن يكون الملف العسكري هو العامل الأساسي لاحقا في التسوية، فإسرائيل ترى أن ما تقوم به ليس كافياً ولهذا ترغب بالمزيد، وكذلك “حزب الله”.
في خلاصة القول، هكذا يمكن تلخيص ما قد تشهده الأيام المقبلة من التصعيد، فكل هذه السيناريوهات مطروحة، علماً أن الأمور ستبقى “تحت سقف التصعيد” الذي سيبقى مضبوطاً إستناداً إلى كافة الوقائع القائمة، إلا إذا حصلت مُفاجآت غير محسوبة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى