كيف ستدفع إسرائيل حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني؟
أثارت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، عن استخدام “كافة الوسائل”، بما في ذلك العسكرية لدفع حزب الله، إلى “ما وراء نهر الليطاني”، المخاوف من تصاعد المواجهة وفتح جبهة جديدة للصراع تُهدد المنطقة برُمتها بتوسيع دائرة الحرب.
يأتي ذلك في الوقت الذي نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية واسعة الانتشار، عن مصادر قولها إن الولايات المتحدة تستكشف اتفاقية دائمة محتملة لترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان، على غرار اتفاقية الحدود البحرية الموقعة في العام الماضي يكون هدفها الأساسي معالجة النزاعات الحدودية، التي غالبا ما يستشهد بها حزب الله كاعتراضات رسمية ضد تل أبيب في الخطاب الداخلي اللبناني.
واشار محللون عسكريون ومراقبون إلى أنه “رغم تصريحات غالانت فإن إسرائيل لا ترغب في فتح جبهة جديدة للحرب؛ حتى تُركز جهودها على العمليات العسكرية بقطاع غزة لتحقيق هدفها المُعلن بتدمير القدرات السياسية والعسكرية لحماس، في حين قد تكون هناك “وسائل دبلوماسية” لتحقيق هذه الغاية، والتي تضمن حماية أكبر للمستوطنات الإسرائيلية”.
بدوره، أوضح الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد سمير راغب، أنه “لو نفذت إسرائيل تهديدها بالتعامل العسكري الواسع مع حزب الله فإنها بذلك تفتح جبهة جديدة”، لكنهما ينفذان الهجمات حتى الآن “وفقًا لقواعد الاشتباك”، إذ تستهدف إسرائيل أهدافًا ويرد عليها حزب الله في ذات المنطقة ودون توسيع للمواجهة.
وقال راغب: إن “إسرائيل لا ترغب في فتح جبهة جديدة لأنها تدخلها في منطقة مختلفة تماما عن الوضع الراهن، حيث تدرك السلطات الإسرائيلية أن الإمكانيات القتالية لحزب الله أكبر من تلك التي تملكها حماس، سواء على مستوى التسليح أو التدريب أو عدد القوات، فضلًا عن أنه لا يُمكن فرض حصار على الجماعة اللبنانية كحال الوضع في غزة، ومن ثمّ حال توسع المواجهة يستطيع حزب الله باستمرار استقبال المقاتلين والسلاح”.
وشدد الخبير العسكري على أن الولايات المتحدة أكدت على الجانبين سواءً إسرائيل أو حزب الله ضرورة “عدم فتح جبهة جديدة للصراع”، والالتزام بذلك، مضيفًا: “منذ بداية الأحداث، وهما ملتزمان بقواعد الاشتباك رغم أنها باتت على الحد الأقصى”.
وتنشط الإدارة الأميركية وبخاصة مبعوثها ومستشار شؤون الطاقة العالمية آموس هوكشتاين، الاتصالات مع المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين للاحتفاظ بقواعد اشتباك لا تؤدي إلى الانفجار الواسع.
وعن الأسباب التي تستهدف من خلالها إسرائيل دفع حزب الله “إلى ما وراء نهر الليطاني”، أشار راغب إلى أن إسرائيل ترغب في أن تكون مستوطناتها بعيدة عن مناطق الاستهداف سواء في “نهاريا وكفر شوبا” ومزارع شبعا الحدودية المتنازع عليها، مضيفًا: “ستكون بذلك بعيدة عن أسلحة الضرب المباشر سواءً مضادات الدروع أو غيرها، فكلما تجاوز حزب الله نهر الليطاني تكون مسافة الاستهداف قريبة وتحقق إصابة دقيقة في المستوطنات”.
وقال أستاذ العلاقات الدولية والسياسات الخارجية، خالد العزي، في حديث لِـ “سكاي نيوز عربية”، إن “الاشتباكات التي وقعت في الجنوب اللبناني “كانت في إطار الفعل ورد الفعل بين الجانبين، وظلت محصورة ضمن منطقة اشتباك لا تتعدى 5 كيلومترات، في حين أكد حزب الله أن جبهة الجنوب ستكون مُساندة لإعاقة تقدم القوات الإسرائيلية بشكل أكبر في غزة، ما يعني أنه لن يشارك مباشرة في هذه المعارك”.
ولفت العزي إلى، أنه “مع اندلاع عملية طوفان الأقصى، بدأ الحديث عن قواعد اشتباك جديدة يريد حزب الله فرضها، بالاستفادة من حرب غزة لشرعنة وجوده في الجنوب واستمرار المواجهات مع إسرائيل، في الوقت الذي يضع الجانب الإسرائيلي القرار رقم “1701”، في عهدة مجلس الأمن لتطبيقه، مع تأكيد العمل على إعادة المستوطنين ضمن “خطة آمنة”.
وأوضح أن “حرب 2006، أرست قواعد جديدة بإخراج حزب الله بعيدًا عن منطقة شمال الليطاني باعتبار أن الجنوب سيكون في عهدة قوات دولية بجانب الجيش اللبناني، لكن طوال الفترة السابقة كان هناك خرق واضح لاتفاق 1701 من الطرفين، إذ نفذت إسرائيل عمليات واستغلت الأجواء اللبنانية، في المقابل حاول حزب الله تجميع قواته بالجنوب ومحاولة استنهاض قواعد عسكرية مباشرة وجها لوجه مع القوات الإسرائيلية، لتصبح عودته للمنطقة أمرًا واقعاً”.