مهرجانات صيدا تعود لتطرب بحرها وقلعتها وجمهورها

اكثر من رسالة تحملها عودة مهرجانات صيدا السياحية هذه السنة بعد غيابها العام الماضي ، وقبله بين العامين 2019 و2023 ، وتكمل بها اللجنة الوطنية لمهرجانات صيدا الدولية مسيرة سنوات من الإنجاز والتميز والإصرار على نشر ثقافة الحياة التي تحولت شعاراً يلازم اللجنة منذ تأسيسها بمبادرة من السيدة بهية الحريري عام 1999 تحت شعار ” صيدا مدينة للحياة” ، واستمر مع اعادة إحياء المهرجانات بعد انقطاع في العام 2009 ثم في العام 2016 ايضاً بمبادرة من الحريري التي سلمت حينها قيادة ومهام اللجنة لهيئة إدارية شابة تضم مجموعة من السيدات والفتيات الناشطات اللواتي سطرن طيلة خمسة مواسم قصة نجاح للمهرجانات برعاية وزارة السياحة وبالتعاون مع بلدية صيدا وبدعم من فاعليات المدينة. من خلال تنظيم حفلات وأمسيات وفعاليات فنية وثقافية وتراثية وترفيهية مميزة ، واعادة وضع صيدا على الخارطة السياحية في لبنان عبر تسليط الضوء على ما تمتلكه من مقومات طبيعية وتاريخية وتراثية محفزة للنشاطين السياحي والاقتصادي .
الرسالة الأولى هي في التوقيت والظروف التي تنطلق فيها، تؤكد لجنة مهرجانات صيدا أهدافها من تنظيم هذه المهرجانات من تثبيت لموقع المدينة على الخارطة السياحية في لبنان وإبراز دورها كوجهة ومقصد من لبنان وخارجه لمحبي السياحة والفن والثقافة والتراث ، ومن توظيف لهذا الدور في تحريك النشاط الاقتصادي فيها وتنميتها ، الى تأكيد على إرادة الحياة والتوق لها لدى اللبنانيين ، وهو ما تعنيه إقامة هذه المهرجانات في ظل الظروف التي يمر بها لبنان والمنطقة من كونها تحدٍ لهذه الظروف وإصرار على الصمود بوجهها ، ومن كونها رسالة أمل وفرح بوجه كل أسباب الإحباط والجمود والتأثر بالأوضاع الأمنية .
الرسالة الثانية هي في المكان الذي اختارته لجنة المهرجانات لإقامتها فيه هذا العام عودة الى بحر صيدا وقلعتها بعد نسخة العام 2019 التي أقيمت أمام مدخلها ، لكن هذه المرة في موقع اكثر تقدماً في البحر على رصيف المرفأ القديم قبالة ميناء الصيادين ، لتمنح رواد المهرجان مشهدية بصرية تجمع بين الطبيعة وعلاقة المدينة بالبحر وبين مخزونها التاريخي والتراثي ممثلاً بواجهة المدينة القديمة ، وبين قلبها ووسطها النابض وبولفارها البحري الذي يضخ فيها حركة رواد وزوار وعابرين من والى الجنوب .
اما الرسالة الثالثة فهي في البرنامج الغني والراقي شكلاً والملتزم مضموناً ، لما يتسم به من غنى فني وثقافي ويتميز به من مشاركة متألقة لنجوم لبنانيين كباراً في عالم الموسيقى والغناء وما ستشكل من قيمة ثقافية وموسيقية مضافة اليه شراكة ومشاركة المعهد الوطني العالي للموسيقى ” الكونسرفتوار” برئاسة الدكتورة هبة قواس( ابنة صيدا) ، حيث ستقدم المهرجانات لأول مرة أمسية موسيقية غنائية استثنائية بعنوان “راجعين بلحن جديد” تتكامل فيها ابداعات وروائع أوركسترا وكورال ” الكونسرفتوار ” مع الصوت والأداء المتميز للفنان غسان صليبا. ويضيء المهرجان بليلته التالية بإطلالة هي الثانية لنانسي عجرم على جمهور مهرجانات صيدا وبحرها ، ويتوج في ختامه بحفل يحييه الموسيقار الكبير الفنان مارسيل خليفة الذي تربطه بصيدا أكثر من مجرد زيارات وصداقات، تربطه بها ذكريات وأغنية تحولت ايقونة ورسخت في ذاكرة أجيال ومناضيلن وهي اغنية ” يا بحرية هيلا هيلا ” .
