قتلَ الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في جنين، شمال الضفة الغربيّة، في أحدث هجوم على المدينة، بعد هدوء نسبي أعقب سلسلة دامية من الهجمات في الضفة، منذ بدء الحرب في قطاع غزة، يوم السابع من تشرين الأول العام الماضي.
وأبلغت الهيئة العامة للشؤون المدنية وزارة الصحة الفلسطينيّة بـ”استشهاد 3 شبان برصاص الاحتلال قرب قباطية، وهم: رائد حنايشة (24 عاماً)، وأنور سباعنة (25 عاماً) وسليمان طزازعة (32 عاماً) بعد محاصرة أحد المنازل في مثلث الشهداء بجنين”.
واقتحمت قوات إسرائيليّة المدينة، ثم حاصرت منزلاً تحصّن فيه الشبان، قبل أن تندلع اشتباكات استخدم فيها جيش الاحتلال صواريخ محمولة وجرافات. وأظهرت مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، إطلاق الجنود الرصاص على فلسطينيّين هناك، وهدم أجزاء من منازل في العمليّة الواسعة في جنين التي خلَّفت خراباً كبيراً وتجريفاً واسعاً للبنى التحتية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنّ “قوات الجيش استخدمت أسلوب طنجرة الضغط”، وقتلت المسلّحين في المنزل. و”طنجرة الضغط” تكتيك عملياتي متعدّد المراحل، يتّبعه الجيش لاعتقال أو قتل أي شخص متمترس داخل منزل، ويقوم على إحكام الحصار على المنزل، ثمّ استخدام قوّة متدرجة ومفرطة تنتهي بتدمير المنزل على رأس المقاومين.
ونعت سرايا القدس- كتيبة جنين، التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، الشبان القتلى في جنين، وقالت إنّها “ستبقى ثابتة على درب الجهاد والمقاومة حتى التحرير والعودة”.
وصعَّدت إسرائيل عمليّاتها في الضفة منذ السابع من تشرين الأول العام الماضي، وقتلت أكثر من 760 فلسطينياً واعتقلت آلافاً، وسط عمليات متبادلة.
وأطلق جنود الجيش الإسرائيليّ، اليوم، كذلك باتجاه شاب عند حاجز مخيم شعفاط في مدينة القدس. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إنّه “تم إطلاق النار على فلسطيني عند مدخل مخيم شعفاط شمال القدس، بعد محاولته تنفيذ عملية طعن”.
وقال شهود عيان إنّ “القوات الإسرائيليّة أطلقت الرصاص باتجاه أحد الشبان خلال وجوده عند حاجز مخيم شعفاط في القدس، وبعد وقوعه أرضاً وعدم قدرته على التحرك أحاط به الجنود ووجهوا أسلحتهم صوبه. وأغلقت القوات الإسرائيليّة حاجز المخيم أمام حركة المركبات والحافلات والمشاة، ومنعت الدخول إلى المخيم أو الخروج منه”.
كما اعتقلت قوات الاحتلال 12 فلسطينياً على الأقل من الضّفة بينهم أطفال وأسرى سابقون.
وأوضحت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، في بيان، أنّ “عمليات الاعتقال توزعت على محافظات: الخليل، وقلقيلية، وجنين، ورام الله، وطوباس، وطولكرم”. وحسب البيان، فإنّ “حالات الاعتقال منذ بدء حرب الإبادة المستمرة والعدوان الشامل؛ بلغت أكثر من 11 ألفاً و700 مواطن من الضَّفة، بما فيها القدس”. وتشمل المعطيات المعتقلين من الضفة دون غزة، والتي تقدر أعدادهم بالآلاف.
وتضغط إسرائيل على الضفة الغربية بطريقة أضعفت السلطة الفلسطينيّة، بينما بدأت تخطط لضمّ أجزاء واسعة منها، بعد فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات. وأعلن قادة إسرائيل، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عن أنّهم ينوون فرض السيادة الإسرائيليّة على الضفة الغربيّة العام المقبل، مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وعملياً، ثمة خطة جاهزة في إسرائيل، منذ العام 2020، تستهدف فرض السيادة على مناطق واسعة في الضفة، وليس كل الضفة، ويشمل ذلك منطقة الأغوار الحدودية، وجميع المستوطنات في المنطقة “ج”. وتشكل المنطقة “ج” ثلثي مساحة الضفة الغربيّة، بما في ذلك منطقة الأغوار التي تضم كثيراً من المستوطنات. وتبلغ مساحتها 28% من مساحة الضفة. واحتفت إسرائيل بترامب وفريقه، باعتبارهم منحازين لها بشكل حاد، ويؤيدون عملية الضم. لكن الضغط على السلطة الفلسطينيّة سياسيّاً وأمنيّاً وماليّاً متواصل منذ أعوام، حتى قبل وصول ترامب إلى الحكم. ويُعتقد أنّ تطبيق الضمّ ستكون له تداعيات غير مسبوقة على وظيفة السلطة وحضورها وبقائها.
وزادت إسرائيل الضغط، الثلثاء، على السلطة عبر حكم أصدرته المحكمة المركزية في القدس، رأى أنّ “السلطة الفلسطينيّة ومنظمة التحرير الفلسطينية ملزمتان بتعويض ضحايا هجوم مطعم سابارو في القدس العام 2001 بعشرات الملايين من الشواقل”، مستندةً إلى “حقيقة الأموال التي تحوّلها السلطة إلى أهالي المعتقلين الأمنيين على مر السنين”، وقالت القناة 12 الإسرائيليّة إنّ “الحكم يمهِّد لتعويضات ضخمة لأُسر قتلى 7 تشرين الأوّل”.
وصدر الحكم الذي وصفته القناة بالتاريخي بوصفه جزءً من دعويين قضائيتين رفعهما أهالي قتلى الهجوم في القدس وعائلاتهم، في عمليّة قانونيّة استمرت أكثر من 20 عاماً.
واستندت المحكمة المركزيّة في قرارها إلى حكم المحكمة العليا لعام 2022 الذي ينص على أن السلطة الفلسطينيّة متواطئة بالهجمات التي يسببها المنفذون؛ لأنّها تدعم ماليّاً أفراد عائلات المعتقلين الأمنيّين.
وأشار القناة 12 إلى أنّ “معنى الحكم هو أنّه تم الآن وضع سابقة، إذ يمكن لضحايا الأعمال العدائية وعائلاتهم، بما في ذلك ضحايا مجزرة 7 تشرين الأوّل، المطالبة بتعويض من السلطة الفلسطينيّة، يصل إلى ما يقرب من 10 ملايين شيقل للشخص المقتول”.
ومنذ العام 2018، تقوم إسرائيل بخصم من الأموال المخصصة للسلطة الفلسطينية كل شهر لأسباب مختلفة، وسيتم خصم تعويض العائلات من هذه الأموال، كون هذه الصناديق حالياً مشمولة بأمر حجز من وزارة المالية الإسرائيلية. وفي حزيران الماضي أمر وزير الماليّة الإسرائيليّ بتسلئيل سموتريتش بمصادرة 139 مليون شيقل (40 مليون دولار) من أموال المقاصة، وتحويلها إلى 28 عائلة إسرائيليّة رفعت قضايا ضد السلطة الفلسطينيّة، تطالب بتعويضات عن مقتل أفرادها.
وتعاني السلطة من أزمة ماليّة حادة منذ أكثر من عامين، تمنعها من دفع رواتب كاملة لموظفيها، وتغرقها في ديون واسعة.