أخبار سياسية

وزير الخارجية: سلاح الحزب لا يمكن أن يكون الحل

المصدر: النهار

حرص وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي منذ تولّيه مهماته في الحكومة الجديدة على اعتماد المصارحة في إعلان موقف لبنان الرسمي من التحدي الأول الذي يواجه العهد الجديد، مبتعداً عن لغة المداورة، ما وضعه في مواجهة مباشرة مع “حزب الله” في مقاربة سلاح الحزب قبل اتفاق وقف النار وبعده.

لقد أبرز السجال في هذا الشأن بين رجي والأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في رده على الأول، ومن ثم رد حزب “القوات اللبنانية” على الثاني، حجم الهوة في كل ما يتعلق بدور الحزب ومسؤوليته اليوم في منع تكرار تجربة “حرب الإسناد”، وتوريط البلد في مواجهة جديدة من خلال اعتبار أن خرق إسرائيل لاتفاق وقف النار يبرر للحزب العودة إلى العمل العسكري خلافاً لما التزمه قاسم نفسه عندما أعلن وقوف حزبه تحت سقف اتفاق الطائف واحترام الدولة ومؤسساتها.

مخاوف وزير الخارجية لا تأتي من عبث، هو الذي بات على رأس الديبلوماسية اللبنانية والقيّم على السياسة الخارجية بناء على توجهات العهد الجديد والحكومة المنبثقة منه.

يستغرب رجي في حديثه إلى “النهار” رد فعل قاسم على كلامه، متسائلاً هل صار قول الحقيقة ورسم صورة الواقع صادماً إلى هذا الحد؟ والحال أن الدولة التي التزمت في خطاب القسم أو البيان الوزاري تحمل مسؤوليتها في تحرير الأراضي اللبنانية وبسط سلطتها كاملة، تعتزم القيام بذلك فعلاً لا قولاً. وهذا يتطلب اعتماد الخيارات المتاحة أمامها باللجوء إلى الضغط السياسي والديبلوماسي، في ظل عدم وجود خيارات أخرى.

يعتبر رجي أن الخيار الآخر الذي يريده الحزب، أي العودة إلى “ما يسمى مقاومة قد أوصلنا إلى الوضع الذي نحن فيه. وإذا كانت تلك المقاومة في أوج قوتها قد عجزت خلال حرب الأسناد التي أطلقتها عن منع إسرائيل من احتلال أرضنا في الجنوب وخرق أجوائنا وسيادتنا وتنفيذ اغتيالاتها وتدميرها بلدات وقرى جنوبية وصولاً إلى العاصمة، فهل هي قادرة اليوم على ذلك؟”

ويرى أن “سياسة النعامة التي يعتمدها الحزب لن تنقذ لبنان الخاضع لضغط دولي هائل يربط أي مساعدات أو تمويل بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة”. وإذ يدعو من لديه خيارات أفضل من خيار الدولة إلى التقدم به، يؤكد أن “الخيار الآخر والوحيد المتاح اليوم هو ترك الدولة تعمل وعدم المزايدة عليها بمواقف لن تدفعها إلى التراجع عن تحمل مسؤوليتها، رغم كل ما نسمعه من إثارة هواجس العودة إلى الحرب الأهلية، لأن الحرب تحتاج إلى فريقين على الأقل، وهذا الأمر غير وارد، مع قرار القوى السياسية الانخراط في الدولة، والعمل السياسي من خلالها”.

ولدى سؤاله عن خلفيات قرار وقف النار وعدم التزام أي من الفريقين المعنيين تطبيقه، يجيب رجي بالدعوة إلى “العودة إلى المرحلة التي سبقت توقيع الاتفاق، ليذكر بأن الحزب ناشد الدولة الاتفاق على القرار وتوقيعه، واطلع على كل مندرجاته وبنوده وبالتالي ما يرتبه على الدولة من إجراءات، وعلى الحزب من التزامات، لكن يا للأسف، لم نر أي التزام من أي من الفريقين، ما أعاد ذريعة الاستمرار في الاعتداءات إلى كليهما. فإسرائيل تبرر بقاءها في النقاط التي تحتلها بأنها لن تخليها قبل نزع سلاح الحزب وإمساك الجيش اللبناني بزمام السيطرة على الأرض. في المقابل، يبرر الحزب عودته إلى ما يسميه مقاومة وحمل السلاح بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي، رغم القرار الواضح للدولة نزعه والتزام تسليم سلاحه إلى الجيش”.

ماذا لدى الدولة من مقومات لتنفيذ قرار وقف النار والـ١٧٠١؟ يجيب رجي بأن “الدولة لا تملك اليوم إلا تنفيذ التزاماتها، وممارسة أقسى الضغوط والمساعي الديبلوماسية مع الدول المعنية للضغط على إسرائيل للانسحاب. ولكن على الحزب دور كبير ومسؤولية في مساعدة الدولة، وليس تقديم الذرائع التي تزيد الضغط الدولي على لبنان وتحرم اللبنانيين الدعم المالي لإطلاق مشروع إعادة الإعمار. وعلينا هنا أن نعترف بأنه كلما تأخرنا في تنفيذ تعهداتنا، زادت الضغوط، وارتفعت الكلفة واضطررنا إلى القبول بشروط أقسى. فانتشار الجيش في جنوب الليطاني لا يعتبر بالنسبة إلى الخارج كافياً لأنه لا يبقى ناقصاً ما لم يستكمل بالانتشار في شماله، كما ينص اتفاق وقف النار الذي يقرأه الحزب بطريقة مغايرة”.

وإذ يبدي رجي استغرابه للاتهامات التي سيقت له بأن وزارة الخارجية لا تقوم بدورها، يدعو إلى استعادة كل مواقفه وخلاصة اللقاءات التي يعقدها مع السفراء، حيث يكرر في كل بيان او موقف تأكيد ثوابت الانسحاب الفوري والكامل وغير المشروط لإسرائيل.

ويخلص إلى القول إنه إلى جانب دور الدولة والديبلوماسية في الضغط، ثمة دور مهم يكمن في ضرورة فتح قنوات الاتصال مع الحزب، كما من خلال رئيس المجلس نبيه بري الذي كان له دوره في التوصل إلى اتفاق وقف النار من أجل التعاون مع الحكومة وتسهيل دورها. فالحكومة تقوم بدورها في الشق المتعلق بتنفيذ القرار الدولي واتفاق وقف النار، وعلى الحزب أن يقوم بالمثل لأن مصلحة البلاد العليا وتجنيب اللبنانيين الأخطار تقتضي تسليم السلاح وتولي الجيش مسؤولياته في حفظ الأمن وسيادة الدولة على كامل أراضيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى