حالياً، الحرب في جنوب لبنان بين “حزب الله” وإسرائيل، تتمحور في الجو والبر. بالنسبة للحزب، فإنّ قدراته الصاروخية التي يستخدمها لا تعدّ عادية، فالجبهة المفتوحة على إمتداد 100 كلم على طول الحدود، أظهرت الكثير من المعدات والتقنيات الحربية، ورغم ذلك بقيَ هناك “ما هو خفي”.
حالياً، فإن “حزب الله” لا يُغفل بتاتاً “الحرب البحرية” التي قد يخوضها ضد العدو الإسرائيلي في حال قرر الأخير شن حرب شاملة ضد لبنان، وذلك بناء للتهديدات الأخيرة وآخرها ما جاء على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي قال إنه “إذا لم يتم إيجاد حل دبلوماسي لجبهة لبنان، فستضطر تل أبيب لإبعاد حزب الله عن الحدود”.
ميدانياً، أجرت إسرائيل مناورات “مُعلنة” للقتال البري ضد “حزب الله”، فيما أثير مؤخراً كلام قبل يومين عن إستعداد “لواء غولاني” الإسرائيلي لخوض عمليات خاصة في عمق الجنوب إن حصلت مواجهة مباشرة ومفتوحة.. ولكن، أين هي المناورات البحرية؟ ألا يُعد هذا العنصر مهماً جداً في الحرب؟
مصادر معنية بالشؤون العسكرية توقفت عند هذه النقطة بالتحديد، وقالت إن الجيش الإسرائيلي لن يُغفل الحرب البحرية في حال شنّ عدواناً ضد لبنان، وتضيف: “خلال حرب تموز عام 2006، شنّ العدو هجمات بحرية ضد لبنان عبر بوارجه الحربية، حتى جاء الرّد من حزب الله بقصف سفينة ساعر 5 بصاروخ جرى إطلاقه من بيروت”.
بالنسبة للمصادر، فإنّ السيناريو المرتبط بـ”الحرب البحرية” قد يمثل إنعطافة خطيرة على صعيد المواجهة، لاسيما أن موازين القوى العسكريّة تبدلت منذ حرب تموز وحتى اليوم، وتضيف: “إذا نظرنا قليلاً إلى التطور في الأسلحة لوجدنا أن حزب الله بات حالياً قادراً على قصف البوارج الحربية في البحر بصواريخ دقيقة أيضاً.. الأمر هذا سيكون مؤلماً جداً لإسرائيل، كما أن الخسائر ستكون باهظة وخياليّة من الناحية المادية”.
صواريخ من بيروت
خلال المعارك القائمة في جنوب لبنان، يتحدث الإسرائيليون باستمرار عن ضرورة إبعاد “حزب الله” عن الحدود الجنوبية باتجاه شمال نهر الليطاني، وذلك لإزالة تهديد الصواريخ المضادة للدروع التي تُهدّد المستوطنات الإسرائيلية. على صعيد البري، قد ينجح هذا الأمر، لكن “الضربات البحرية” قد تكون موجعة أكثر، ومن خلالها يمكن الإنتقال إلى “التسوية” بعد الحرب.
صحيحٌ أن القصف البحري قد يكون محصوراً بالبوارج الحربية التي يمكن أن تطوق حدود لبنان من ناحية المياه الإقليميّة، لكن المسألة لا ترتبط هنا، بل تتعلق بإنتقال المعركة من جنوب لبنان إلى مناطق أخرى سيكون “حزب الله” أساسياً فيها. المقصود هنا هو أن الحزب لن يقاتل فقط في الجنوب، بل أيضاً في بيروت حيث سيطال البوارج من هناك مُكرراً سيناريو الـ2006. عندها، فإن ذلك يعني أن إسرائيل ستكون تحت مرمى النيران من نقاطٍ عدة، كما أن صواريخ الدفاع الجوي لن تكون فقط قائمة في الجنوب بل أيضاً في بيروت ومناطق أخرى قد يكون “حزب الله” حضّرها لذلك.
المعلومات تكشف أنَّ قادة ميدانيين إيرانيين يتواجدون حالياً في لبنان للإشراف على تهيئة “المواجهة البحرية” في حال حصولها، مشيرة إلى أنّ هؤلاء المسؤولين قد يُدخلون “صواريخ جديدة” على الخط لتسديد ضربات موجعة للإسرائيليين ستكون موثقة بالصورة كتلك التي كان ينقلها صاروخ “ألماس” خلال إستهداف “حزب الله” لمواقع إسرائيليّة.
كل ذلك يُعيد الذاكرة إلى العام 2022، حينما لوّح “حزب الله” بتهديد منصة “كاريش” في البحر من خلال إطلاق صواريخ باتجاهها.
بحسب المصادر، فإنه لا يمكن بتاتاً إغفال أهمية “صاروخ نور” الذي يمتلكه الحزب، وهو مضاد للسفن، كما أن مداه يبدأ من 120 كلم ويصل إلى أكثر من 200 كلم. كذلك، تقول المصادر المعنية بالشؤون العسكرية إن هناك صاروخ “نصر” الذي يمكنه تدمير أهداف كبيرة، كما أن مداه يصل إلى 300 كلم، ناهيك عن صاروخ “ياخنوت” الذي يفوق سرعة الصوت، ويحظى بنظام تكنولوجي متطور ويمكن أن يمر باتجاه الهدف من دون رصده عبر الرادارات.
في البحر أيضاً، قد لا تكون هناك صواريخ دفاعية، فالمسألة بحاجة إلى سفن إضافية لإتمام هذه المهمة، وبالتالي ستكون تكاليف الحرب ضد لبنان بالنسبة لإسرائيل باهظة جداً. هنا، من الممكن أن تدخل أميركا على الخط في حال حصول مواجهة لتوفير سفن دفاعية، لكن المسألة ستكون معقدة جداً ولن تكون سهلة بتاتاً.
إذاً، بكل بساطة، يمكن أن ينقل “حزب الله” إلى لبنان التجربة التي تؤديها قوات “الحوثي” في اليمن ضمن البحر، علماً أن ما يجري هناك يعتبر “درساً ميدانياً” مهماً، وهنا ستكون الهجمات عسكرية بالدرجة الأولى.. فهل سنشهد على هذه الحرب المدمرة؟ حتماً، فلنراقب ولننتظر ما سيجري في البر أولاً!