اطلاق الموسم السادس
فبرعاية وزارتي السياحة والثقافة وبحضور وزيرة السياحة السيدة لورا لحود ومشاركة الموسيقار الفنان مارسيل خليفة، أطلقت اللجنة الوطنية لمهرجانات صيدا الدولية ، الدورة السادسة للمهرجان – صيف 2025، في لقاء عقد في خان الإفرنج في المدينة ، أعلنت خلاله رئيسىة اللجنة السيدة نادين كاعين عن موعد ومكان وبرناج المهرجان الذي سيقام في 6 و7 و 9 آب 2025 على رصيف مرفأ المدينة القديم بمحاذاة قلعة صيدا البحرية.
شارك في اللقاء: ممثل وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة مدير عام الوزارة الدكتور علي الصمد ، محافظ الجنوب الأستاذ منصور ضو ، رئيس بلدية صيدا المهندس مصطفى حجازي ، ممثلة رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى الكونسرفاتوار الدكتورة هبة القواس الإعلامية ماجدة داغر. وحضره : النائب الدكتور أسامة سعد ، ممثل السيدة بهية الحريري منسق عام تيار المستقبل في صيدا والجنوب الأستاذ مازن حشيشو ، ممثل النائب الدكتور عبد الرحمن البزري الأستاذ كريم البابا ، مدير عام مرفأ صيدا الأستاذ عماد الحاج شحادة، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها الأستاذ علي الشريف وفاعليات رسمية وامنية واقتصادية وبلدية وممثلون عن هيئات تراثية وثقافية واجتماعية وجمع من الإعلاميين. وكان في استقبالهم رئيسة اللجنة السيدة نادين كاعين والسيدات الأعضاء ” آية النقيب ، نهلة زيباوي، أماني البابا حجازي، نادين ترياقي الحريري ، آجيا داوود الحاج ، روان حجازي، وسمر شعيب عاصي “.
كاعين
استهل اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني، ثم رحبت كاعين بالحضور، وقالـت: هذا العام، تعود المهرجانات إلى البحر، إلى حيث كانت بدايات المدينة، إلى مساحة نابضة تطل على الواجهة البحرية، في جزء من المنطقة التي كانت تشكّل مرفأ صيدا القديم. من هناك، حيث حملت الأمواج يوماً أصوات البحّارة والتجار، سنُطلق أصوات الفرح والموسيقى، ونُعيد ربط المدينة بمياهها وتاريخها، في احتفال يجمع بين الجذور والآفاق. في تجسيد حيّ لعودة المدينة إلى دورها الطبيعي كملتقى للناس والحياة. وهنا تحديدا نخص بالشكر التعاون الكبير من قبل وزارة الأشغال و إدارة مرفأ صيدا . وشكرت كاعين كل من ساهم في إنجاح هذا الحدث – من داعمين، شركاء، إعلام، ومتطوعين . وختمت: هي صيدا تستحق الفرح والثقافة والحياة .أهلاً بكم مجدداً، ومنوعدكم بصيف لا يُنسى.
ثم أعلنت كاعين برنامج المهرجانات لهذا العام ويتضمن:
* مساء الأربعاء 6 آب : الأمسية الموسيقية الغنائية الإستثنائية “راجعين بلحن كبير”، تحييها الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق – عربية وكورال القسم الشرقي في الكونسرفتوار برئاسة الدكتورة هبة القواص في لقاء فني مميز مع الفنان الكبير غسان صليبا وبقيادة المايسترو أندريه الحاج .
* مساء الخميس 7 آب، حفل للفنانة المحبوبة نانسي عجرم، في أمسية تملؤها الفرح والحيوية.
* مساء السبت 9 آب، حفل للموسيقار الكبير مارسيل خليفة .
*وبالتوازي مع هذه الحفلات، تقام سوق للمأكولات تجمع مؤسسات محلية ومبادرات شبابية، في خطوة تهدف إلى تحريك العجلة الاقتصادية ودعم الطاقات المحلية.
لحود
واعتبرت وزيرة السياحة لورا لحود أنه ” في صَيدا، هذا الصَّيْف، مَهْرَجانٌ يَتَجاوَزُ بَرْنامَجَهُ الفَنّي.إِنَّهُ مَساحَةُ تَرْميمٍ مُجْتَمَعي، نُعيدُ فيها تَرابُطَ النَّسيج الاجْتِماعي الذي تَصَدَّعَ تَحْتَ ضَغْطِ الأَزَماتِ المُتَكَرِّرَة..”. وقالت : نَعْرِفُ جَميعًا أَنَّ هذِهِ اللَّحْظَة لَيْسَتْ سَهْلَة. مِنْ صَيْدا، نُطِلُّ عَلى قُرى لا تَزالُ في مَرْمى النِّيران، تَحْتَ سَماءٍ تَنْقُلُ رَسائِلَ خَطَرٍ وخَوْف. لكِنَّنا هُنا، تَحْتَ هذِهِ السَّماء، نَخْتارُ أَنْ نَرْفَعَ رُؤُوسَنا نَحْوَ النُّجوم، لا لِنَحْلَمَ فَقَطْ، بَلْ لِنَبْحَثَ عَنْ ضَوْءٍ يَدُلُّنا. ضَوْءٌ نَحْوَ تَضامُنٍ حَقيقي، نَحْوَ مُصالَحَةٍ مَعَ الذَّاتِ وَمَعَ الآخَر، نَحْوَ بَلَدٍ يَجْمَعُ أَبْناءَهُ بَدَلَ أَنْ يُفَرِّقَهُمْ. الفَنُّ وَالثَّقافَة هُما أَدَواتُ بِناء. وَهُما رِسالَةُ أَمَلٍ يُشْرِق وَيَسْتَقْبِلُ العالَم.
وختمت لحود : كُلُّ الشُّكْرِ لِلقائِمين عَلى هذا المَهْرَجان، وَلِكُلِّ مَن آمَنَ أَنَّ الفَرَحَ حَقٌّ، حَتَّى في لَحَظاتِ القَلَق. وَالشُّكْرُ لِمَنْ قَرَّرَ أَنْ يَحْتَفِل بِالجَنوب وَأَنْ يُكَرِّمَ صَلابَتَهُ، وَيُشَارِكَ في نُهوضِهِ. مِنْ صَيْدا، نَبْدَأُ طَريقَ العَوْدَة. عَوْدَةُ الجَنوب إِلى حَيَوِيَّتِهِ. عَوْدَةُ لُبنان إِلى الجَنوب. عَوْدَةُ الجَنوب إِلى خَريطَةِ الفَرَح.
الصمد
ونقل مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد “تحيات الوزير غسان سلامة وتقديره لمنظمي هذا المهرجان، ورأى أنه” في كل مرة تتحضر فيها البلاد لطي صفحة الحروب وتتهيأ لانطلاقة موسم سياحي وثقافي استثنائي، تأتي الوقائع لتذكرنا، وكيف لنا ان ننسى، ان منطقتنا منطقة حروب ونزاعات وأن علينا ان نتحضر للتعامل معها ومواجهة تحدياتها وتداعياتها كل من موقعه”. وقال : ونحن اليوم هنا من مدينة صيدا، نستلهم كل ما واجهته هذه المدينة من تحديات عبر تاريخها ، من محاولات تدمير واحراق وإلغاء، إلا انها وعلى الرغم من ذلك عرفت كيف تخرج أقوى مما كانت عليه وبصورة اجمل وأبهى مما كانت عليه. والصورة التي ارادتها صيدا لنفسها والتي يتميز بها ارثها الحضاري والثقافي الغني هي التنوع والانفتاح والتجدد والإبداع. وها نحن نعود لنلتقي هنا في صيدا لنعلن عن انطلاق مهرجاناتها السياحية والثقافية ولنؤكد ان الحياة تليق بهذه المدينة التي جعلت من الثقافة والفنون هوية لها، ولندعو جميع اللبنانيين والمغتربين وأشقائنا العرب وأصدقائنا من كل العالم للقدوم الى صيدا والتمتع بكل ما تقدمه المدينة من خدمات سياحية ونشاطات ثقافية غنية ومتنوعة.
خليفة
وسأل الفنان مارسيل خليفة في مستهل كلمته “هل من مكان اليوم للأغنية ، للموسيقى ، وسط هذا المشهد المرعب من الدمار والأنقاض والركام وبعد عشرات الوف الشهداء والجرحى واللاجئين ؟!. من يستطيع أن يعزف ويغني وهو يعيش في الموت ؟!. ذلك بالضبط هو الخلاص ، هو الرجاء ، أن نستطيع المضيّ حباً رغم الموت والحرب والوحشية والإبادة الروحية والجسدية ” . وقال نلتقي اليوم على وقع مهرجان صيدا ، نطير مع صهيل الذاكرة ونزداد شروقاً في هذا الليل كاللهب المتضرم يرتجف في شمس حزيران. انا مدين لصيدا بما لا تخفي من شغف في بحرها الأزرق. من هنا غنينا لمعروف سعد ” يا بحرية هيلا هيلا” من طعم ماء هذا البحر واصبحت على كل شفة ولسان.. وتكر الأيام واعود اليوم مثل البحار الى ” المينا” الى ارض اغنيتي لأواصل سرد الحكاية. اصابعي سأعلقها على مشارف الوتر لأكتب لصيدا جهراً بيان الحب.اعود اليكم كطائر فرح في هيمانه عبر البحر اعود خلف القلعة لأحط في ليل 9 آب بمهرجان صيدا.ننتظركم ونغمركم بكل حب.
ضو
وكانت كلمة للمحافظ منصور ضو فوصف ” صبايا لجنة مهرجانات صيدا بالفدائيات الذين اخذوا منذ عام 2016 على عاتقهم ان يسبحوا بعكس التيار، وتحدّي ان تقام مهرجانات في صيدا وأقيمت ، وكانت من انجح المهرجانات . وقال: مهما دعمناهم دائماً ، نشعر أن هناك تقصير سواء تقصير رسمي او تقصير شعبي. نوجه التحية لهم جميعا ونقول لهم نحن بجانبكم ومعكم ونتمنى من وزيرة السياحة ومن كل الرسميين الموجودين تقديم كل الدعم لمهرجانات صيدا لهذه اللجنة التي تقاتل كل يوم لتعيد تثبيت حضور صيدا وحقها بالفرح .
وتوجه ضو بنداء للبنانيين وللأشقاء العرب ، لزيارة صيدا التي كما بيروت وككل المناطق في لبنان تفتح يديها وقلبها وترحب بهم وننتظرهم هذا الصيف .
حجازي
واكد رئيس البلدية مصطفى حجازي أن “صيدا مدينة الحياة والتنوع والستة آلاف عام من التراث الحي التي تجمع بين عبق التاريخ وروح المستقبل ، تستقبلكم اليوم بقلب مفتوح وفرحة كبيرة” . وقال: نطلق اليوم مهرجانات صيدا الدولية لنعيد زرع الفرح في قلوب أهلنا ونحرك العجلة الاقتصادية من خلال دعم السياحة ، ونعيد الحياة لأسواق المدينة القديمة وشوارعها ومقاهيها ومرافئها. واعتبر هذه المهرجانات هي رسالة بأن صيدا قادرة رغم كل التحديات على ان تعود وتثبت حضورها وتظهر اجمل ما لديها من ثقافة وفن وضيافة تنظيم ، مؤكداً التزام بلدية صيدا بدعم هذه المبادرات التي تحمل وجه صيدا الحقيقي ، وجه الإنفتاح والتعاون والجمال.
كلمة الكونسرفاتوار
ونقلت ماجدة داغر للمنظمين والحضور تحيات رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى الدكتورة هبة القواس ألقتها واعتذارَها لتعذّر حضورها ومشاركتها، وقالت:ان لحظتنا هذه هي تتويجٌ لجهدٍ مشتركٍ ورؤيةٍ عميقةٍ تتخطى حدود الزمان والمكان.. وان المعهد الوطني العالي للموسيقى، بصفته المؤسسة الأم والحاضنة للموسيقى في لبنان، يُدرك تماماً مسؤوليته التاريخية. نمدّ أيدينا للتعاون مع كل المؤسسات الموسيقية والمهرجانات التي تشاركنا شغف إيصال هذه الرسالة النبيلة.. وهنا، في صيدا، تتجسد هذه الشراكة بأبهى صورها.. وتحلّ أمسيتنا الموسيقية الغنائية، التي نُقدمها بفخر، بمشاركة الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق – عربية بقيادة المايسترو أندريه الحاج، والكورال الشرق – عربي، برفقة قامة فنية لبنانية تمثل زمن الأصالة وتليق بشموخ المكان، الفنان الكبير غسان صليبا.. فلنجعل من هذه المهرجانات منارةً تُضيء دروب الثقافة والفن في صيدا وكل لبنان. ولنجعل من صيدا، دائماً وأبداً، نموذجاً حياً لإيصال الموسيقى للجميع.
وتخلل اللقاء عزف من طلاب المعهد الوطني للموسيقى بقيادة السيد درغام غطاس.

