
نظم اهالي بلدة النبي شيت وقرى الجوار استقبالا حاشدا للاسير المفرج عنه السيد احمد السيد محمد شكر، الذي وصل الى منزل العائلة في البلدة في الساعة الثالثة من بعد ظهر امس، بعد ان قضى ليلته في الدبية .

وكان قد نظم للاسير شكر حفل استقبال في بلدة صور، قبل ان يهمس باذنه احد عناصر استخبارات الجيش اللبناني قائلا له: “اذهب لترتاح من عناء ومشقة السجن، وعد الينا يوم غد للتحقيق”، الذي لم ينته الا في ساعات متأخرة، وعاد ليبيت ليلته في الدبية قبل ان يأتي الى منزل العائلة في النبي شيت .
وفي النبي شيت نحرت الخراف وعلت الزغاريد، ونثرت النسوة الارز احتفاء بوصوله بعد 45 يوما من الاسر والتعذيب والتحقيق في سجون الاحتلال .
وكان شكر قد اختطف من المواقع الامامية المواجهة للعدو من بلدة حولا، ليتنقل بعدها بين اربعة سجون قبل ان يفرج عنه .
“الديار” واكبت الزيارة منذ لحظة وصول شكر الى منزله، ورصدت كل تفاصيل سجنه وعذاباته .
شكر دفعه واجبه الوطني ان يكون إلى جانب اهله من أبناء الجنوب، ليشاركهم فرحة عودة وتحرير ما تبقى من مناطق وقرى جنوبية محتلة، وكان من خلال توجيه دعوة الى الاتجاه جنوبا بعد انتهاء هدنة 60 يوما، لما تشكله هذه العودة الدرع الحامي للبنان، من اجل مرافقة أهل الجنوب بالعودة إلى قراهم وبلداتهم ،كانت الدعوة من منبع وطني خالص غير محصور بمنطقة بعينها
وقال شكر: “كانت مبادرتي بان اكون اول الحاضرين الى أرض الجنوب، الذي يعني انه درة الوطن وعنوان كرامته وهو المطل على فلسطين لذلك، من اجل ذلك اتجهت جنوبا وواكبت اهلي الى أطراف بلدة حولا، وكنت في مقدمة هذه المسيرة، وبعدها حصل ما حصل وحوصرنا من قبل العدو، وتم اقتيادنا الى مركز الحولا، ومن ثم الى مركز العباد، وهو اشبه بترسانة عسكرية وثكنة اشبه بمعتقل، وكأنها جهزت بان تكون معتقلا، وهذا ما تلمسته خلال نقلي داخل المركز، وهو اشبه بمغارة كبيرة يتألف من عدة طوابق تحت الارض”.
اضاف: “تعرضت عندها الى تحقيق اولي كان فيه الكثير من التعذيب والتهديد والتعنيف، لكن ذلك لم يؤثر في ارادتي. ولم تشفع لي لبنانيتي واستقلاليتي وناشط سياسي مرشح للانتخابات النيابية الماضية، وما دفعني هو احساسي انتمائي لهذا البلد”.
وتابع : “لم يتقبل العدو اي من هذه الأفكار، فسؤاله لي كان كيف لك وانت ابن البقاع ان تأتي الى الجنوب، قلت له انا البقاعي من الجنوب، واصالتي البقاعية تحتم علي بأن اكون الى جانب اهلي في الجنوب، فكيف بي اذا كنت من اصولي الجنوبية. وقلت لهم لو كان الأمر في عكار او في كسروان او جبل لبنان او الشوف، لما توانيت للحظة واحدة عن القيام بواجبي”.
وقال: “نقلت بعدها الى مكان كنت اجهله، فتبين لي بعد عشرة ايام انني في سجن الناصرة، وهناك تعرضت للتعذيب والتهديد والباقي معلوم”… احتجزت هناك في زنزانات العدو حتى التاسع عشر من شهر شباط، وفي يوم اربعاء وبتحقيق مفاجىء معي، قيل لي انني سأبقى هناك لمدة خمس سنوات في سجون العدو، للضغط علي كوني مرشحا سابقا في الانتخابات النيابية، ومن المتوقع ان اعيد ترشيحي لحرماني من الترشح”.
اضاف: وقال لي العدو اذا اردت ان تكون مرشحاً عليك ان تتجاوب معنا، لانك ستبقى محتجزاً لخمس سنوات، قلت لهم اصبحت ورائي الانتخابات، واذا احتجزت هنا فلي من العمر شهرين فقط، فالانتخابات لم تعد في بالي، وبعد هذا الجو من محاولات الضغط الذي مورست عليّ، تم نقلي الى مكان آخر، فوجئت بإخوة لم اكن لالتقي بهم من قبل، خاصة من هم كانوا معي في الزنزانة وهم ١٧ شخصاً، ٤ منهم من التابعية السورية و ١٣ لبنانياً .
وتابع: “نقلنا الى مكان قضينا به مدة ساعة ونصف الساعة في آلية عسكرية، ثم الى ما سمي بسجن عوفر، وهذا ما عرفناه من خلال شركائي في السجن الجديد، وهناك وايضاً تعرضنا للتعذيب وللتحقيق والترهيب، وهناك من كان معزولاً ومن كان في وضع انفرادي”.
وقال: “في سجن الناصرة حضر في بالي موقف عندما اتى الينا شاويش مركزي يتحرك بين الزنزانات، وهو عقيد فلسطيني من غزة مسجوناً معنا، جاءنا ببضع كسرات من الخبز من حصة المساجين الفلسطينيين في بعض الزنزانات من اهلنا في غزة، ضحوا بحصتهم اكراماً لنا كسجناء لبنانيين . وما قاموا به يعبر عن نبل فلسطين وغزة والضفة ونبل كل شعب فلسطين، قلت له سلم عليهم وقل لهم اليوم تقاسمنا الخبز والاسر والتعذيب ،وسننتصر معاً بإذن الله” .
اضاف: “ومن عوفر الى سجن آخر مع ١٧ سجيناً، وكنا على مقربة من المسجد الاقصى، استحضرت الرمز الكبير السيد حسن نصر الله الذي لم آتِ الى منزلي، قبل زيارة الاب الاكبر في هذه المسيرة السيد الشهيد حسن نصرالله. ووليت وجهي شطر ضريحك يا ابا هادي وجئت لاقول انني وليت العهد والميثاق، نعم انا لست منتمياً لاي حزب، وهذا ما ادليت به في التحقيقات، لكنني انتمي الى فكر ومدرسة مقاومة التي نحن اهلها وناسها وجمهورها ودرعها الحامي. ووفيت نذري بتقبيل قدماي والدي ووالدتي”.
وختم معبراً عن فرحته قائلاً “جئت من العتمة الى النور، ومن الجهل الى العلم، هذا لبنان بلد الحضارة ولبنان المنارة، نحن درة تاج هذا الشرق، لبنان مدرسة للعيش والتعايش، وسيبقى انموذجاً مهما كان الكلام ولم يؤثر بي ما سمعته من كلام مسيىء الى لبنان، فلبنان هو منارة وحضارة وفكرة لا تموت”.