مدمراتٌ وقاذفات… واشنطن تعزّز قوتها في الشرق الأوسط
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، أمس الجمعة، أن وزير الدفاع لويد أوستن قرر تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، عبر إرسال قاذفات قنابل ومقاتلات وسفن حربية إضافية. ويأتي هذا القرار بعد نحو أسبوعين من نشر منظومة “ثاد” لاعتراض الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى في إسرائيل.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، الميجور جنرال بات رايدر، في بيان، إن أوستن أمر بنشر عدة طائرات قاذفة من طراز “بي-52 ستراتوفورتريس” وسرب من المقاتلات وطائرات التزود بالوقود ومدمرات بحرية في المنطقة. ووفقًا للبيان، ستبدأ القوات الجديدة بالوصول خلال الأشهر المقبلة، في حين ستبدأ حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن” في العودة إلى الوطن بعد مغادرتها المنطقة.
وأضاف رايدر أن قرار أوستن يظهر “قدرة الولايات المتحدة على الانتشار في جميع أنحاء العالم في غضون مهلة قصيرة لمواجهة تهديدات الأمن القومي المتطورة”. كما شدد على أن الولايات المتحدة “ستتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبنا” في حال استهداف مواطنين أميركيين أو مصالح أميركية في المنطقة، وذلك في إشارة إلى احتمالية استهداف إيران أو شركائها.
تأتي هذه التحركات العسكرية في خضم تصاعد النزاع في الشرق الأوسط بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، وحزب الله في لبنان. كما شهدت المنطقة مؤخراً ضربات متبادلة بين إسرائيل وإيران، حيث كانت الأخيرة قد هددت بالرد على الهجمات التي يُعتقد أنها ألحقت أضرارًا جسيمة بمصانع صواريخ إيرانية.
وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام إيرانية رسمية عن الزعيم الأعلى الإيراني، علي خامنئي، قوله إن الولايات المتحدة وإسرائيل “ستتلقيان بلا شك ردًا ساحقًا” على ما وصفه بالأعمال العدائية ضد إيران. ووفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز”، أفاد ثلاثة مسؤولين إيرانيين بأن خامنئي أمر المجلس الأعلى للأمن القومي بالاستعداد لمهاجمة إسرائيل، بعدما تلقى تقريراً عن حجم الأضرار التي لحقت بقدرات إيران الصاروخية وأنظمة الدفاع الجوي والبنية التحتية الحيوية للطاقة.
كشفت البنتاغون عن أن حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن” وثلاث مدمرات بحرية تابعة لها ستغادر الشرق الأوسط بحلول منتصف الشهر الجاري، لتعود إلى مقرها في سان دييغو بكاليفورنيا. وسيترك ذلك المنطقة دون تواجد حاملات طائرات أميركية لفترة من الزمن، وفقاً لمسؤولين أميركيين، ما يُعتبر تقليصًا في القوة البحرية الأميركية هناك، إذ إن حاملات الطائرات الأميركية التي ترافقها مدمرات وسفن حربية مسلحة تُعد رادعًا فعالًا، خاصة ضد إيران.
ولتغطية الفجوة التي ستتركها مغادرة “لينكولن”، أمر أوستن بنشر مدمرات بحرية إضافية قادرة على إطلاق صواريخ باليستية، على أن تنتقل هذه القطع البحرية من المحيطين الهندي والهادئ أو من أوروبا، حسبما أفاد مصدر أميركي. كذلك، من المتوقع أن تنتقل حاملة الطائرات “يو إس إس هاري ترومان” وثلاث سفن حربية تابعة لها إلى البحر الأبيض المتوسط، لكنها لن تصل قبل مغادرة “لينكولن”.
وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن إضافة الطائرات القاذفة، مثل “بي-52” القادرة على حمل أسلحة نووية، ستعزز من القدرات القتالية الأميركية في المنطقة. وتعدّ هذه هي المرة الثانية خلال الشهر الجاري التي ترسل فيها الولايات المتحدة قاذفات لتعزيز الدفاعات الأميركية في الشرق الأوسط، حيث سبق أن استُخدمت قاذفات “B-2” الشبحية لضرب أهداف تابعة للحوثيين في اليمن الشهر الماضي.
تحرص الولايات المتحدة على دعم إسرائيل في مواجهة تهديدات إيرانية متصاعدة، حيث تواصل واشنطن ضغوطها لتحقيق وقف إطلاق النار، مع تأكيدها على الدفاع عن المصالح الأميركية ووجود الحلفاء في المنطقة، بما في ذلك من الهجمات الحوثية المحتملة على السفن في البحر الأحمر.
وكانت الضربات الأخيرة التي نُفذت على مصانع الصواريخ الإيرانية في طهران قد أسفرت عن أضرار كبيرة في مواقع استراتيجية، بما في ذلك الدفاعات الجوية والبنية التحتية للطاقة، ما تسبب في توتر إضافي بين الولايات المتحدة وإيران.
ومع التصعيد المستمر، يبقى الوضع في الشرق الأوسط على صفيح ساخن، مع احتمال وقوع مواجهات جديدة في أي لحظة، ما دفع واشنطن إلى اتخاذ قرارات سريعة لتعزيز وجودها العسكري، في خطوة تشير إلى حجم المخاطر التي تواجهها في ظل تطور الأوضاع الأمنية في المنطقة.